اتفق عمد أحياء جدة القديمة على أهمية مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية الذي يربط بين عراقة الماضي والمستقبل، مشيرين إلى أن تاريخ جدة في استقبال المعتمرين والحجاج والزوار ليس وليد اللحظة، وإنما يمتد لقرون طويلة، وهو ما يؤهلها لأن تكون بوابة سياحية للمملكة، في ظل ما تحظى به البلاد من نهضة ثقافية في كل المسارات الإبداعية.وأوضحوا لـ «اليوم»، أن القيادة الرشيدة، تسعى لتحول جدة التاريخية بشكلها الجديد إلى أكبر حاضنة للفنانين وأعظم محفز للإبداع المحلي، وواجهة حضارية فريدة للمملكة، وبينوا أن الاهتمام بتطوير جدة التاريخية، يعكس جانبا من توجه المملكة نحو تحقيق التنمية المستدامة في جميع المناطق والمدن السعودية، عبر مشاريع حَضرية تنموية صديقة للبيئة، تتوافر فيها حواضن طبيعية للإبداع.برامج تطوير تعتمد على دراسات وخرائط متقنةعاصمة للسياحة الترفيهية والتاريخيةأوضح عمدة حي الشام والمظلوم في المنطقة التاريخية بمدينة جدة ملاك محمد محمود باعيسى، أن تاريخ جدة يتجاوز الـ 3500 عام، وتضم معالم تاريخية وإسلامية كبيرة جدا أشهرها على الإطلاق مسجد الشافعي، الذي تم بناؤه عام 26 هجريا، والذي بناه الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ويقع في حارة المظلوم في سوق الجامع وهو أقدم مساجدها وقيل إن منارته بنيت في القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر ميلادي وهو مسجد فريد في بنيان عمارته مربع الأضلاع ومكشوف الوسط لتحقيق التهوية، وشهد المسجد عدة أعمال ترميم لصيانته.وأضاف إن المعالم تشمل بيت نصيف الذي اتخذه المغفور له الملك عبدالعزيز مقرا له، ومسجد الحنفي، الذي فيه مصلى خاص بالملك عبدالعزيز، وحظيت جدة بتطور سريع في عهد المملكة العربية السعودية، كللت باعتمادها في اليونيسكو كإحدى مناطق العمران الدولية التاريخية.وبيَّن أنه من هذا المرتكز انطلق الاهتمام بتلك المباني من قبل وزارة السياحة ووزارة الثقافة، لتصبح المنطقة أحد أهم المواقع التاريخية والسياحية والتراثية في المملكة، مشيرا إلى أنها كانت بوابة الحرمين، وفيها مسارات معروفة مثل مسار الحج، إضافة إلى أن مهرجانات جدة التاريخية أنشأت عددا من المسارات السياحية، وجميعها أظهرت جدة بمظهر لائق ثقافيا وحضاريا وتاريخيا.وقال «تكللت جميع هذه الجهود والمنجزات بمشروع سيدي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، -أيده الله-، لإعادة تأهيل جدة وجعلها واجهة سياحية للزوار والسياح»، مبينا أن المشروع ضخم وستكون نتائجه مبهرة وجميلة بلا شك، مشيرا إلى أن برامج التطوير اعتمدت على دراسات وخرائط متقنة ومحكمة، ووفق أحدث الأساليب العالمية.وأضاف إنه من المنتظر أن تتحول إلى أحد أجمل المدن العالمية للسياحة المتكاملة، التي تجمع بين عراقة الماضي وتطور وحداثة المستقبل، مشيرا إلى أن إعادة الواجهة البحرية القديمة، التي كان الحجاج يمرون من خلالها باتجاه مكة المكرمة، سيُتيح فرصة سرد القصة العظيمة للحج لكل زوار جدة التاريخية.ولفت إلى أن الاهتمام بتطوير جدة التاريخية، يعكس جانبا من توجه المملكة نحو تحقيق التنمية المستدامة في جميع المناطق والمدن السعودية، عبر مشاريع حَضرية تنموية صديقة للبيئة، تتوافر فيها حواضن طبيعية للإبداع.قال عمدة أحياء جدة التاريخية لحي اليمن والبحر والمكلف بحي الشام والمظلوم سلطان عبدالصمد، إن جدة التاريخية حظيت بعطاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله-، وتعد جدة التاريخية من المكوّنات التراثية الرئيسية في المملكة، وهي مسجلة رسميا في قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو، مبينا أن الإعلان يمثل خارطة مستقبلية تحمل في طياتها العديد من المبادرات التاريخية والسياحية لتصبح جدة عروس البحر الأحمر عاصمة للسياحة الترفيهية والتاريخية.