من أرض خالية، إلى بيت جاهز ومكتمل في غضون أقل من 24 ساعة، بدأت المساكن التي يتم إنشاؤها بالطباعة ثلاثية الأبعاد في الانتشار عبر أرجاء ولاية كاليفورنيا. وفي غضون شهرين فقط، تمكنت شركة بالاري هومز وشركة مايتي بلدينجز، من بيع 82 منزلاً وتلقي نحو 1000 طلب. وتُعزى سرعة إنجاز هذه البيوت، إلى أن منتجات هذه الشركات، يتم تجميعها من عناصر تقوم المصانع بتجهيزها. ومع أن هذه الفكرة ليست بالجديدة، إلا أن الجديد، هو طباعة هذه العناصر. ويعود تاريخ الطباعة ثلاثية الأبعاد، لثمانينيات القرن الماضي، لكنها بدأت في اكتساب زخم كبير في الوقت الحالي، حيث تستغل الآن في صنع أشياء تتراوح من زراعة الأعضاء، إلى أجزاء الطائرات. وتختلف التفاصيل طبقاً للمنتجات والعملية المطلوبة، لكن تظل القاعدة التي تقوم عليها واحدة. تُوضع الطبقات فوق بعضها بعضاً، ووفقاً لاختلاف شكل كل منها وتكوينها، يمكن صناعة منتجات يصعب أو يستحيل صناعتها بالطرق التقليدية. وعلاوة على ذلك، وعلى العكس من الصناعة التقليدية، لا يتم إهدار أي مواد أو ترك مخلفات. وتتطلب عمليات الإنشاءات، التي تقوم بها مثل هذه الشركات، ماكينات طباعة أكبر حجماً من العادية وربما أكثر تعقيداً أيضاً. تقوم الفوهات، ببثق المواد العجين، التي تتم معالجتها وتصليبها من خلال أشعة فوق البنفسجية، حيث يسمح ذلك، بطباعة أجزاء مثل الأسقف، دون الحاجة لقوالب دعم، بالإضافة لأشياء تشمل الجدران وغيرها. بعد ذلك، يتولى العمال، وضع هذه الأجزاء مع بعضها بعضاً في أساس دائم. سرعة الإنجاز ولا تقتصر الطباعة ثلاثية الأبعاد، على البراعة وسرعة الإنجاز فقط، بل تتعداها لخفض التكلفة وتميزها بصداقة البيئة. ربما يجعلها ذلك، قادرة على مواجهة اثنين من التحديات، نقص المساكن والتغير المناخي. ويعيش نحو 1.6 مليار شخص حول العالم، من دون مساكن ملائمة، أي ما يزيد عن 20% من العدد الكلي للسكان. كما أن قطاع الإنشاءات، مسؤول عن 11% من الانبعاثات الكربونية التي يتسبب فيها الانسان، بحسب ذا إيكونيميست. وتساعد الأتمتة، على ادخار مبالغ ضخمة للغاية. وتؤكد شركة مايتي بلدينجز، أن حوسبة 80% من عمليات الطباعة لديها، تعني خفض العمالة بنحو 95%، فضلاً عن مضاعفتها لسرعة الإنتاج. وواجه قطاع الإنشاءات، معاناة كبيرة لسنوات عدة لتحسين انتاجيته، حيث تمكن خلال العقدين الماضيين، من تحقيق ثلث معدل الإنتاجية في الاقتصاد العالمي عموماً، وفقاً لمؤسسة ماكينزي الاستشارية. وربما كانت الرقمنة، أكثر بطئاً من أي قطاع تجاري آخر، حيث تعثرت في كثير من المناطق حول العالم، بسبب نقص العمالة الماهرة. ومن المتوقع أن يزيد الوضع سوءاً، حيث من المرجح، تقاعد نحو 40% من العاملين في القطاع خلال 10 سنوات من الآن في أميركا. الفوائد البيئية وتتعدد الفوائد البيئية، لكن أهمها، عدم الحاجة لنقل أشياء كثيرة ذات أوزان ثقيلة، حيث تشير تقديرات بالاري هومز، إلى أن التصنيع المسبق لمنتجاتها، يقلل من رحلات شاحنات النقل، ما يسهم في خفض 2 طن من انبعاثات الكربون، مقابل كل بيت يتم بناؤه. وتنتشر الشركات التي تمارس بناء المنازل بالطباعة ثلاثية الأبعاد حول العالم، حيث أنجزت 14تريز، وهي شراكة بين سي دي سي جروب البريطانية وهولسيم السويسرية، أكبر شركة اسمنت في العالم، بناء منزل في مالاوي في غضون 12 ساعة فقط وبسعر يقل عن 10 آلاف دولار. وفي المكسيك، تعاونت نيو ستوري، التي تعمل في إيواء المشردين، مع آيكون للتقنية، في بناء 10 مساكن، فرغت من إنشاء كل واحد منها في نحو 24 ساعة. أما في أوروبا، تم تسليم مفاتيح أول بيت بالطباعة ثلاثية الأبعاد، لساكنيه في مدينة اندهوفين في هولندا في 30 يوليو الماضي. وتمت الموافقة في العام الماضي، على إنشاء بناية بثلاثة طوابق لشقق سكنية في ألمانيا. وانتشرت التقنية، في منطقة الشرق الأوسط وقارة آسيا. توجد بعض القيود التي تعترض طريق المنازل المطبوعة، حيث ينبغي وكبداية، تعديل قوانين الإنشاءات لتتوافق معها. وتبنت كافة الولايات الأميركية باستثناء ويسكونسن، القانون الدولي السكني، الذي يضع معايير مثل هذا النوع من المباني. كما تتعلق بعض التساؤلات، حول جودة وتشطيب المنازل التي يتم إنشاؤها بالطباعة ثلاثية الأبعاد. ومن المنتظر في حال إثبات نجاحها، تجاوز عدد المباني المطبوعة، تلك المبنية بالطرق التقليدية في المستقبل القريب، خاصة أن الفرص متوفرة في مجال المستودعات والمكاتب والمنشآت التجارية الأخرى.
مشاركة :