مصر وتركيا لمباحثات استكشافية ثانية...فهل تختلف عن الأولى؟

  • 9/6/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مرت نحو 4 أشهر ما بين الجولة الأولى «الاستكشافية» بين مصر وتركيا التي استضافتها القاهرة، والثانية من النوع نفسه التي تنطلق في أنقرة غداً (الثلاثاء) لبحث إمكانية تطبيع العلاقات المتوترة المقطوعة سياسياً بين البلدين منذ 8 سنوات تقريباً. لكن هل يمكن القول إن «هناك متغيرات شهدها الإقليم، وكذلك البلدان خلال الفترة الماضية، ستنعكس بصورة أو بأخرى على مخرجات أحدث محطات المباحثات؟». تبدأ «الاستكشافية الثانية» في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، على مستوى نواب وزير الخارجية في البلدين. وقد أفادت القاهرة وأنقرة بأنها ستعقد على مدار يومين في العاصمة التركية، فيما أفادت «الخارجية المصرية» بأن «السفير حمدي لوزا، نائب وزير الخارجية، سيزور أنقرة استجابة للدعوة المقدمة من تركيا لإجراء الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية» التي يُنتظر أن «تتناول العلاقات الثنائية بين الجانبين، فضلاً عن عدد من الملفات الإقليمية»، وفق البيان المصري. صحيح أن الجولة الأولى التي عقدت في 5 و6 مايو (أيار) الماضي صدر في ختامها بيان مشترك تحدث عن أن «المباحثات كانت (صريحة معمقة)»، لكن لم يعلن خلال المدة ما بين الجولتين عن زيارات بمستوى أرفع، أو حتى اتصالات تمهيدية لتحسين العلاقات. ومع ذلك يرى الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، كرم سعيد، أن «هناك رغبة لدى الطرفين في كسر حدة التوتر. وحتى إن لم تتم حلحلة الملفات الرئيسية العالقة بين الجانبين، فإنه يمكن استهداف وقف التصريحات العدائية المتبادلة». وتوترت العلاقات بين تركيا ومصر عام 2013، وتبادلا سحب السفراء، إلا أن سفارتي البلدين لم تغلقا أبوابهما، واستمرت بالعمل على مستوى القائم بالأعمال، وبمستوى تمثيل منخفض طوال الأعوام الثمانية الماضية، بسبب الموقف التركي من سقوط «حكم الإخوان» في مصر، ودعمها الجماعة التي أعلنتها السلطات المصرية «تنظيماً إرهابياً»، غير أن أنقرة قيدت أخيراً بعض القنوات الداعمة لـ«الإخوان» التي تُبث من إسطنبول، ومنعت بعض برامجها الرئيسية من الاستمرار، وعدت القاهرة ذلك «إيجابياً». لكن الأمر ليس رهناً بالعلاقات الثنائية، فهناك سياق إقليم حاكم للمباحثات في جولتها الثانية، حتى إن لم يكن على جدول أعمالها. ويشير الباحث المصري إلى أن «الانسحاب الأميركي من أفغانستان، المواكب لتوجه أميركي أيضاً نحو تخفيف الوجود بالعراق، فضلاً عن ظهور تحالفات إقليمية جديدة ظهرت في قمة بغداد، جميعها عوامل يجب وضعها بالحسبان عند النظر إلى المباحثات المصرية - التركية». وبالعودة إلى نقاط التباين بين القاهرة وأنقرة، فإنه يمكن القول إنه لم يحدث متغير على مستوى التوافق فيما يتعلق بالملف الليبي، فمصر لا تزال متمسكة وتضغط على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من جارتها الغربية، بينما تدافع تركيا بأن «وجودها شرعي». ويشير سعيد إلى أن «قرب موعد الانتخابات الليبية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل يدفع نحو ضرورة طرح الملف بين القاهرة وأنقرة، وإن لم تكن هناك قدرة على الوصول لتنسيق، فعلى الأقل ربما تستهدفان عدم تصعيد الخلاف بين البلدين». وتتشابك الملفات المشتركة بين مصر وتركيا في نطاقات مختلفة، منها منظمة «منتدى غاز شرق المتوسط»، وقضية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان وليبيا (في إطار اتفاق لا تعترف به القاهرة بين طرابلس وأنقرة). والقاهرة مقر دائم لـ«منتدى غاز شرق المتوسط» الذي يضم، بخلاف مصر، كلاً من «اليونان، وقبرص، وإيطاليا، والأردن، وفلسطين، وإسرائيل»، بينما تدخل تركيا في خلافات مع اليونان وقبرص بشأن مكامن الطاقة في المتوسط. وفي يونيو (حزيران) الماضي، رهن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مضي بلاده بمسار «تطبيع العلاقات» مع تركيا بإقدامها على «تغيير المنهج»، ومراعاة آراء القاهرة بشأن سياسات أنقرة المتصلة بالمصالح المصرية. وقال شكري إن مصر «خلال الحوار الاستكشافي الذي تم وخرج على مستوى نواب الخارجية، أبدت كل ما لديها من آراء متصلة بالسياسات التركية، وما نتوقعه من تغيير في المنهج حتى يتم تطبيع العلاقات مرة أخرى». ويخلص سعيد إلى أن «الحرص على إتمام الجولة الثانية يأتي في سياق رغبة متبادلة في وقف التصريحات والتصريحات المضادة، وتحقيق رغبة من الانفتاح والتطور فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية، خاصة أن التقديرات الأخيرة تتحدث عن ارتفاع حجم التبادل». وبشأن ما إذا كان من الممكن أن يؤثر إعلان مصر وقبرص، أول من أمس، عن لجنة عليا مشتركة رئاسية، على الجولة الثانية من المباحثات، يقول سعيد: «ربط الحدثين ظاهرياً أمر مقبول، لكن استراتيجياً لا يمكن التعويل عليه، لأن مصر في سياق تحالف مستمر متواصل مع قبرص واليونان، وقد تحولت العلاقة من التعاون إلى التحالف الاستراتيجي»، واستطرد: «ربما يحمل الأمر الأحدث إشارة ضمنية لتركيا أن مصر لديها كثير من أوراق الضغط التي يمكنها أن تزعج أنقرة إذا ما ذهبت إلى اتجاه مناوئ للمصالح المصرية».

مشاركة :