نقص إفراز مادة الأوركسين في المخ يسبب مرض النوم القهري!

  • 10/23/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

أحد اسباب زيادة النعاس وعدم القدرة على مقاومة النوم هو ما يعرف بالنوم القهري والذي لا يعرف سببه بالتحديد بعد ولكن الأبحاث الحديثة بينت أن المرض قد يكون مرضا مناعيا. لذلك سنناقش اليوم الأبحاث الحديثة التي تعرضت لآلية حدوث النوم القهري وكيف يحدث. وقد وردتني عدة أسئلة عن طرق العلاج الجديدة التي أود نقاشها اليوم. ولكن قبل ذلك لا بد من التعريف بالنوم القهري حتى يتسنى للقارئ التعرف عليه. النوم القهري غير الإرادي مشكلة طبية ذات عواقب شديدة على المصاب بها وبسبب نقص الدراية بهذا المرض فإن المريض قد يعاني لسنوات عديدة قبل أن يتم تشخيص الحالة وعلاجها. والنوم القهري غير الإرادي مرض يصيب جميع الأعمار من الجنسين ولكنه يكثر عند الشباب بين سن 15 و25 سنة ولدينا في المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم بكلية الطب - جامعة الملك سعود حاليا - حوالي 85 حالة موثقة من السعوديين تتراوح أعمارهم بين سن 5 و72 سنة. وعند السعوديين ظهرت أعراض المرض في المتوسط في سن 20.5 سنة، وفي المعدل عانى أكثرهم من المرض لمدة 8 سنوات أو أكثر قبل أن يتم تشخيصهم. وقد أظهرت الدراسات أن شيوع المرض يختلف من دولة لأخرى ومن جنس لآخر حيث تراوح شيوع المرض بين 0.1 و160 لكل مئة ألف شخص ونتوقع في السعودية حسب الأبحاث المتوفرة أن يكون شيوع المرض أربعين في كل مئة ألف. وأعراض المرض الرئيسية هي التالية: زيادة النعاس أثناء النهار: ويتكون من نوبات من النعاس لا يمكن مقاومتها تحدث أثناء النهار ويمكن أن تحدث في أي وقت وبدون سابق إنذار. وقد تحدث هذه النوبات في أوقات وأوضاع غير مناسبة. فقد تحدث أثناء قيادة السيارة أو بعض الأعمال التي تحتاج إلى التركيز مما قد ينتج عنه عواقب وخيمة. وقد يستمر النوم من لحظات إلى أكثر من ساعة ويشعر بعدها المريض بالنشاط. وهذا العرض هو أكثر الأعراض شيوعا ويصيب جميع المرضى. وهذا العرض يظهر في كل المرضى. الشلل المفاجئ أثناء اليقظة: وهذا العرض هو العرض المميز للنوم القهري. وخلاله يحدث شلل أو ضعف في عضلات الجسم كلها أو بعضها كأن يكون هناك ضعف في عضلات مفصل الركبتين أو عضلات العنق التي تحمل الرأس أو عضلات الفك السفلي أو عضلات الذراعين أو عضلات التحدث مما يجعل الكلام غير واضح وفي بعض الحالات يكون هناك شلل كامل في الجسم وقد يسقط المريض على الأرض ويظهر وكأنه مغمى عليه ولكنه في واقع الأمر في كامل وعيه. وعادة ما يكون هذا الضعف للحظات قليلة ولكنه في بعض الحالات قد يستمر لدقائق. وعادة ما تبدأ نوبات الشلل أو الضعف في المواقف العاطفية المفاجئة كالانفعال والغضب أو السرور والضحك. ويوجد هذا العرض في 72% من المرضى السعوديين المصابين بالمرض. شلل النوم: وهو عدم القدرة على تحريك الجسم أو أحد أعضائه عند بداية النوم أو عند الاستيقاظ. وتستغرق أعراض شلل النوم من ثوان إلى عدة دقائق، وخلالها يحاول بعض المرضى طلب المساعدة أو حتى البكاء؛ لكن دون جدوى، وتختفي الأعراض مع مرور الوقت أو عندما يلامس أحد المريض أو عند حدوث ضجيج. ويوجد هذا العرض في 57% من السعوديين الذين قمنا بعلاجهم. الهلوسة التي تسبق النوم: وهي أحلام تشبه الحقيقة تحدث عند بداية النوم ويصعب أحيانا تفريقها عن