طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة العراقية بحماية المتظاهرين وقادتهم، وذلك بعد سلسلة عمليات اغتيال وخطف طالت عددا من ناشطي التيار المدني وقادة المظاهرات المدنية، التي دخلت شهرها الثالث، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء حيدر العبادي ضغوطا من كبار رجال الدين وفي مقدمتهم السيستاني، للكشف عن كبار الفاسدين وإحالتهم إلى القضاء. وقال الصدر خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده في مدينة النجف مع عدد من قادة المظاهرات أمس الخميس، ومن بينهم القيادي البارز في التيار المدني العراقي جاسم الحلفي إن «المتظاهرين قاموا بما تطلبه الوضع من إصلاح بطرق سلمية جمعت جميع القوى على كلمة واحدة». وأضاف الصدر أن «كل العراق يريد الإصلاح والسلام، ونحن نمسك السلاح في ساحات القتال ضد تنظيم (داعش) والمتظاهرون يدفعون دواعش الفساد بيدهم». وطالب الصدر الحكومة «بحماية المتظاهرين وحماية قادتهم، وعدم التعرض للمظاهرات والتضييق عليها، والاستجابة لمطالبهم والتحقيق في تعرض بعضهم للاعتداء»، مؤكدا في الوقت نفسه «استمرار المظاهرات المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد»، داعيًا المتظاهرين إلى «الاستمرار في المطالبة بالإصلاح والاستمرار في التظاهر». من جانبه، قال الناشط المدني جاسم الحلفي خلال المؤتمر، إن «التيار الصدري يمثل تيارًا مجتمعيًا كبيرًا، وتمسه قضايا كثيرة ومعاناتنا واحدة، وقد حصلنا على دعم غير محدود»، مبينًا أن «اللقاء أكد على أن تنطلق المظاهرات من بعد وطني وتحشيد شعبي باتجاه الإصلاح السياسي، وتخليصه من المحاصصة الطائفية ورؤوس الفساد». وأكد الحلفي على «مواصلة المظاهرات بكل الأحوال بالأسلوب السلمي»، مشيرًا إلى أن «العراق يعيش لحظات استثنائية، وعلى المدنيين والإسلاميين المعتدلين المشاركة في هذه المعركة المصيرية». ويأتي هذا اللقاء بين قادة المظاهرات وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عقب مجموعة من اللقاءات غير المعلنة مع كبار مراجع الدين في مدينة النجف. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» كشف الحلفي عن أن «هذا اللقاء مع الصدر سبقته عدة لقاءات مع التيار الصدري في بغداد والنجف، جرى خلالها التنسيق مع الصدريين على ما يتصل بالمظاهرات، لا سيما أن هناك مساحة عمل ومعاناة مشتركة بين المتظاهرين المطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد وتأمين الخدمات، وبين جمهور التيار الصدري الذي هو في الغالب من الطبقات الفقيرة التي لها معاناتها المعروفة». وأشار الحلفي إلى أن «اللقاء مع السيد الصدر يأتي في هذا الإطار، ومن أجل التنسيق حول المظاهرات في سياق عمل مشترك من أجل حركة الإصلاح التي يجب أن تستمر بوتيرة متصاعدة، بالإضافة إلى التأكيد على البعد الوطني للمظاهرات والكفاح السلمي بعيدا عن العنف؛ لأن الهدف في النهاية هو إصلاح النظام السياسي وليس تغييره، وهو ما يتطلب معالجة ملفات الفساد، ومحاربة كبار الفاسدين الذين يطالب الشارع بمحاسبتهم بغض النظر عن أي خلفية حزبية أو طائفية أو عرقية». وأضاف الحلفي أن المتظاهرين، طوال الشهور الماضية، وجدوا استجابة جيدة من قبل الصدريين والصدر شخصيا، حيث كان هناك تفهم كامل لرؤاهم وما يريدون الوصول إليه في إطار حركتهم السلمية، وقال: «الصدر يرى مثلنا تماما أن هناك عيوبا في النظام السياسي في البلاد تتطلب الإصلاح الحقيقي وليس عبر عمليات ترقيعية؛ إذ إن عيوب هذا النظام وفشله هو الذي سمح للإرهاب بأن يحتل مدننا ومحافظاتنا، وبالتالي فإننا نرى أن المعركة ضد الفساد هي الوجه الآخر للمعركة ضد (داعش)». وكشف الحلفي عن «عقد قادة التيار المدني سلسلة لقاءات غير معلنة خلال الفترة الماضية مع ثلاثة من المراجع الأربعة الكبار في النجف، وهم محمد سعيد الحكيم، وإسحق الفياض، وبشير النجفي، فضلا عن أساتذة في الحوزة الدينية مقربين من المرجع الأعلى علي السيستاني، حيث يقفون معهم تماما على صعيد إصلاح النظام السياسي، ومحاربة الفساد، وتأمين الخدمات الأساسية». وردا على سؤال بشأن الإجراءات التي يقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي باتجاه إحالة بعض كبار المسؤولين ومن بينهم وزراء في حكومته إلى القضاء، قال الحلفي: «هذه الإجراءات جيدة، ولكنها لا تزال دون مستوى آمال وطموحات الشعب، حيث بالإمكان تحقيق ما هو أكثر من ذلك»، مبينا أن «المطلوب هو برنامج واضح يحتوي على منهاج ووحدة قياس، وهو ما يتطلب وجود فريق عمل معلن على هذا الصعيد، وأن تصبح الوزارة هي وزارة إصلاح».
مشاركة :