خطوات مغربية بالتدرج لتحرير سعر صرف الدرهم

  • 10/24/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أعلن محافظ المصرف المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري، أن «التحسّن المتواصل في أداء الاقتصاد المحلي يدعو إلى التفكير في تحرير سعر صرف الدرهم المغربي مع بقية العملات الدولية، لمواكبة الانفتاح الاقتصادي والتجاري العالمي الذي يجمع الرباط مع 55 سوقاً تجارية عبر العالم، وتحويل المركز المالي الدولي في الدار البيضاء إلى سوق إقليمية وعالمية لاستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات نحو أفريقيا والشرق الأوسط». وكان صندوق النقد الدولي الذي منح المغرب خطوط ائتمان بقيمة 11.2 بليون دولار، لمواجهة الصعوبات المالية التي تلت الربيع العربي والأزمة الأوروبية، حضّ الرباط على اعتماد مرونة واسعة في سعر صرف العملات لجذب مزيد من الاستثمارات والسياحة وتطوير الصادرات، لمعالجة الخلل في التجارة الخارجية وضعف الموارد الأجنبية. وغيّرت الرباط في وقت سابق، سلة العملات التي يعتمد عليها نظام الصرف، وزادت حصة الدولار إلى 40 في المئة وقلّصت اليورو إلى 60 في المئة، للاستفادة من عولمة التجارة والمبادلات وأسعار السلع الأساس. وأوضح الجواهري الذي قدم عرضاً أمام اللجنة المالية في مجلس النواب حول «دور المصارف المركزية في السياسات النقدية» أول من أمس، أن تحرير سعر الصرف «يحتاج إلى فترة تأقلم على مدى متوسط، تبدأ بمعالجة عدد من الصعوبات الهيكلية في الاقتصاد المغربي، ومنها ضعف الصادرات قياساً إلى الواردات، ما يتسبّب في عجز دائم في ميزان المدفوعات الخارجية». وكان العجز التجاري تقلّص إلى أقلّ من 3 في المئة خلال العام الحالي، بعدما تجاوز 9 في المئة عام 2012، وقبل أن ينخفض إلى نحو 6 في المئة العام الماضي، إثر انطلاق موجة انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية. وساعد تراجع الأسعار في ارتفاع الاحتياط النقدي متخطياً 210 بلايين درهم، وزاد معامل تغطية الواردات بالصادرات وأصبحت تغطي نسبة 60 في المئة من مجموع التجارة الخارجية المقدرة بـ70 بليون دولار. تُضاف إليها زيادة في تحويلات المغتربين واستقرار التمويلات الخارجية من دول الخليج والاتحاد الأوروبي والسياحة الدولية، المقدّرة بـ183 بليون درهم، نحو 20 بليون دولار سنوياً. وأبدى الجواهري تفاؤلاً حذراً في شأن التطورات الاقتصادية العالمية، لافتاً إلى احتمال «تضرّر المغرب في أي لحظة من تبدل اتجاه الرياح». ورأى أن «تحرير الأسعار على المدى المتوسط يحتاج إلى معالجة كاملة لعجز حسابات الاقتصاد الكلي، وانخفاض في المديونية الخارجية وارتفاع في الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية، لمواجهة أي خلل في التجارة والمبادلات الخارجية، فضلاً عن تطوير قطاع الصادرات وتحديداً تلك الصناعية». وقال أن الدول الصناعية «تكون دائماً في وضع (تجاري) أفضل من الدول المعتمدة على الخدمات أو المواد الأولية». وأكد الجواهري «ضرورة تحرير سعر الصرف على مراحل، وألا تواكبه فترة أزمة محلية أو دولية، وأن يسبقه استقرار ماكرو اقتصادي وتحسن في معدلات النمو». لذا أوضح أن في الحالة المغربية «لا يتبع النمو الاقتصادي تحسن مماثل في سوق العمل، كما لا تعني زيادة الاستثمار ارتفاعاً في النمو». ويُعدّ حالياً مشروع تعديل على القانون الأساس للمصرف المركزي المغربي، لتعزيز مراقبته للنظام المالي والمصرفي المحلي، استناداً إلى خلاصات الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية الأخيرة، بهدف ملاءمة القوانين المغربية مع المعايير الدولية، في شكل يقوّي سلطة المصارف المركزية واستقلالها في تحقيق الاستقرار المالي، الذي أصبح الشغل الأساس لدول كثيرة منذ الأزمة المالية. إلى ذلك، توقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد المغربي «نمواً نسبته 5 في المئة هذه السنة ليكون الأول في شمال أفريقيا، تليه مصر التي سيسجل اقتصادها نمواً يتجاوز 4 في المئة، بفضل الزيادة في الاستثمارات الخارجية وتحسن التجارة الدولية، خصوصاً عودة النمو في دول الاتحاد الأوروبي وتراجع أسعار النفط». لكن الصندوق حذّر في المقابل، من احتمال أن «تؤثر الأوضاع الدولية والإقليمية غير المستقرة سلباً في دول الانتقال الديموقراطي ومنها المغرب، الذي قد يواجه صعوبات جديدة في حال تباطؤ النمو في الاقتصادات الأوروبية، أو ارتفاع سعر النفط مجدداً وفي شكل كبير». وخفّض الصندوق توقعات النمو المغربي للعام المقبل إلى 3.7 في المئة من أصل 4.9 في المئة حالياً»، مبرراً ذلك بـ «سنة انتخابية قد تؤجل الإصلاحات الاقتصادية لأسباب سياسية، فضلاً عن توقع موسم زراعي متوسط». وأثنى على أداء الاقتصاد المغربي معتبراً أنه من «الأكثر ديناميكية في المنطقة، واستطاع تقليص معدلات البطالة من 13 في المئة عام 2000 إلى 8.7 في المئة هذه السنة، على رغم استمرار بطالة الشباب المقدرة بـ20 في المئة». كما ساعدت معدلات النمو المرتفعة نحو 1.7 مليون شخص على الخروج من الفقر طيلة الفترة الماضية. لكن المغرب يحتاج إلى إصلاح مناخ الأعمال وتبسيط إجراءات التمويل وتحسين النظام القضائي، وتطوير الحوكمة لزيادة التنافسية الاقتصادية، والاستفادة من الوضع الإقليمي والدولي في مجال الاستثمارات الأجنبية.

مشاركة :