شهد تاريخ الكويت القديم العديد من حوادث القرصنة البحرية والنهب والسرقة، التي تعرّض فيها التجار الكويتيون لتدمير سفنهم، وسرقة بضائعهم، ونهب حلالهم، وقتل بحارتهم. من هذه الحوادث ما نشرناه عن مقتل التاجر سيف بن سيف الرومي عام 1913م على يد أربعة صوماليين طمعوا في أموال الطواش سيف، فقتلوه وحاولوا قتل يوسف بن حسين الرومي، ولكنه نجا، وكانت نهايتهم القبض عليهم وإعدامهم في الكويت. ونشرنا منذ عدة سنوات حادثة نهب أموال التاجر فهد بن زيد الكحيلان عام 1923م، إذ اعتدى عليه لصوص في الأراضي العراقية، وسلبوا أمواله التي كان ينوي أن يشتري بها أغناماً للبيع في الكويت. وهناك الكثير من الروايات الأخرى المشابهة التي نشرنا وثائقها في عام 2013، والتي تتضمن تفاصيل اعتداءات على رعايا كويتيين، وسلب أموالهم وأملاكهم ضمن مقالات متسلسلة. واليوم نستعرض حادثة جديدة وفريدة من نوعها، وهي جريمة قتل جماعية وسرقة سفينة النوخذة علي بن حمد الفضالة عام 1907م، وقد عثرت في ملفات المكتبة البريطانية (من خلال الموقع الإلكتروني لمكتبة قطر الرقمية) على وثيقة باللغة العربية، وعدة أوراق باللغة الإنكليزية توضح بعض ملابسات هذه الحادثة وتفاصيلها المروعة. والحادثة فظيعة بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى، إذ أسفر عنها مقتل 29 شخصاً كانوا على متن السفينة، إضافة إلى سرقة كل ما كان على ظهرها من بضائع، وتركها مهملة في عرض الخليج. وقبل أن أستعرض هذه الوثائق وتفاصيلها، لا بد من إلقاء الضوء على سيرة النوخذة علي بن حمد الفضالة- رحمه الله تعالى. طبقاً لما سمعته من بعض كبار السن منذ عدة سنوات، النوخذة علي بن حمد كان يسكن الحي الشرقي، وله منزل في فريج النصف، ونقعة صغيرة باسمه بجانب نقعة النصف، وقد استطعت أن أحدد موقع بيته من خلال لقاءاتي مع بعض سكان فريج النصف، وأشرت إليه في الصورة المنشورة مع مقال اليوم، إذ يجاور بيته بيت بزة هلال المطيري، وبيت سند الجلاهمة، وبالقرب من بيوت النصف وبيت جمعة ارحمة وجنوب عمارة التركيت (اشترتها أسرة العصفور لاحقاً وبني في موقعها عمارتان) وبيت النجدي الذي اشتراه التاجر عبدالعزيز القطامي وبنى في موقعه عمارة. وحسب المعلومات التي زودني بها الأستاذ علي راشد علي بن حمد الفضالة، فإن جده علي ولد في عام 1900 تقريباً وتوفي قبل حوالي ثمانين عاماً أي في عام 1940 تقريباً، وكان نوخذة سفر ويملك عدة سفن، وأنجب النوخذة علي بن حمد الفضالة خمسة أولاد هم حسين وخليفة وحمد وفضالة وراشد وعدداً من الإناث. في المقال المقبل بعون الله تعالى سنستعرض الوثيقة الأولى التي كتبها الشيخ مبارك الصباح، ووجهها للوكيل السياسي البريطاني في الكويت يفيده فيها بالتفاصيل الأولية لهذه الحادثة المأساوية.
مشاركة :