شدد رئيس مجلس الوزراء، سمو الشيخ صباح الخالد، على أن الحكومة لن تتوانى في محاسبة أي مسؤول وتقديمه للمحاكمة، متى ما ثبت تورطه في المساس بمكتسبات الدولة، والاعتداء على المال العام، قائلا إن "مركب الحكومة لن يتسع في المرحلة المقبلة لأي قيادي لا يمتلك القدرة الفنية وغير قادر على تحمل أعباء المسؤولية". وأضاف سموه أنه وجه ديوان الخدمة المدنية إلى وضع ضوابط جديدة بشأن الوظائف الإشرافية، مردفا أنه طلب من الديوان أيضا تقديم دراسة بشأن صرف المكافأة لأصحاب الوظائف الإشرافية وربطها بالأداء والإنجاز لا بالحضور والانصراف فقط. وأكد الخالد أن الحكومة أخذت خطوات جادة في دفع عجلة المشاريع التنموية والتعاون مع القطاع الخاص، لتسهيل إجراءات تلك المشاريع، مضيفا "أمامنا تحد هو التعامل بنمط جديد في متابعة تنفيذ برنامج عمل الحكومة". وأردف أنه "يجب تحسين وضع الكويت في المؤشرات العالمية وفي جميع القطاعات، فبلدنا ينفق بسخاء على كل القطاعات، ولكن المؤشرات لا تنعكس على أرض الواقع". قال رئيس مجلس الوزراء، سمو الشيخ صباح الخالد، خلال لقاء عقده، أمس، بحضور قياديي الدولة تحت عنوان "الكويت ما بعد الجائحة" في مركز جابر الأحمد الثقافي، "إننا منفتحون للقاء إخواننا نواب مجلس الأمة والتعاون والعمل معهم لخدمة الكويت"، مشيرا إلى أن هناك مرجعيات تحدد العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية هي: الدستور، واللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وأحكام المحكمة الدستورية. وأكد وجوب أن "نحافظ على علاقاتنا الخارجية وسمعة الكويت وسياستها المتزنة، ورؤيتها المتمثلة بوضع حلول سلمية للصراعات وتدخلها الإنساني فيها". وأعلن الخالد إطلاق تطبيق "سهل" الحكومي الموحد لتعزيز كفاءة وسرعة إنجاز المعاملات الأسبوع المقبل، والذي سيكون باكورة التحول الرقمي الحكومي، وفي ذات الوقت اختبارا وتحديا للقياديين. وقال سموه في الكلمة أمس "أمران لن أقبل بهما هما الرجوع إلى التعاملات الورقية، وصدور التطبيق دون تحقيق الأهداف المرجوة منه، ويجب أخذهما بعين الاعتبار". وشدد سموه على أن المسؤولية تقع على القياديين في أي أمر يتعلق بتهاون أو تقصير أو تعطيل في الأمور المنوطة بهم بشأن "سهل" من قبل الجهات والهيئات التابعة لهم حيث سيتم تقييمها على أساس الإنجاز، مؤكدا أن أي جهة حكومية ستتهاون في التطبيق سيتحمل قياديوها المسؤولية. وقال إن "التطبيق في مرحلته الأولى سيؤدي إلى التخفيف على المواطنين والمقيمين في المعاملات إلى جانب الموظفين، وسيأخذ الجميع حقه دون تقديم شخص على آخر، بالإضافة إلى تخفيف الازدحام المروري، وكذلك سيكون له مردود بيئي إيجابي". التحدي الكبير وبين أن "التحدي الكبير أمامنا هو إطلاق "سهل"، وأمامنا أيام لإطلاق التطبيق، ومهمتنا في الفريق الحكومي تحدي الوقت لإطلاقه"، لافتا إلى أن أي جهة حكومية ستتهاون في التطبيق سيتحمل قياديو هذه الجهة المسؤولية. وأوضح سموه أن الحكومة قطعت شوطا كبيرا في التحول الرقمي خلال جائحة "كورونا"، فالجهات المتأخرة عوضت التأخير في سرعة إجراءاتها، والجهات التي كانت في سبات عميق بدأت تتعامل مع الوضع بطريقة مختلفة، والجهات التي قطعت شوطا قبل الجائحة قامت بزيادة إنجازها". وأضاف "أنتم كقياديين جزء من الفريق الحكومي