أفادت مصادر محلية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية لجأت أخيراً في سياق تحويلها المساجد إلى أماكن للتعبئة وتحشيد المقاتلين إلى توزيع عناصر وموالين لها بحوزتهم سجلات على أبواب عشرات المساجد في العاصمة، بغية إقناع جموع المصلين بتسجيل أسمائهم لتلقي دورات عسكرية وتعبوية. وعلى وقع الخسائر البشرية المتلاحقة التي منيت بها الجماعة في عدة جبهات وجهودها الرامية حالياً لتعويض ذلك النقص في مقاتليها، تحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن حض معممي الميليشيات خلال خطبتي الجمعة المنصرمة المصلين في مساجد بصنعاء على تسجيل أسمائهم وبياناتهم لتمكينهم على وجه السرعة من الاستفادة من تلك الدورات التي تنتهي بالزج بهم في جبهات القتال. وفي سياق متصل، أفاد مصلون بمساجد في صنعاء بأن عناصر حوثيين يرتدون بزات عسكرية قدموا منذ وقت مبكر من يوم الجمعة برفقة كراسٍ وطاولات وسجلات إلى بوابات المساجد لإقناع المصلين عبر مناشدات أطلقها معممو الجماعة بضرورة الاستجابة لتلك الدعوات. وتضمنت خُطب الجماعة التي ألقيت من على منابر المساجد في مديريات: معين، الوحدة، السبعين، التحرير، آزال، في صنعاء، الاستنجاد بالمواطنين وطلب الدعم والمساندة منهم لإنقاذ مقاتليهم في جبهة مأرب. وتحدث عدد من الشهود لـ«الشرق الأوسط»، عن رفض غالبية المصلين الاستجابة للمناشدات الحوثية، مشيرين إلى مغادرة الكثير منهم عقب الصلاة دون حتى الالتفات لتلك العناصر التي تصطف على بوابات المساجد. وفي أكبر أربعة مساجد في حي السنينة بصنعاء، التي تضم كل جمعة نحو 6 آلاف مصل، كشف شهود كانوا بالقرب من عناصر الجماعة لحظة مغادرة المصلين، عن شعور مسؤولي حملة التجنيد بالإحباط. وذكر بعض الشهود ممن اطلعوا على سجل الجماعة بمسجد الفتح في السنينة أثناء انتهاء عملية التسجيل، عن استجابة 7 أشخاص بينهم 3 أطفال لمطالب الجماعة بتقييد أسمائهم للالتحاق بالدورات من أصل 1200 مواطن أدوا صلاة الجمعة في ذلك المسجد. وتوقع الشهود أن تكون النتيجة التي تحصل عليها الانقلابيون في بقية مساجد العاصمة مشابهة تماماً لتلك التي حصدوها في أحد مساجد السنينة. وفي حين ذكر مصلون آخرون في مساجد بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطباء الحوثيين عادوا مجدداً خلال خطبتي الجمعة الماضية إلى استهداف المصلين وشحنهم وتحريضهم طائفياً، ومطالبتهم بالوقت ذاته بتجنيد أنفسهم وأبنائهم بصفوف مقاتلها، عزا مراقبون في العاصمة عودة الميليشيات لاستخدام منابر المساجد للضغط على اليمنيين للقتال إلى النقص الحاد والخسائر البشرية الكبيرة التي تتكبدها الجماعة، لا سيما في مأرب. إلى ذلك كشف سكان يقطنون بالقرب من أحد المساجد بمنطقة الحصبة، شمال صنعاء، عن مغادرة مصلين كُثر المسجد أثناء خطبة المعمم الحوثي، وتحريضه الصريح على قتل اليمنيين وكل من لم يكن الولاء والطاعة للجماعة وزعيمها وتوجهاتها وكل خطواتها وتحركاتها الرامية للتحشيد ودعم الجبهات. وأكد السكان أن خطباء الميليشيات ركزوا بخطبة الجمعة الأخيرة، كعادتهم كل مرة، على بث خطاب الكراهية وتحريض الناس ليتحركوا إلى جبهات مأرب وغيرها بأي طريقة كانت، وإلحاق أبنائهم لحمل السلاح. وقالوا إن عدداً من المصلين أبدوا غضبهم الشديد، نتيجة الهجوم الذي شنه الخطيب الحوثي على المصلين، واتهامه لهم بالخيانة، وترك الجماعة وحدها تواجه مَن وصفهم بـ«الأعداء من اليهود والنصارى»، على حد زعمه. وعد السكان عزوف الكثير من المصلين عن مساجد عدة تتبع الجماعة بسبب مشاعر الغضب الشديدة التي تنتابهم فور سماعهم خطب الانقلابيين المتكررة المحرضة على العنف والقتل، ونشر المذهبية والطائفية التي سعت وتسعى الميليشيات منذ انقلابها لزرعها في عقول المواطنين بصنعاء وبقية مناطق سيطرتها. ومنذ انقلاب الجماعة على السلطة، واجتياحها صنعاء وسيطرتها بقوة السلاح على كل مفاصل الدولة، عملت بكل طاقتها على حرف منابر المساجد عن مسارها وتحويلها إلى وسيلة هدامة تدعم مشروعها الإيراني الطائفي. وفي وقت سابق أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن قادة الجماعة في المديريات الريفية القبلية المحيطة بصنعاء عقدوا خلال الأيام الماضية العديد من اللقاءات مع الأعيان وزعماء القبائل لحضهم على الدفع بمجندين جدد. واعترفت وسائل إعلام الجماعة الحوثية بتنفيذ حملات التجنيد، وقالت إن لقاءات موسعة عقدت في مديريات محافظة صنعاء ناقشت آليات تعزيز جهود التعبئة والتحشيد للجبهات، حيث أقرت اللقاءات «تشكيل فرق تحشيد على مستوى عزل وقرى المديريات وغرفة عمليات للمتابعة والتقييم بالتنسيق مع مختلف الجهات». ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» عن القيادي في الجماعة الانقلابية المعين محافظاً لريف صنعاء عبد الباسط الهادي، أنه شدد على «الاستجابة لرفع وتيرة التحشيد المجتمعي لدعم المعارك ورفد الجبهات»، وعلى «التفاعل مع برامج ولقاءات التحشيد والتعبئة العامة والإمداد بالمال والرجال والعتاد». وفي خطبه الأخيرة كان زعيم الميليشيات الحوثية طلب من أنصاره الدفع بالمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب، حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.
مشاركة :