قررت وزارة الأوقاف في مصر أمس، غلق مسجد الإمام الحسين بالقاهرة لمدة ثلاثة أيام، لمنع إقامة أي مظاهر شيعية داخل المسجد أو بمحيطه خلال إحياء ذكرى يوم عاشوراء، بينما تحدت قيادات شيعية قرار الأوقاف، وقالت: «لن نسمح بمنعنا من زيارة المسجد والضريح وسوف نحيي شعائرنا في محيطه التي ليس فيها خروج عن المألوف.. وأن الادعاء بممارستنا طقوسا معينة بالمسجد هي مجرد هواجس». وترفض الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، منح الشيعة تصريحا رسميا بإقامة الشعائر الخاصة بذكرى عاشوراء بمسجد الحسين، وتقول الوزارة إنها «لن تسمح بالمذهبية في مساجدها نهائيا»، وقال أحد المسؤولين بمسجد الحسين لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «تعليمات صدرت بغلق المسجد (الذي يضم ضريح الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب) عقب كل صلاة وغلق الضريح نهائيا، فضلا عن تكثيف قوات الأمن لتواجدها بمحيط المسجد، تحسبا لتجمهر أي أفراد من الشيعة أو قيامهم بأفعال غريبة». وشهدت الأعوام الماضية تهديدات من التيار «السلفي» للشيعة حال قيامهم بإحياء ذكرى عاشوراء. ورغم تهديدات وزارة الأوقاف فإن عددا محدودا من الشيعة المصريين احتشدوا في محيط مسجد الحسين أمس للاحتفال، وقال الطاهر الهاشمي القيادي الشيعي: «لن نذهب للمسجد في تجمعات.. وسوف نذهب فرادى كل منا يذهب تبعا لظروفه الحياتية»، لافتا إلى أن «زياراتنا للمسجد لم تنقطع منذ أول شهر المحرم.. ونحيي الذكرى بإقامة مجالس العزاء وقراءة الأدعية والقرآن في خارج المسجد ثم الدخول للضريح لقراءة قصائد الرثاء والدعاء، ولا يوجد في كل هذا ما يخالف الدين والشرع»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أمس: «سوف نحيي الذكرى من خارج وداخل المسجد، والأوقاف لديها هاجس منذ سنوات بأننا سنمارس طقوسا معينة، رغم أننا لم نمارس أي طقوس». وحاول الشيعة استغلال الفوضى التي ضربت البلاد عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم في عام 2011 وحاولوا القيام بالطقوس الشيعية؛ لكن تصدى لهم تيار الإسلام السياسي وقتها. وكشف الهاشمي، أن الشيعة متواجدون حول المسجد منذ يوم أمس (الخميس) لإحياء الذكري ولن يذهبوا أو يقيموا أي فاعلية أخرى بعيدا عن الحسين، موضحا أنه «لن يستطيع أحد منعنا من إحياء الذكرى التي يشارك فيها مسلمون ومسيحيون، حسب ظروف كل شخص». وعن قرار غلق الضريح أمس، قال الهاشمي إن «الساعات القليلة القادمة سوف تحدد ما إذا كنا سوف نمتثل ونجعل مراسمنا في خارج المسجد، أم نصر على الدخول للضريح»، ملوحا إلى «أنهم قد يقصرون احتفالاتهم في الخارج فقط منعا لوقوع أي أحداث عنف مع الأمن». وطوقت قوات الأمن أمس جميع أبواب مسجد الحسين، وقال المسؤول في مسجد الحسين – الذي تحفظ عن ذكر اسمه - «تم عمل تطويق أمني لعدم السماح للشيعة بدخول حرم المسجد كما جرى إغلاق الضريح نهائيا»، لافتا إلى أنه جرى السماح للمصلين بالصلاة في أوقاتها فقط، مع غلق المسجد بعد كل صلاة. ومسجد الحسين مثل المساجد التي توجد بها مقامات وأضرحة أبوابه تظل مفتوحة طوال النهار والليل ويؤوي الكثير من المصريين من غير سكان العاصمة القاهرة الذين يفضلون الاحتماء به والمبيت بداخله؛ لكن المسؤول بمسجد الحسين قال: إن «الأوقاف قررت غلق المسجد نهائيا أمس عقب صلاة العشاء، وتعهدت باتخاذ إجراءات قانونية شديدة حيال خرق قرارها والمكوث في المسجد أو محيطه عقب صلاة العشاء». ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة في مصر؛ لكن إحصائيات القيادات الشيعية تؤكد أنهم يقدرون بنحو مليون ونصف؛ لكن المصادر غير الرسمية في الدولة تشير إلى أن أعدادهم لا تزيد عن بضعة آلاف. من جهته، اعترض الباحث الشيعي أحمد راسم النفيس، على تسمية زيارتهم لمسجد الحسين بـ«الطقوس»، لافتا إلى أن الأوقاف تمارس نوعا من الإرهاب علينا.. وهذا المسجد ليس ملكا للوزارة فالمساجد لله، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «التيار السلفي يسعى للصدارة إلى المشهد على حسابنا بادعائه أنهم سوف يحمون المسجد والضريح منا، وهذا الكلام غير دقيق». وتخشى السلطات المصرية من وقوع أي مناوشات مع الرافضين لتواجد الشيعة بالقرب من مسجد الحسين، وقال وليد إسماعيل رئيس ائتلاف الدفاع عن الصحابة وآل البيت: «لن نسمح للشيعة ببث سمومهم في المجتمع المصري؛ وملتزمون بالسلمية فقط والتواجد في نطاق المسجد لحمايته من أي خروقات من قبل الشيعة».
مشاركة :