اجتماع وزاري دولي في باريس حول سوريا الأسبوع المقبل دون روسيا وإيران

  • 10/24/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الرد الفرنسي على تهميش باريس والعواصم الأوروبية التي غيبت عن «لقاء فيينا الرباعي» حول سوريا جاء ثلاثي الأضلع: ضلعه الأول، اللقاء الذي جرى أمس في باريس بين المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ووزير الخارجية لوران فابيوس. والضلع الثاني عزم باريس بدعم أوروبي تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لإدانة استخدام النظام للبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين من غير تمييز. أما الضلع الثالث، وهو الأهم، فهو قرار فرنسا الدعوة إلى اجتماع وزاري أواسط الأسبوع القادم سيشارك فيه، إلى جانب فابيوس، وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا والسعودية وتركيا وربما أطراف إقليمية أخرى. «الشرق الأوسط» سألت الوزير الفرنسي عن الحضور الروسي في الاجتماع فأجاب بالنفي، مضيفا أنه «ستحصل اجتماعات أخرى حيث سنعمل فيها مع الروس». وكان فابيوس قد أجرى عددا من الاتصالات مع نظرائه الأميركي والسعودي والتركي ووزراء آخرين قبل بدء «لقاء فيينا الرباعي». وقالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى تعليقا على «لقاء فيينا» إن المشكلة تكمن في أن روسيا التي أمسكت بالكثير من الأوراق العسكرية والسياسية في سوريا «لا تملك استراتيجية واضحة للخروج من الأزمة والولوج إلى المرحلة الانتقالية والحل السياسي». وتعتبر باريس أن هناك عقبتين يتعين على روسيا أن «تتعامل» معهما حتى يمكن التقدم على طريق الحل وهما: مصير الأسد والدور الإيراني. فيما خص الأسد، كشفت هذه المصادر أن موسكو «لا تملك أجوبة واضحة» بشأن هذه المسألة رغم المساعي الغربية لاستيضاحها عما تفعله وتخطط له. وزادت أن الدبلوماسية الروسية بررت جانبا من فشل جنيف بـ«عجزها عن التأثير على الرئيس السوري». بيد أن الأمور اختلفت الآن عقب التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب النظام وسعيها إعادة إيقافه على قدميه. وتساءلت هذه المصادر عما يمكن أن تقوله موسكو اليوم في الوقت الذي تضاعف تأثيرها على النظام السوري. وفي أي حال، ترى باريس ومعها الكثير من العواصم الأوروبية، وفق ما ورد في خلاصات القمة الأوروبية يوم الخميس الماضي في بروكسل، أن موضوع خروج الأسد من الصورة «ليس فقط مسألة أخلاقية» وإنما أيضا يتعلق بفعالية محاربة التنظيمات الجهادية إذ أن هذه الحرب «لن تكون منتجة إذا كانت روسيا تروج للأسد على أنه مستقبل سوريا». أما في الملف الإيراني، فإن هذه المصادر روت أن الروس يقولون لمن يعنيهم الأمر بأن تدخلهم في سوريا هو أيضا «لجبه النفوذ الإيراني». والحال، أن العمليات العسكرية الروسية «تقوّي مواقع الأسد وتجعله أقل ميلا للمساومة والتسوية وتزيد من تمسكه بالكرسي، وهو أيضًا ما تسعى إليه إيران التي تدعمه ميدانيا مباشرة أو عبر الميليشيات الشيعية». وبسبب هاتين المسألتين، فإن باريس توقعت قبل انتهاء لقاء فيينا ألا يتمخض عن نتائج ملموسة وأن تبقى الكلمة للتطورات الميدانية. ولخص المبعوث الدولي دي ميستورا هذا