التقلبات الاقتصادية في البحرين وفي العالم، لها مد وجزر، والأحوال لا تستقيم على منوال واحد، خاصة في الوقت المعاصر، إذ أن الأسواق في العالم شرعت أبوابها، ولا يستطيع أحد أن يخرج من هذه الشرنقة. والمتابع للبورصات العالمية من الشرق إلى الغرب يرى أنها تتأثر ببعضها صعودًا ونزولًا، والأوراق المالية في سوق البورصات، ياما أفلست ببعض الناس وهدمت عيشهم وآمالهم والبعض الآخر ربح وطاب عيشه، ولنتذكر سوق المناخ في الكويت في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، - فقط للتذكير -، فقد تجاوز سعر سهم بنك البحرين والكويت قبل انهيار سوق المناخ الثلاثين دينارًا بحرينيًا، ليهوى إلى فلوس معدودات بعد ذلك! هذا نموذج واحد فقط من النماذج التي مرت بها مملكة البحرين وغير البحرين، ولا ننسى تأثير الحرب العالمية الثانية على البحرين 1939 - 1945م، ولولا لطف الله تعالى، ومساندة الحكومة للكثير من البيوتات المالية واسعافها للوقوف على أقدامها، لكان للحديث منحى آخر. نحن اليوم نتحدث عن أسعار النفط، وتأثيره على اقتصاد الدول التي تعتمد عليه في المرتبة الأولى، هذا الانخفاض المريع، خسرت بسببه الدول المنتجة وطال هذا الانخفاض معيشة الناس، وربحت الدول المستوردة خاصة الدول التي تخزنه في باطن الأرض كاحتياطي لأوقات الأزمات. دول الأوبك المنتجة لهذه الطاقة وكذلك دول الأوابك، والدول الأخرى التي لا عضوية لها في هاتين المنظمتين، هذه الأخيرة لا تلتزم بسقف معين للأسعار، لا تلتزم بالإنتاج، وأعتقد أن لها تأثيرا كبيرا على إغراق السوق النفطي مما يؤدي إلى انهيار أسعاره في الأسواق العالمية للطاقة. هل هذا الانخفاض الذي لحق سوق النفط له أبعاد سياسية، هدفها ضرب الدول المنتجة وعلى رأسها الدول العربية لخلق الأزمات بين الحكومات وشعوبها، واستنزاف أرصدتها المالية الموجودة في البيوتات المالية العالمية التي لا تريد للدول العربية لا تقدمًا ولا تنمية، وإنما شراء أسلحة عفى عليها الزمن! لقد تأثرت مملكة البحرين تأثرًا كبيرًا بهذا الوضع للسوق العالمية للطاقة، مما فرض على الحكومة الضغط على المصروفات وتنمية الايرادات والبحث عن مصادر للدخل مساندة، وإعادة هيكلة أجهزة الحكومة، بحيث تتواءم مع الظروف الطارئة. للحقيقة، لم تستغل الوفرة المالية في التصنيع ولو بجزء منه، كون الصناعة قامت عليها دول كثيرة وكبيرة، مثل اليابان من بعد الحرب العالمية الثانية، وإيطاليا، وألمانيا التي تعد اليوم من أقوى دول أوروبا أقتصاديًا، وهذه الدول الثلاث غير نفطية. يجب علينا جميعًا حكومة وشعبًا أن نتآزر، ونأخذ من هذه الأزمة دروسًا للمستقبل والبحث من مصادر دخل مساعدة - وهي كثيرة وعلى رأسها الصناعية -، ولكن، ألا يؤثر هذا الوضع المفاجىء على المواطن، لا في عيشه ولا مسكنه ولا صحته ولا تعليمه ولا عمله ولا في حقوقه المكتسبة ولا في أمنه، وأن نكون بالمرصاد لمن يحاول أن يزعزع أمننا واستقرارنا ووحدتنا الوطنية أو النيل من كرامتنا. هذه دورة اقتصادية، نرجو أن نتعداها بسلام، ولنحسن النوايا، وأن نكون عونًا للحكومة فيما تريد من مصلحة الوطن والمواطن، يقول الله تعالى في سورة البقرة: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) 155 - 157. ] يوسف محمد بوزيد
مشاركة :