رحمك الله يا دكتورة نورة النعيم

  • 8/31/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ليس هناك أشد إيلامًا على النفس من أن تتلقى نبأ وفاة إنسان عزيز عليها، خاصة أن هناك قواسم تجمع بينهما شملت الزمان والمكان، كالتخصص في العلم، فالعلم رحم بين أهله، والزمالة في العمل، والصداقة العميقة، فكل جانب من هذه الجوانب كفيل بحد ذاته بالشعور بالمرارة والأسى والفقد في القلب. لا أعرف من أين أبدأ وكيف أبدأ؟ يرتجف قلمي، وتدمع عيني، وأجد غصة في الحلق وأنا أكتب عن الغالية دكتورة نورة عبدالله النعيم، فقد أثارت فاجعة رحيلها انحسارًا لمدد الرفقة الجميلة الحسنة وانطفاء لشمعة نبل إنساني قل أن نجده في هذه الدنيا، اجتمع فيها النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق، تركت الدنيا وهي أحسن مما وجدتها وهذا عزاء لنا، وأي عزاء. عرفتها عن قرب من سنوات قليلة حين التحقت بقسم التاريخ في جامعة الملك سعود، كانت نعم الأخت ونعم الزميلة ونعم الصديقة، حسنة المعشر في كل أحوالها، وصدق من قال "إن الصداقة ليس بعدد السنين، وإنما بالمواقف والمحبة، كانت أيقونة البذل والعطاء والتسامح مع زميلاتها وصديقاتها وطالباتها، وقد وقفت على كثير من مواقف إحسانها ودعمها ومساندتها المالية والمعنوية لأشخاص لا تعرفهم، ابتغت فقط وجه الله تعالى في ذلك، هذا فضلاً عن مبادرتها بتأسيس جائزة معالي الدكتور عبدالله النعيم، قيمتها مئة ألف ريال سعودي لجمعية التاريخ والآثار لدول الخليج العربي لخدمة تاريخ الجزيرة العربي وآثارها. كان آخر تعاون بينا مشاركتنا في مناقشة المعيدة بالقسم أ. سامية العتيبي، وكان من المفترض أن تناقش الطالبة إحدى طالباتي ممن أشرف عليهن، ولكن الموت حق لا ريب منه، حصد بمنجله روحها التي كانت سنبلة تشبع طالباتها وزميلاتها وكل من عرفها علماً وخلقًا كريمًا، تاركة وراءها أثرًا عظيمًا من العلم والخلق الرفيع، ستظل الأجيال تنهل من بحره الزاخر، وتستظل بفيئه الوارف. مهما كتبَنا من كلمات الرثاء ومهما سطّرنا من حروف حزينة باكية لن نوفي الراحلة الدكتورة نورة النعيم حقها فيما قدمته من عطاء ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل طلب العلم ونشره، فهو غيض من فيض، رحلت بجسدها وستبقى ذكراها عطرة وخالدة في قلوبنا ووجداننا، وستظل موجودة بيننا بفكرها وآراءها وكتبها، شاهدًا على كل ما قدمته في خدمة العلم والتعليم والإنسان والوطن. الخط يبقى زمانًا بعد كاتِبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفونًا والذكرُ يبقى زَمانًا بعد صانِعِه وخالد الذكر بالإحسان مقرونا. وفي النهاية لا أجد ما أقوله سوى: رحمك الله يا نورة، وتقبلك بواسع رحمته في فسيح جناته، وألهم بناتك وذويك الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون"

مشاركة :