اقتنص الليبيون أوقاتاً من الفرح، بعيداً عن مشاكل السياسة وتجاذباتها خلال احتفالهم بفوز بلادهم في مباراة لكرة القدم، متناسين كل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي وضعتها الاختلافات الجهوية في طريق عودة وحدة ليبيا واستقرارها. وأمضى المواطنون ليلتهم في الشوارع والميادين العامة، مساء أول من أمس، وهم يحملون الأعلام ويهتفون باسم ليبيا، بعدما تغلب منتخبهم الوطني لكرة القدم على مضيفه الأنغولي بهدف لصفر في الجولة الثانية من مباريات المجموعة السادسة للتصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال قطر 2022؛ ولسان حالهم يقول «لقد نجح فريق الكرة فيما أخفق فيه فريق السياسة»! وتمكن لاعبو «فرسان المتوسط»، المنتمون لغالبية المدن، من إذابة جليد الخلافات السياسية بإخراج الليبيين بشكل مؤقت من دائرة التحزب الجهوي، وذلك بتجنب الحديث عن نجاحات وإخفاقات الحكومة في التعاطي مع أزماتهم ومعضلاتهم، والتفوا جميعاً داخل المقاهي وفي الساحات العامة أمام شاشات عملاقة لتشجيع «ليبيا الموحدة». ومن «ساحة الشهداء» بوسط العاصمة طرابلس (غربا)، إلى قلب بنغازي (شرقاً)، مروراً بأقصى الجنوب، بدا المشهد واحداً، وهو ما عبر عنه الشاب فارس اليوسفي بقوله: «الجماهير التي توافدت إلى الشوارع والساحات اليوم لم يشغلها أي شيء يدور في كواليس السياسة، سوى تشجيع منتخبها الوطني للفوز في هذه التصفيات المهمة». معتبرا أن "«الكرة تكاد تكون العلاج الوحيد لتجميع الليبيين، بعدما فرقتهم الانقسامات السياسة، لذا نحلم أن يجتاز منتخبنا هذه التصفيات ويتأهل للمونديال». وفيما يشبه التسابق، حرص الأفرقاء السياسيون على أن يكونوا في طليعة المهنئين للشعب الليبي بالإنجاز، الذي حققه منتخبهم الوطني. وفي هذا السياق قال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي: «نبارك للاعبي منتخبنا الوطني فوزهم على منتخب أنغولا... كما نهنئ جميع الليبيين الذين وحّدهم هذا الانتصار، وجمّع هتافهم على كلمة واحدة هي ليبيا». وعقب انتهاء مباراة ليبيا وأنغولا، هنأ عبد الحميد الدبيبة، رئيس مجلس الوزراء، منتخب بلاده بالفوز، قائلا: «داخل البلاد وخارجها، المنتخب الوطني يكمل أداءه الشجاع، ويفرحنا ويفرح جميع الليبيين». مضيفا: «شكراً شبابنا تستحقون كل خير». كما نقل موقع مجلس النواب الليبي أن رئيسه، المستشار عقيلة صالح، تابع مباراة المنتخب مع نظيره الأنغولي، وقال بهذا الخصوص: «رغم الظروف الصعبة التي مرت بها بلادنا، وألقت بظلالها على الرياضة في ليبيا، فإن همم الشباب وسواعدهم الفتية حققت اليوم النصر للكرة الليبية، وأدخلت الفرحة والبهجة لقلوب كل الليبيين». من جهته، عقّب عبد الله حامد، أحد رواد الـ«سوشيال ميديا» على تجمعات الشباب أمام الشاشات في الساحات العامة بأعداد كبيرة، قائلا: «لا نستطيع التأكد أن كان هذا التجمع لأنصار (فبراير) أو (سبتمبر) أو (الكرامة)... هو شعب بسيط يريد أن يعيش ويفرح بعد أن جمّعهم شيء يحبونه. لماذا تريدون أن تفرقوه وتغرسوا الكراهية في قلبه... اتركوا الشعب يعيش على سجيته». وعلى إثر هذا الإنجاز الكروي، استقبل المنفي صباح أمس بعثة المنتخب الوطني لكرة القدم، فور وصولها من أنغولا على متن الطائرة الرئاسية التي خصصها المجلس للمنتخب، مطالباً اللاعبين ببذل المزيد من الجهد من أجل تشريف الرياضة الليبية، والعمل على التأهل لنهائيات كأس العالم، مؤكداً أن المجلس الرئاسي سيكون مسانداً وداعماً لهم في كل خطواتهم القادمة.
مشاركة :