الواقع. وتوصف بالهلوسة وتكون في بعض الحالات مخيفة. وما يميز هذه الأحلام أنها تحدث عند بداية النوم في حين أن الأشخاص الطبيعيين يبدأون الأحلام بعد ساعة إلى ساعة ونصف من بدأ النوم. ووجد هذا العرض في 85% من السعوديين المصابين بالمرض. ولله الحمد توجد أدوية فعالة للمرض تساعد المريض على تخفيف الأعراض سواء زيادة النعاس أو الأعراض الأخرى ويتحسن أداء المصاب سواء كان طلابا أو موظفا. ولكن لا بد من الاستمرار على تناول العلاج بصورة دائمة. الاكتشافات الجديدة: الاكتشافات الجديدة التي نود نقاشها اليوم أظهرت ارتباط المرض بالجهاز المناعي بشكل أكبر وستفتح آفاقا جديدة للعلاج. فمنذ سنوات قليلة توصل الباحثون إلى وجود نقص في إفراز مادة تعرف بالأوركسين (االهيبوكريتين) تفرزها خلايا في منطقة في المخ تعرف بمنطقة تحت المهاد نتيجة لموت الخلايا المفرزة للمادة. ولم يعرف المختصون سبب موت هذه الخلايا. ومادة الأوركسين عبارة عن ناقل عصبي يسبب اليقظة ويقلل من النوم ونقصه يسبب النوم والنعاس وأعراض النوم القهري الأخرى. وبعد ذلك بسنوات اكتشف الباحثون وجود أجسام مضادة لبروتين يعرف ببروتين TRIB2 عند المصابين بهذا المرض وقد نُشِرت دراستان تؤكدان هذه النتيجة في مجلة النوم المجلة الرسمية للأكاديمية الأمريكية لطب النوم (يوليو 2010). وهذه النتائج أشارت إلى أن الأجسام المضادة هي سبب موت الخلايا المفرزة للهيبوكريتين التي تفرزها منطقة تحت المهاد في المخ. الخيارات العلاجية المستقبلية: وبناء على هذه المعلومات، وصلتني عدة أسئلة من مرضى مصابين بمرض نوبات النوم (النوم القهري) يتساءلون عن إمكانية استخدام مادة الأوركسين لعلاج مرض النوم القهري. والفكرة تبدو منطقية، فهناك نقص في الأوركسين في المخ، فلماذا لا يتم تناول المادة الناقصة أو حقنها لتعويض النقص وعلاج أعراض المرض مثل نوبات النوم وشلل اليقظة. خاصة وأن الأبحاث على النماذج الحيوانية المصابة بالنوم القهري أظهرت أن حقن مادة الأوركسين في مخ الحيوان نتج عنه اختفاء أعراض النوم القهري. كما أن حقن جين الأوركسين إلى مركز المخ تحت المهادي في نماذج الفئران المصابة بالنوم القهري نتج عنه تحسن كبير في مستوى اليقظة. هذه النتائج تدل على أنه قد يتوصل العلم إلى حلول علاجية في المستقبل عن طريق العلاج الجيني أو زراعة الخلايا، ولكن في الوقت الحالي لا توجد آلية لعمل ذلك بعد. المشكلة أنه لا توجد طريقة عملية وسهلة لتوصيل مادة الأوركسين إلى الدماغ لأن مادة الأوركسين لا تستطيع عبور الحاجز الدماغي. لذلك فكر العلماء في توصيل مادة الأوركسين كبخاخ عن طريق الأنف لتجاوز الحاجز الدماغي. والنتائج الأولية على الإنسان ونماذج القردة المصابة بالنوم القهري مشجعة. كما أن هناك مشكلة أخرى وهي أنه عن مرضى النوم القهري، بالإضافة إلى نقص مادة الأوركسين، فإن مستقبلات مادة الأوركسين في الدماغ تقل مما يقلل من استجابتها للأوركسين الذي يعطى من الخارج. الخلاصة، استخدام مادة الأوركسين لعلاج النوم القهري ما زالت قيد البحث ولا توجد طريقة فعالة حاليا لتناول العلاج. وكون النوم القهري مرض مناعي، فهذا شجع العلماء لاستخدام علاجات مناعية مثل الأجسام المناعية المضادة أو استخدام الغسيل البلازمي. مثل هذه التدخلات قد تحد من موت الخلايا المفرزة لمادة الأوركسين. ولكن النتائج الأولية ما زالت غير مشجعة.

مشاركة :