الذي شارك في وضع الحلول للمواطنين والمقيمين في تسهيل عملهم وإجراءاتهم، ورأيتم كيف تنافس شبابنا وشاباتنا في تقديم ابتكارات خلاقة للتعامل مع الوضع الصحي". جائحة كورونا وقال الخالد إن اللقاء مع قياديي الدولة جاء تأكيدا على حرص واهتمام الحكومة بالنهوض من آثار جائحة كورونا، وإعادة مسارات الدولة إلى الطريق الطبيعي. ودعا القياديين بعد عودة العمل إلى الجهات الحكومية إلى الحرص على صحة وسلامة الموظفين، والتزام الجميع بالاشتراطات الصحية، وإنهاء معاملات المواطنين التي تعطلت بسبب الجائحة، وتسهيل إجراءات المحافظة على القوانين واللوائح. وأشار سموه إلى وجود مشاريع رئيسية وأخرى ثانوية يجب أن تأخذ الأولوية القصوى لدى الجهات الحكومية من حيث الطرح والتنفيذ والمتابعة. وقال "نحن في وضع صحي مستقر يقتضي 3 أمور هي: الحذر والحرص والالتزام بالإرشادات الصحية، إضافة إلى استمرار التطعيم الذي قطعنا شوطا كبيرا فيه، ووصلنا إلى نسبة عالية إذا استكملناها فسننتقل، إن شاء الله، مع نهاية سبتمبر الحالي إلى وضع آمن". وأضاف سموه "جميعنا نود العودة إلى الحياة الطبيعية بعد سنة وسبعة أشهر مضت على الجائحة شهدت قيودا واشتراطات وتضحية وصبرا ومعاناة"، مردفا: "الانتقال من المرحلة المستقرة إلى الآمنة يتطلب منا أن نكمل على نفس الروح والعطاء". القيادة الوسطى وأكد حرصه منذ توليه المنصب على الالتقاء بالقيادة والقيادة الوسطى في الفريق الحكومي، لحاجة الجهاز الحكومي إلى التواصل والتنسيق وتحمل المسؤولية المشتركة والجماعية في خدمة الكويت وأهلها. وأوضح انه كان من المفترض أن يعقد هذا اللقاء في شهر فبراير من العام الماضي، لكن ظروف الجائحة وأضرارها التي لحقت بجميع القطاعات، وأدت إلى تعطيل الأنشطة في دول العالم، فعلت ما لم تفعله حتى الحروب العالمية. وقال سموه إن الكويت كانت لديها حكومة جديدة من المفترض منها تأدية مهامها التنفيذية، لكن بعد دخول الجائحة تحولت إلى حكومة إدارة أزمة صحية. وأفاد "في أي مناسبة أتحدث فيها عن الفريق الحكومي الذي قاد الأزمة الصحية لا أستطيع إلا أن أقف عند كلمات خالدة لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، في أول يوم تم الاضطرار فيه إلى اتخاذ إجراءات صعبة لمواجهة الجائحة، عندما قال تحملوا المسؤولية وأرواح الناس في رقابكم". مهمة مقدسة وأضاف أن "كلمات سموه جعلت حفظ أرواح أهل الكويت والمقيمين على أرضها الطيبة مهمة مقدسة لدى مجلس الوزراء". وأكد سموه أن الواجب يقتضي تقديم الشكر والتقدير للجهات التي عملت على مدار الساعة، لضمان استمرار وتيسير عمل المؤسسات والجهات وتقليل الأضرار والآثار الناتجة عن تفشي الجائحة التي لحقت بكل القطاعات في الدولة، وعلى رأسها القطاع التعليمي والاقتصادي، إضافة إلى تعطيل المشاريع الحكومية. حضر اللقاء نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمد الجابر، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير العدل وزير الدولة لشؤون تعزيز النزاهة عبدالله الرومي، وعدد من الوزراء والقياديين وكبار المسؤولين في الدولة. واستعرض سموه، خلال اللقاء، جهود الحكومة خلال الأزمة الصحية، إضافة إلى شرح خطة وبرنامج عمل الحكومة، والمشاريع التنموية الكبرى قيد التنفيذ والمستقبلية، فضلا عن المسؤوليات