الوضع اليوم بقوله إن «الكلمة تبقى للسلاح وإن الطريق السياسي لم يفتح بعد». هذا، ويتوجه اليوم نيكولا دو ريفيير، المدير السياسي للخارجية الفرنسية، إلى روسيا لإجراء جولة من المحادثات مع المسؤولين الروس، علما بأن موسكو لم تدعَ ولن تدعى إلى اجتماع باريس الذي يضم مجموعة مختارة من النواة الصلبة لأصدقاء الشعب السوري. كذلك لن تدعى إيران إليه رغم «التطبيع» السياسي والاقتصادي المتسارع بين البلدين والزيارة المرتقبة للرئيس حسن روحاني إلى باريس منتصف الشهر المقبل. وأشارت المصادر الدبلوماسية الفرنسية، فيما يبدو أنه تقارب مع الموقف السعودي إزاء مشاركة طهران - التي كان دعا دي ميستورا في المؤتمر الصحافي إلى ضمها إلى الحراك السياسي والدبلوماسي بسبب تأثيرها على الحرب في سوريا - أن باريس «ما زالت تنتظر من إيران أن تبين عن رغبتها في أن تلعب دورا بناء في إيجاد حلول سياسية لأزمات المنطقة لكننا ما زلنا ننتظر». وفي السياق الدولي، تريد باريس الدفع إلى الأمام بمشروع قرار يدين استخدام النظام للبراميل المتفجرة. وقالت المصادر الدبلوماسية إنه «سيكون بمثابة اختبار للطرف الروسي» الذي عارض بل وأجهض كافة مشاريع القرارات التي تضمنت إدانة للنظام السوري في مجلس الأمن. ولذا «سنرى ما سيكون عليه تصرفهم» إزاء مشروع يدين استهداف المدنيين وخصوصا إلقاء البراميل المتفجرة على رؤوس السكان دون تمييز. في أي حال، ورغم العوائق وغلبة قعقعة السلاح، وعودة إلى المبعوث الدولي دي ميستورا، فإنه قال: إن «اللحظة سانحة من أجل التسريع (في العملية السياسية) وربما باللجوء إلى النفوذ الروسي المتعاظم في سوريا من أجل حصول مبادرة سياسية حقيقية تضم كل الأطراف» مسميًا منها إيران. أما الوزير فابيوس فقال: إنه «يتعين العمل بشكل يمنع فيه بشار الأسد من استخدام البراميل المتفجرة ضد شعبه». ولم تستطع المصادر الرسمية الفرنسية إعطاء تقدير زمني لتبني المشروع ولا لكيفية ردود الفعل الروسية إزاء طرحه خصوصا أن روسيا يمكن أن تشعر أنها مستهدفة به لأنه يندد باستهداف المدنيين. والحل، وفق هذه المصادر أن الضربات الجوية الروسية أوقعت ما مجموعه 200 قتيل مدني ودفعت بالآلاف من السكان لترك منازلهم ومنعت المنظمات الإنسانية ومنها الصليب الأحمر الدولي من القيام بعمله وتوفير المساعدة للمدنيين. ويذكر أنه في اليوم التالي لزيارة الأسد لموسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إنه «يأمل» أن يكون نظيره الروسي قد أقنع الأسد بترك السلطة في أسرع وقت. لكن مصادر فرنسية متابعة للملف السوري تعتقد أن المواقف الروسية «لن تتغير سريعا لأنها مرتبطة بمجموعة عوامل ليس مصير الأسد سوى أحدها». ومن هذه العوامل الضمانات الخاصة بالمصالح الروسية في سوريا والمنطقة وشرق البحر الأبيض المتوسط وميزان القوى داخل تركيبة السلطة الانتقالية وتمسك روسيا بأن تضم شخصيات معروفة بولائها لموسكو ودفاعها عن مصالحها، فضلا عن محاربة الإرهاب ومصير الضباط الكبار المرتبطين بها... ولذا، ترى هذه المصادر أن المساومة «ما زالت في بدايتها ولن تكشف موسكو عن حقيقة مواقفها إلا عندما تبدأ حقيقة». وبانتظار هذه اللحظة، فإن الجميع «يناور».

مشاركة :