تحقيق: حلف الأطلسي يطور خطة لردع روسيا من كل الجهات

  • 10/22/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عزفت فرقة الموسيقى النحاسية ورفرفت الأعلام وألقى جنرالات غربيون خطبا تفيض بالعزم فيما بدأ حلف شمال الأطلسي مناورات عسكرية كبيرة في البحر المتوسط هذا الأسبوع. لكن العرض العسكري بدا غير واقعي إلى حد ما بينما كانت الطائرات الحربية الروسية تقصف مقاتلين سوريين على بعد مئات الكيلومترات إلى الشرق في تحرك منسق مع القوات المسلحة التابعة لحكومة الرئيس بشار الاسد والحرس الثوري الإيراني. وحلف الأطلسي الذي نفذ حملة جوية لمساعدة المعارضة الليبية المسلحة في الإطاحة بمعمر القذافي ثم ترك هذا البلد لينزلق إلى الفوضى ليس طرفا في الصراع بسوريا ويراقب بعدم ارتياح فيما توسع روسيا خصمه القديم في الحرب الباردة نطاق دورها هناك. وكانت السرعة التي تدخلت بها موسكو في الحرب الأهلية السورية ونطاق هذا التدخل مفاجأة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا سيما بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعم المتمردين المؤيدين للكرملين في شرق أوكرانيا العام الماضي. وقال نيك ويتني الرئيس السابق لوكالة الدفاع الأوروبية الذي يعمل الآن بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "فوجئ الغرب من الناحية التكتيكية. لا أعتقد أنهم توقعوا ما سيفعله (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين." وبدأ الحلف العام الماضي أكبر حركة تحديث منذ الحرب الباردة. لكن النخبة السياسية والعسكرية في الحلف ترى الآن حاجة لخطة أشمل تتجاوز نطاق ردع روسيا في الشرق. ويطلقون على هذه الخطة اسم "التفكير 360 درجة". وقال الجنرال الفرنسي دنيس ميرسيه الذي يتولى مسؤولية قيادة الحلف المسؤولة عن الأخطار المستقبلية "ينبغي أن نطور استراتيجية لكل أنواع الأزمات في كل الاتجاهات 360 درجة. ينبغي أن نتحرك في الجنوب وفي الشرق وفي الشمال وفي كل الأنحاء". وتكمن مشكلة الحلف في أن هذه الاستراتيجية لا تزال في طور النشوء بينما تتحرك التطورات في المناطق المجاورة لأوروبا بوتيرة أسرع من النهج البطئ لمعاهدة الدفاع الخاصة بالتحالف المؤلف من 28 دولة والذي تشكل في عام 1949 لردع الخطر السوفيتي. ومن دول البلطيق حيث لروسيا قاعدة بحرية في كالينينجراد وعبر البحر الأسود وشبه جزيرة القرم إلى سوريا وضعت روسيا صواريخ مضادة للطائرات والسفن تقدر على تغطية مناطق شاسعة. ويرى مسؤولون في الحلف في ذلك استراتيجية لمناطق نفوذ دفاعية تنشر فيها بطاريات صواريخ سطح - جو وصواريخ مضادة للسفن يمكن أن تعرقل حركة الحلف جوا وبرا وبحرا أو تمنعه من دخول مناطق معينة. وتقنيات الحرب غير التقليدية هي جزء من المعادلة وتتراوح بين إرسال قوات مجهولة الهوية - أو ما يعرف بالرجال الخضر - دون شارات على زيهم مثلما حدث في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا في عمليات تضليل وهجمات الكترونية. المبالغة في تقدير روسيا؟ يواجه حلف الأطلسي أيضا دولا فاشلة وحربا وتشددا وأزمة لاجئين على حدود أوروبا. ويرجع هذا في جانب منه إلى عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على إرساء الاستقرار الاقتصادي في المنطقة المجاورة له. لكن منتقدين يقولون إن الأمر أيضا يرجع إلى عدم رغبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في التورط في حروب الشرق الأوسط في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في 2003. وأدى ذلك إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة. وبينما يضع الحلف خطة ردع متعددة المستويات يقر مسؤولون بأن من المحتمل أن تتحرك روسيا مرة أخرى بشكل أسرع لتسبق التحرك الغربي. وعلى سبيل المثال فقد تحرك سفنا حربية من شرق البحر المتوسط إلى الساحل الليبي لعرقلة أي مساعي محتملة من الحلف لدعم حكومة الوحدة الوطنية في المستقبل. لكن يقول البعض إن الحلف مر بهذا الموقف من قبل وإن أي حديث عن عدم الاستعداد هو مبالغ فيه. وأدى التشكيك فيما مضى في أهمية الحلف لعمليات في البلقان وفي أفغانستان في تغير كبير عن سياسة الحلف للردع قبل 40 عاما والتي لم يعمل فيها الحلف قط خارج منطقته. ويرى بعض الخبراء خطرا في المبالغة في تقدير بوتين الذي يشرف على اقتصاد استنزف بسبب العقوبات الغربية وتراجع أسعار النفط ولا يستطيع أن يكون ندا لقوة الحلف العسكرية على المدى البعيد. قال ويتني وهو مخطط دفاعي بريطاني سابق "ينبغي ألا يكون لدينا شك في عداء بوتين تجاه الغرب لكن ينبغي أن نحذر المبالغة في رد الفعل على ما يمكن لاقتصاد روسي متعثر أن ينجزه في مجال القدرة العسكرية." اللجوء لدي.إتش.إل وأمازون يتمثل رد فعل الحلف العلني في اختبار قوة رأس الحربة الجديدة المؤلفة من خمسة آلاف جندي والتي على استعداد للتحرك خلال بضعة أيام. وعلى مدى الأسابيع الخمسة المقبلة ينفذ الحلف أكبر تدريبات عسكرية له منذ عام 2002 بمشاركة 36 ألف جندي و230 وحدة عسكرية و140 طائرة وأكثر من 60 سفينة بهدف المصادقة على القوة. ومثل هذه الإجراءات التي جرى الاتفاق عليها في قمة للحلف في ويلز العام الماضي بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم تهدف بشكل رئيسي إلى طمأنة الحلفاء في الشرق أن روسيا لن تقدر على احتلالهم أيضا. ولا يزال هناك نقاش بشأن إن كان من الممكن استخدام قوة رأس الحربة في شمال أفريقيا ومناطق أخرى. وجهز الحلف بعض المواقع القيادية الصغيرة عليها أعلامه من استونيا وحتى بلغاريا إلى جانب قوة رأس الحربة لكن أحد دبلوماسيي الحلف وصف هذه الإجراات بأنها "الحد الأدنى المطلوب" وقال الجنرال ميرسيه إن ما يسمى بخطة العمل لرفع الاستعداد هي "مجرد خطوة أولى". وقال الجنرال فيليب بريد لاف القائد الأعلى للحلف في أوروبا "عملنا على طمأنة حلفائنا." وأجاب ردا على سؤال بشأن ما هو الشكل المحتمل لوسائل الردع الحديثة للحلف "لسنا متأكدين بالضبط ما الذي يمكن أن ينجح في المستقبل". وستكون القمة المقبلة للحلف في يوليو تموز في وارسو هي الموعد المستهدف لطرح مقترحات من أجل روادع أحدث وأسرع. وتشمل مثل هذه الأفكار إقامة مواقع قيادة عليها أعلام الحلف على الجناح الجنوبي وتعديل قوة رأس الحربة لتنفيذ عمليات بحرية وجوية. كما يمكن أن تتضمن قوة بحرية دائمة لمراقبة البحر المتوسط والعمل بشكل مقرب مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في إعادة إرساء الاستقرار في الدول المضطربة. ومن الأفكار الكبيرة الأخرى استخدم رادع نووي في التدريبات وهو أمر تدعمه بريطانيا لكن دولا أخرى مثل ألمانيا تخشى أن تعتبره روسيا استفزازا. ولمح الجنرال ميرسيه إلى اللجوء لشركات مثل (دي.إتش.إل)وورلد وايد اكسبريس للبريد السريع ومتجر أمازون للبيع بالتجزئة على الانترنت لتحسين سرعة نشر قوات الحلف. وقال "السؤال هو كيف يمكن أن يكون لدينا أفكار جديدة لتسريع وتيرة النشر. ينبغي أن ننظر إلى ما يقوم به العالم المدني .. إلى (دي.إتش.إل) وأمازون.. كيف يطورون عملياتهم اللوجسيتية."

مشاركة :