أجمع مراقبون إسرائيليون أن رئيس الوزراء نفتالي بينيت، حقق المطلوب وحصل على ما يريد من زيارته لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن، على الرغم من التوقيت السيء للزيارة. والتقى بينيت مع بايدن يوم الجمعة بعد تأخير لمدة 24 ساعة في الموعد المحدد لاجتماعهما على خلفية تفجيرات كابول، التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 13 جنديا أمريكيا. ورأى مراقبون أنه في الاجتماع الذي استمر 50 دقيقة بين الطرفين كانت هناك مؤشرات جيدة تمنح زيارة بينيت الأولى علامة عالية وتتسم بأنها حققت الكثير من الأهداف. وقال الكاتب والمحلل السياسي ألون بنكاس لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كان لقاء الرجلين جيدا كلقاء أولي، كل المواضيع المتوقعة طرحت، وتعهدا بكل الالتزامات". وأضاف بنكاس "تحدث الطرفان عن صفحة جديدة في العلاقات وعن وباء كورونا والتطعيمات وعن الحاجة إلى السلام والأمن لإسرائيل والفلسطينيين وعن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري، وعن الصداقة والتحالف بين الدولتين وعن إعفاء الإسرائيليين من الحاجة إلى تأشيرة لدخول الولايات المتحدة والملف الإيراني". وخلال اللقاء، أكد الرئيس الأمريكي أن إيران لن تحصل على سلاح نووي، وأن هناك خيارات أخرى إذا لم تنجح الطرق الدبلوماسية، وهو ما أثنى عليه بينيت. وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت إن "الولايات المتحدة تسعى جاهدة للعودة إلى الاتفاقية النووية مع إيران بينما تعتقد إسرائيل أن الاتفاقية بصيغتها الحالية سيئة"، مضيفا "قرر بينيت بالفعل عدم الدخول في مواجهة علنية بشأن هذه القضية، إذ إنه يعلم أن المواجهة لن تفيد". ورأى بن كاسبيت أن بينيت تعلم الدرس فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني من واقع دخول نتنياهو في مواجهة علنية مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، حيث تم توقيع الاتفاقية في عام 2015 على الرغم من معارضة إسرائيل. وفي عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران والدول الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا). وفي يونيو الماضي اختتمت جولة سادسة من مفاوضات العودة للاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى في العاصمة النمساوية فيينا. ورغم التصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي، ما تزال هناك علامات استفهام حول سياسة الإدارة تجاه إيران في الأشهر القريبة. إذ لم يدع بايدن مكانًا للشك بأن ادارته تفضل العودة إلى الاتفاق النووي من أجل وقف تقدم برنامج إيران النووي. لكن في واشنطن أيضًا، كلما انقضى الوقت تزايدت الشكوك بشأن فرص حدوث ذلك، وكذلك أيضًا بشأن الجدوى الكامنة في العودة في حال كانت إيران قد تقدمت كثيرًا. وقال بن كاسبيت لـ(شينخوا) إن أولى مهام بينيت خلال زيارته لواشنطن كانت هي محاولة رأب الصدع بين البلدين "بعد أن دمر نتنياهو كل جزء من علاقة إسرائيل بالحزب الديمقراطي". وأضاف "ما نجح نتنياهو في إحداثه هو ضرر استراتيجي هائل لمصالح إسرائيل الحيوية، وهو ما يحاول بينيت تقليله الآن". وفي أول تصريح لبايدن خلال لقائه مع بينيت، قال إنه "أصبح ورئيس الوزراء بينيت صديقين، أنه يقود أكثر الحكومات تنوعا في العالم". ورأى بن كاسبيت أنه هنا تكمن أهمية زيارة بينيت، قائلا "لقد قام (بينيت) بإنشاء علاقة شخصية حميمة ودافئة للتعاون مع أقوى رجل في العالم"، موضحا أن المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق. وأوضح بن كاسبيت أن العلاقة الشخصية "ضرورية لمحاولة إنقاذ شيء ما من الحريق الذي التهم بعض الأصول الاستراتيجية لإسرائيل في الولايات المتحدة، وهو حريق أشعله سلف بينيت في منصبه". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قال قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية "هناك حكومة جديدة في الولايات المتحدة وحكومة جديدة في إسرائيل، وأنا أحمل معي من القدس روحًا جديدة من التعاون، وهذا يعتمد على علاقة خاصة وطويلة الأمد بين البلدين". وقالت الكاتبة الإسرائيلية لاهف هاركوف "توجه بينيت إلى واشنطن، وهو يحمل في جعبته روحا جديدة على حد تعبيره، والطرفان لا يريدان زعزعة الشرق الأوسط أو الائتلاف الحاكم في إسرائيل، فيبتسمان ويتصافحان ويوافقان على الاختلاف". وتابعت هاركوف لـ(شينخوا) "لا يريد شركاء التحالف في إسرائيل ولا بايدن عودة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، إلى سدة الحكم، لذا فهم على استعداد لقبول الكثير من الاختلافات". وأضافت هاركوف أن بحرص بينيت على إظهار أن لديه مهارات دولية يسهل على بايدن العمل معه أكثر من سلفه نتنياهو. ويريد بايدن الهدوء على الجبهة الإسرائيلية سياسيا وعسكريا ليس فقط من منطلق رغبته في رؤية حليف لأمريكا يعيش بسلام، ولكن ليس عليه أن يفكر كثيرا في إسرائيل مع كل شيء آخر يحدث، حيث لم تكن إسرائيل أبدا العنصر الأول في قائمة مهام بايدن، إذ كانت أجندته محلية في المقام الأول وأولوياته الدولية في مكان آخر. وأوضح بينيت قبل رحلته إلى واشنطن أن ائتلافه الحاكم لن يسعى إلى إقامة دولة فلسطينية، ولن يجمد بناء المستوطنات، في حين أن إدارة بايدن قالت إنه بينما تدعم حل الدولتين إلا أنه من غير المرجح أن يحدث في أي وقت قريب، مما يعني أن هناك ضغطا أقل على بينيت. وقالت هاركوف إن إسرائيل والولايات المتحدة "تتفقان بالخطوات، التي يمكن اتخاذها نوعا ما للتخفيف من مخاطر اندلاع المزيد من شرارات الصراع، أو كما قال بينيت المشاريع الاقتصادية لتحسين حياة الفلسطينيين". وفي جميع الأحوال، يبدو أن الزيارة تعتبر معلمًا على طريق الحوار الاستراتيجي بين البلدين، والذي سيستمر أيضًا على المستويات العملية، من خلال التطرق إلى مجمل السيناريوهات المحتملة في الأشهر القريبة، وسيسهم السلوك الإسرائيلي إلى حد كبير في القدرة على التوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأمريكية.
مشاركة :