والأدوار المنوطة بقياديي الدولة في المرحلة المقبلة. لجنة للمحاسبة ومتابعة أداء الجهات المتعاونة والمتهاونة قال الخالد إن الحكومة تتبع نمطا ونهجا جديدين في متابعة تنفيذ برنامج عملها، وتسريع عجلة المشاريع التنموية لتنفيذ رؤية «كويت جديدة 2035». وأضاف سموه أن الحكومة اتخذت خطوات تنفيذية جادة لإنجاز المشاريع التنموية بالتعاون مع القطاع الخاص، الذي يعتبر من دعائم الدورة الاقتصادية. ودعا القياديين إلى التعاون مع «الخاص»، لتسهيل الإجراءات، وتذليل العقبات التي تواجه المشاريع التنموية، للمساهمة في تعزيز الوضع الاقتصادي للبلاد. وتابع «بعضكم يعمل على تنفيذ المشاريع التنموية وإنجازها، وهو ما يضعكم في دائرة المسؤولية في تنفيذ خطة التنمية وبرنامج عمل الحكومة وسرعة تنفيذ تلك المشاريع، وإذا لم نحرص على التطبيق والتنفيذ والإنجاز فلن نحقق ما رسمناه كهدف في عام 2035». وأشار إلى تشكيل لجنة وزارية معنية بمتابعة التنفيذ والمحاسبة، وتقديم التقارير إلى مجلس الوزراء بشأن أداء الجهات المتعاونة والمتهاونة، ومدى إنجازها. وأوضح «تلك مسؤوليتنا في الحكومة ومسؤولية المعنيين في اللجنة الوزارية، إذا لم يتحقق شيء فسيرفع الموضوع إلى مجلس الوزراء، وسيتم التعامل مع الجهات بموجب عطائها والتزامها وإنجازها». وأكد أنه «سيتم محاسبة المسؤولين عن أي تقصير، ومكافأة من قام بالخطوات المطلوبة، إذا تم التعاون الذي يحقق لنا الإنجاز، وينقلنا من وضع إلى آخر». ولفت سموه إلى أنه في السابق كان برنامج عمل الحكومة يقدم الى مجلس الأمة وتقوم الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بمتابعة التنفيذ والإنجاز مع الجهات الحكومية، مضيفا أنه مهما بذلت الأمانة من جهود كبيرة دون تعاون أو تجاوب من الجهات الحكومية فلن يتحقق شيء «وأمامنا الآن تحد كبير في ظل الجائحة بعدما رسمنا أولويات برنامج عمل الحكومة، ومسؤوليتنا متابعة تنفيذ وإنجاز البرنامج». مكافحة الفساد واجب شرعي أكد الخالد مسؤولية القياديين في تحسين ترتيب الكويت بالمؤشرات العالمية بجميع القطاعات ورفع تصنيفها الائتماني وتقليص العجز بالموازنة العامة للدولة، كل حسب موقعه. وقال سموه إن الدولة تنفق بسخاء على كل القطاعات وفق قوانين منظمة لكن للأسف المؤشرات لا تعكس هذا الواقع، وتطرق إلى ما تنفقه الدولة على التعليم، بقوله إنه «يوازي إنفاق أكثر دولة في مؤشرات التعليم إن لم يكن أكثر لكن المخرجات للأسف لا تعكس ذلك وتلك معادلة غير صحيحة». وأكد أن المنصب يحملكم كقياديين مسؤولية تطوير القدرات العملية والمهنية للكوادر الوطنية الشابة وتأهيلها إدارياً لتحمل المسؤولية في المستقبل، موجهاً القيادات إلى تقليص النفقات والحرص على بقاء المدخرات والاستفادة منها لاسيما أن الوضع يقتضي مسؤولية أكبر في التعامل مع الأمور المالية والاقتصادية. وأضاف سموه أنه «يجب معالجة الاختلالات الهيكلية في المالية العامة لإنجاح جهود وزارة المالية والأجهزة المختصة الرامية إلى تقليص العجز في الموازنة العامة»، مؤكداً أن مكافحة الفساد واجب شرعي يشترك فيه الجميع والحكومة لن تتوانى عن محاسبة أي مسؤول وتقديمه للمحاكمة متى ثبت تجاوزه على مكتسبات الدولة والمال العام «وعلينا وضع خطة واضحة لمواصلة تضييق الهوة على الفاسدين والمفسدين».
مشاركة :