التاريخ يكتبه الثقات وتدعمه الوثائق والتوثيق - محمد ناصر الأسمري

  • 9/1/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كتب أخي العزيز الدكتور مرزوق بن تنباك مقالا في صحيفة مكة الأربعاء 17 آب 2021 بعنوان: وظيفة المؤرخ ومشكلة التاريخ ) موضحا وجهة نظر مقدرة حول من يكتب التاريخ أو يرويه؟ الدكتور مرزوق بن راشد بن تنباك وأنا زملاء دفعة من جامعة الرياض. هو درس اللغة العربية ثم توسع فيها بحصوله على درجة الدكتوراه من بريطانيا، أما أنا فدرست التاريخ ثم في الولايات المتحدة درست نظم التعليم وكذا علم الاتصال communication هو عاد معلما وبات علما في الأكاديمية والبحث والتأليف متفوقا في مجالات متفرقة من العلوم الإنسانية، والعمل الوطني رغم ما سطر أخي مرزوق من طرح في مقاله، إلا أن ختمه لمقاله بشعر للشاعر العراقي معروف الرصافي: وما كتب التاريخ في كل ما روت لقرائها إلا حديث ملفق نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق وذلك كما قال أخي مرزوق هو دلالة على تناقض التاريخ وغرائب تفسيرها وهنا وأنا لا أعلم المناسبة التي قال فيها الرصافي شعره هذا الذي ربما كان سببا في نظم قصيدته التي منها البيتان والتي سماها ظلم التاريخ بالرجوع الى تعريفات للتاريخ فقد كان هيرودوتوس يستفتح أقدم كتب التاريخ المتوافرة قائلا: إن بحثه هذا توثيقٌ كي لا «تتلاشى الأحداث البشرية بفعل الزمن». أما ابن خلدون فله مفهوم آخر، فالتاريخ بالنسبة إليه فنٌّ ظاهره أخبار الأيام والدول، وباطنه علم بكيفيات الوقائع. (مقدمة ابن خلدون، ص 9-10). وهنا يتوقف التأريخ ليستريح... أو بمعنى أدق، هنا يتوقف التأريخ عند أقلام من كتبوه وكيف كتبوه، وما كتبوا منه، إن أحد أبعاد التاريخ الرئيسية هو أنه محاولة لفهم الحاضر عبر فهم الماضي، إنه محاولة كما جاء في مقال في صحيفة النهار اللبنانية في هذا الرابط https://www.annahar.com/arabic/article/1164202 أستميح أخي مرزوق العذر وأقول: إن التاريخ ليس فقط سرد قصص أو روايات أو أخبار بقدر ما هو سلسلة من مراحل كتابة التاريخ، ولعل تحليل المحتوى والمضمون وهو أحد أهم العلوم الإنسانية من أفضل ما يمكن الركون إليه كمرجعية لرصد الأحداث واستخلاص العبر منها لتكون ذات مصداقية عالية الثقة والموثوقية ثم تأتي الشهادات testimonies التي يدلي بها أشخاص شاركوا في صنع أحداث وجمع بين مروياتها إجماعهم أنهم لم يتواطؤوا على الكذب أو تزييف الحقائق، ثم يأتي بعد هذا التوثيق من خلال الوثائق والسجلات في مراكز البحوث سواء ما حظي بالتحقيق العلمي أوالحفظ في أوعية المعلومات، ولعلي هنا أستفيد من موسوعة ويكيبيديا في التعريف بالتوثيق. فقد عرف العلماء التوثيق تعريفات عديدة منها: هو علم من علوم التاريخ لحفظ المعلومات وتنسيقها وتبويبها وترتيبها وإعدادها لجعلها مادة أولية للبحث والفائدة وهو علم مهم لحفظ النتاج الإبداعي الإنساني. هو حفظ الأحداث التاريخية والمعلومات العلمية ونقلها من الماضي إلى الحاضر ثم إلى المستقبل وإلى الأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة منها وينطبق هذا على التناقل الشفاهي للمعلومات والمعارف والمهارات. هو علم السيطرة على المعلومات التي يمكن أن تتضمن الوثيقة والكتاب والصورة والتسجيلات الصوتية والفيديوية والنصوص الإلكترونية والعمليات الفنية التقليدية كالتجميع والاختزان والفهرسة والتصنيف. هو الركيزة الحقيقية التي يعتمد عليها الباحثون في البحث عن الحقيقة ذاكرة الأمة المضيئة اليقظة الحصينة التي لا يدركها النسيان حلقة وصل متينة تصل حاضر الأمة بماضيها شاهد حي على نضال الأفراد والجماعات والمنظمات والحكومات والدول التي تعاقبت منذ فجر التاريخ نعرف به مدى التطور الذي حصل في المجتمع في جميع مفاصل حركته في ذلك الزمن الماضي هو المستند الصحيح المُحكم المؤكد يؤخذ به على وجه الدقة والصحةوالواقع، والحقيقة كما كانت وكما هي يسهل تنفيذ الأنشطة الشبيهة وينبه إلى أهمية الأمر ويركز عليه لأنه يوفر المعلومات المناسبة للمستفيد منه فتتكون عنده سرعة الإحاطة بالمعلومات لتقديمها بأكثر الأشكال ملاءمة. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82 وفي تاريخنا الوطني فقد كان من خيرة الباحثين في التاريخ والتوثيق الدكتور راشد بن عساكر والدكتور فائز البدراني الحربي، ولعل إسهامي في توثيق مشاركات ثلل من قواتنا المسلحة الباسلة في الدفاع عن فلسطين 1948 ونشر وتوثيق مذكرات اللواء سعيد الكردي -رحمه الله- وكذا من دافعوا عن سوريا والأردن ولبنان والكويت في كتابي السعودية دولة واجهة ومواجهة ما أزعم أنه كان من ضمن التوثيق للتاريخ الوطني وبالله التوفيق.

مشاركة :