ما حصل في أفغانستان لم يكن لأحد أن يتخيله، سقوط سريع للحكومة، بل وهروب لرئيس الدولة، البنتاغون وكما صرح الناطق باسمه لم يتوقعوا هذا السقوط السريع! أكثر من علامة استفهام تحيط بنبأ السقوط، ومثلها عن تصريح البنتاغون، وكافة السياسيين الأمريكيين! أسلحة هائلة، معدات متقدمة، وطائرات، صارت غنيمة لطالبان! رئيس القسم الروسي في رابطة الشرطة الدولية، يوري جدانوف، قال: إن حركة «طالبان» تمكنت من الوصول إلى كمية كبيرة من الأسلحة، بعد توليها السلطة في أفغانستان. وفي حديثه مع وكالة «نوفوستي»، كشف المسؤول الروسي أن الحركة غنمت حوالي مليون قطعة سلاح خفيف ونحو مليار قطعة ذخيرة، فضلاً عن نحو 600 ناقلة جند مدرعة، وأكثر من 8 آلاف مركبة عسكرية للطرق الوعرة وعربات مصفحة. كما استولت الحركة على حوالي 100 طائرة مروحية من طراز Mi-17 وMi-24 من الحقبة السوفيتية، وعشرات المروحيات من طراز MD 500 Defender و16 مروحية «بلاك هوك»، فضلاً عن العديد من طائرات النقل Hercules. على الجانب الآخر من المفاجأة برز اسم (داعش خراسان) وكأن الأمر رُتب له! وكأن القوى الدولية تريد نزاعًا في مكان آخر من الأرض! السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هل سقوط الحكومة الأفغانية وانسحاب القوات الأمريكية وغيرها من أفغانستان، ما هو إلا فسح المجال لصراع قادم؟ بل والأخطر تهيئة الأرضية الخصبة لنماء جماعات متطرفة، وحركات تكفيرية جديدة؟ هل نجد أنفسنا نرد الحديث نفسه عن داعش العراق والشام؟ قلت في مقالة نشرت في هذه الزاوية عام 2015.. الحديث عن جرائم (داعش) لم يعد حديثاً جاذباً أو لافتاً؛ كون الجميع متفقاً على فظائع جرائمهم وخسة منهجهم وزيغهم وضلالهم. علماء الأمة منذ عصر الصحابة إلى اليوم متفقون على أن من هذا منهجه ومن هذا فكره فهو من الضلال الذين حذَّر منهم رسولنا الكريم محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -, إذ حذَّر عليه الصلاة والسلام من قوم نحقر صلاتنا عند صلاتهم وصيامنا عند صيامهم, لكنهم في واقعهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. نسأل الله الثبات على دينه. داعش بكل رموزها عطشى للدماء؛ فهم يأخذون بكل رأي يحقق لهم رغبتهم في سفك الدماء مهما كانت هذه الدماء. في مقالات لي سابقة، ومقالات لآخرين قلنا إن هؤلاء المجرمين لا يمثِّلون فكراً وإنما يمثِّلون مخططاً استخباراتياً، له أذرعه الفاعلة التي تنفذ دون معرفة بالهدف إلا الهدف الذي يرددونه وهم كاذبون، ألا وهو إقامة دولة الخلافة الراشدة! العام بأسره عانى من الإرهاب، وعانى من الفكر المتطرف، وعانى من الجماعات التكفيرية، طوال سنوات وسنوات، فهل تكون أفغانستان مقبرة لآخر هؤلاء؟ نأمل ذلك، ونسأل الله لأفغانستان الأمن والاستقرار الدائم.
مشاركة :