وأضاف إن مدينة جدة كانت مقسمة إلى 4 أقسام إدارية «حارات أو محلات» رئيسية سميت 3 منها حسب موقعها النسبي داخل السور: حارة اليمن لكونها تحتل الجزء الجنوبي من المدينة في اتجاه بلاد اليمن، وحارة البحر نظرًا لوجود مرافق الميناء ويشمل مرسى السنابيك وساحات ومستودعات الجمرك، على الطرف الغربي من حارة اليمن أطلق على ذلك الجزء في تاريخ متأخر اسم حارة البحر لعلاقته الوثيقة بأعمال البحر في ذلك العهد، وحارة الشام لكونها تحتل الجزء الشمالي من المدينة في اتجاه بلاد الشام، وبينهما «حارة مظلوم».وأوضح أنه كان لكل حارة من الحارات الأربع شيخ «عمدة» يعرف بلقب «شيخ الحارة» وهو مسؤول عن الشأن العام فيها، كما أنه كان بمثابة همزة الوصل بين السلطة ممثلة في القائم مقام والشرطة وأهل الحارة، مبينا أن جدة التاريخية مؤهلة لتكون نموذجا مثاليا للتنمية الحضرية ولجودة الحياة ومثالا للتنوع والشمولية، ومنصة لالتقاء الأجيال، وموقعا ثقافيا جاذبا للكبار والصغار، يتألق فيها التاريخ بقالب عصري يُراعي احتياجات الإنسان واستدامة النمو التلقائي للإبداع.وقال إن اللفتة الإنسانية والثقافية لسيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إعادة إحياء جدة التاريخية سيجعلها قلبا نابضا في المنطقة، وعنصرا مهما ومؤثرا في تحسين جودة الحياة للسكان، كما أن إعلان سموه يعكس ما تحظى به بلادنا من نهضة ثقافية في كل المسارات الإبداعية.وأوضح أن المؤشرات القادمة تجعل جدة التاريخية مقصدا رئيسيا لروّاد الأعمال الطموحين والراغبين في المساهمة بالتنمية الحضارية للمنطقة، مؤكدا أن ارتباط جدة بالتاريخ والتراث يلتقي مع روحها العصرية المتطلعة إلى المستقبل، وهذا يجعلها الموقع النموذجي الذي يجتمع فيه جيل الروّاد بالأجيال الجديدة.وأضاف إن التصور الجديد لجدة التاريخية سيجعلها مكانا حاضنا للإبداع، يُتيح لروّاد الأعمال والفنانين والمبدعين الإنتاج والابتكار بتلقائية وطبيعية، ضمن مجتمع إبداعي وفني خلّاق، وفي محيط طبيعي تتوافر فيه واجهات بحرية مطورة بطول 5 كم، ومساحات خضراء وحدائق مفتوحة تغطي 15 % من إجمالي مساحة جدة البلد وضمن مساحة المشروع البالغة 2.5 كم مربع.أكد عمدة حي السبيل الشرقي خالد بن عقاب الذيابي أن جدة التاريخية تتميز بطراز معماري فريد في عدد من المعالم التاريخية، التي من أبرزها الروشان الحجازي والمساجد التاريخية وعلى رأسها مسجد عثمان بن عفان، وكذلك مسجد الإمام الشافعي -رحمه الله- وغيرهما من المساجد، مبينا أن أهالي جدة بنوا بيوتهم من الحجر المنقبي، الذي كانوا يستخرجونه من بحيرة الأربعين ثم يعدلونه بالآلات اليدوية ليوضع فـي مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب، التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء «خاصة من الهند».وأضاف إنه جرى استخدام الطين، الذي كان يجلب من بحر الطين لتثبيت المنقبة ووضع بعضها إلى بعض، وتتلخص طريقة البناء فـي رص الأحجار فـي مداميك يفصل بينها قواطع من الخشب «تكاليل» لتوزيع الأحمال على الحوائط كل متر تقريبا، ويشبه المبنى القديم إلى حد كبير المبنى الخرساني الحديث والأخشاب تمثل تقريبا الحوائط الخارجية للمنشأ الخرساني وذلك لتخفيف الأوزان باستعمال الخشب.وقال إن من أشهر وأقدم المباني الموجودة حتى الآن: دار آل نصيف ودار آل جمجوم في حارة اليمن دار آل باعشن وآل قابل والمسجد الشافعي في حارة المظلوم، دار آل باناجة وآل الزاهد في حارة الشام وبلغ ارتفاع بعض هذه المباني أكثر من 30 مترا، مؤكدا أن المنطقة ذات أهمية تاريخية، ولذلك جاء اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، -حفظه الله-، لتكون معلما سياحيا وتاريخيا ويستفيد منه الجيل الحاضر والأجيال المقبلة.وبيَّن أن عملية إعادة إحياء جدة التاريخية ترتكز على استثمار معالم التاريخ، وخلق بيئة حيوية ينشط فيها المجتمع، ويبدع الفنانون، ويتحقق من خلالها نمو الاقتصاد الوطني، موضحا أن جدة التاريخية ستكون نموذجا مثاليا للتنمية الحضرية ولجودة الحياة، يتألق فيها التاريخ بقالب عصري يُراعي احتياجات الإنسان واستدامة النمو التلقائي للإبداع، مثمنا إعلان سمو ولي العهد وتبنيه لإعادة ترميم جدة التاريخية، التي سيتحقق من خلالها الحفاظ على مكتسب ثقافي مهم للمدينة.طراز معماري فريد ومعالم استثنائية
مشاركة :