لم تعد مهنة قيادة سيارة الأجرة التاكسي في عدد من مدن المغرب حكراً على الرجال، إذ إنّ نسوة اخترن خوض غمار هذه التجربة رغم المضايقات التي تواجههن، فما بين مجتمع يرفض التقبّل خوفاً على المرأة من مخاطر التحرّش، يبقى الإصرار على تحدي المصاعب سيد الموقف. تمتهن رشيدة عكي سيدة في عقدها الرابع قيادة سيارة أجرة من الحجم الكبير، يلقبها زملاؤها من الرجال المرأة الحديدية، وتحظى باحترام الكل بعد ثلاث سنوات من العمل سائقة في الدار البيضاء. لعل شغف رشيدة بالمهنة شجعها على كسر القيود، لاسيّما بعد ما حظيت به من تأييد أبنائها، فهي ترى أنّ العمل يمكّن المرأة من الاستقلال المادي، دون أن تخف الصعوبات التي تواجهها من بعض الركاب ممن لا يتورّعون عن التحرّش بها من آن لآخر فيكون جزاؤهم الصد الحازم. مضايقات ركاب ولعل في تجربة حورية بوزيان مثال آخر، فهي سائقة سيارة أجرة في العقد الخامس، كسرت الأخرى قاعدة أن مهنة قيادة التاكسي حكر على الرجال في مراكش، إلّا أنّها واجهت مضايقات كثيرة في بداية عملها من الركاب الذين لا يتقبلون فكرة أن يستقلوا سيارة أجرة تقودها امرأة فيضطرون إلى النزول دون الإفصاح عن أسباب، لكن شيئاً فشيئاً تقبل الركاب الفكرة. وجعل حب القيادة حورية لا تتغيب يوماً واحداً حتى أوان مرضها، كما أنها المعيل الوحيد لأسرتها الصغيرة بعد وفاة زوجها الذي كان يمتهن المهنة ذاتها. إصرار وتحدٍ وفي شمال شرق المغرب مدينة الناظور، حصلت إكرام حليم ذات الـ 32 ربيعاً، على رخصة قيادة سيارة الأجرة، إذ لم تنل العوائق التي تقف حاجزاً أمام هيكلة القطاع بالمدينة من عزيمة إكرام التي شددت على أن المهنة لم تعد حكراً على الرجال، داعية النساء الريفيات إلى الانخراط في التجربة بكثافة وأنّ الأمر برمته لا يعدو كونه مهنة لكسب القوت. وأبدت إكرام استعدادها العمل سائقة سيارة أجرة إلى جانب عملها بإحدى شركات التأمين الخاصة، مطالبة المجتمع تقبّل الفكرة ومساعدتها على العمل في أجواء مناسبة مثلها مثل أي رجل. حب واقتناع ولا تختلف حكاية مونيا المحمودي عن زميلاتها، فهي أول سائقة أجرة في مدينة وجدة شرق المملكة تعمل منذ خمسة شهور، ولم تنف المخاطر التي تعترضها كامرأة، إلا أن اقتناعها بالفكرة شجعها على مزاولة المهنة شأنها شأن زملائها الرجال الذين ينصحونها تفادي العمل ليلاً تجنباً لأي مكروه، وأن نجاحها كفيل بتقبل الزبائن واحترامهم. وتروي مونيا أنّها خاضت التجربة لإعانة زوجها على أعباء الحياة. سائقة ليلية وتتطابق حكاية أمينة الرافعي مع حكايات الأخريات وإن اختلف الأمر قليلاً، فهي تعمل سائقة أجرة في الليل فقط في الدار البيضاء، ما يجعلها أكثر تعرّضاً للخطر باعتبار ركاب الليل ليسوا كما النهار، لكنها كما يصفها زملاؤها السائقون امرأة قويّة تعرف كيف تدافع عن نفسها من شرور أي متعد. لم يقتنع أبناؤها بعمل أمهم سائقة أجرة ليلاً، رافقوها في إحدى المرات إلّا أنّ النعاس غلبهم في آخر المطاف، فلم يجدوا بدّاً من الاقتناع. تجربة استثنائية لمياء العبيدي.. سائقة في سن الأربعين أول امرأة تزاول المهنة في مدينة فاس، إذ أصرت على خوض التجربة الاستثنائية متحدية عائلتها والمجتمع وسلطات الولاية التي رفضت مرتين منحها الرخصة كونها امرأة تريد دخول مجال يعتبر حكراً على الرجال، إلّا أنّها حذت حذو زوجها الذي يعمل أيضاً سائق أجرة، فلم تدخر جهداً لإعانته على متطلبات الحياة، وإعطاء المغربيات مثالاً يحتذى. وتختار لمياء زبائنها بعناية ولا تتردّد على الأحياء الشعبية أو الخطرة، وانضمت إلى نقابة سائقي سيارات الأجرة حتى تدافع عن حقوق زميلاتها في المهنة، وتسهم في تغيير نظرة المجتمع إزاء النساء الممتهنات لهذه المهنة.
مشاركة :