رحب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، أمس، بالسياسة التي تتبعها ألمانيا لاستقبال اللاجئين، في وقت يسجل الاتحاد الأوروبي رقمًا قياسيًا في عدد الوافدين الجدد، قبل يومين من قمة أوروبية مصغرة ترمي إلى مساعدة دول البلقان التي تواجه صعوبات في التعامل مع الأزمة. وقال يونكر في مقابلة مع مجموعة «فونكي - ميدينغروب» الصحافية إنه لا ينبغي على أنجيلا ميركل «أن تغير نهجها بناء على الاستطلاعات»، معلنا عن دعمه للمستشارة الألمانية. وتتزايد موجة السخط في ألمانيا ضد سياسة «اليد الممدودة» للاجئين التي تتبعها ميركل، حتى إنها وصلت إلى داخل حزبها المحافظ. وتظهر استطلاعات الرأي تراجعا في شعبية المستشارة الألمانية. وتتوقع برلين استقبال ما بين 800 ألفًا إلى مليون مهاجر في العام 2015. كما أنه من المتوقع أن تستقبل البلاد العدد الأكبر من 160 ألف لاجئ سيتوزعون على دول الاتحاد الأوروبي. وبحسب بيان أصدرته المفوضية أمس، فإن الدول الأوروبية لم تقترح حتى الآن استقبال سوى 854 شخصًا. وفيما أصر يونكر في مقابلته على أن شعار ميركل «علينا أن نحقق ذلك!» يجب أن يطبق في كل أوروبا، تستمر الأعمال المعادية للمهاجرين في ألمانيا في الارتفاع، خصوصا ضد مساكن طالبي اللجوء. واعتقل، أول من أمس، 13 شخصًا من منظمة يمينية متطرفة في جنوب البلاد بهذا السبب. وفي السويد التي يتوقع أن تستقبل 190 ألف طالب لجوء العام الحالي، أبرزت السلطات الطبيعة العنصرية وراء قتل شاب لشخصين في هجوم بالسيف على مدرسة، حيث تم اختيار الضحايا على أساس أصولهم، إذ إنهم تلاميذ من أبناء المهاجرين. من جهة أخرى، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في جنيف، أمس، أن نحو 48 ألف مهاجر ولاجئ وصلوا إلى اليونان خلال الأيام الخمسة الأخيرة، أي بمعدل 9600 شخص يوميًا قادمين من تركيا، وهو رقم قياسي منذ بداية الأزمة. أما سلوفينيا، إحدى أصغر دول الاتحاد الأوروبي، فبدت غارقة في سيل اللاجئين، إذ إنه منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) ومع إغلاق المجر لحدودها مع كرواتيا، دخل 47500 شخص البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة. وأعلن رئيس الوزراء السلوفيني، ميرو سيرار، أنه لا يستبعد بناء سياج لوقف تدفق المهاجرين، لكنه يحتفظ بقراره إلى ما بعد عقد لقاء بين كبار المسؤولين الأوروبيين الأحد في بروكسل. ويقول: «نفكر في هذا الخيار، لكن الوقت لم يحن بعد. ما زلنا نأمل في حل أوروبي، لكن إذا فقدنا كل أمل في هذا الخصوص، ولم نحصل على دعم كافٍ الأحد، فكل الاحتمالات ستصبح ممكنة لأنهم سيكونون (دول الاتحاد الأوروبي) قد تخلوا عنا». وتأمل سلوفينيا في الحصول خلال قمة بروكسل، على مساعدة مالية من 140 مليون يورو، وكذلك مساعدة لوجيستية وبشرية لمواجهة تدفق اللاجئين. ودعا يونكر إلى هذه القمة المصغرة بين الاتحاد الأوروبي ودول البلقان التي أصبحت إحدى الطرق الرئيسة للهجرة إلى أوروبا. وأوضح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس شيناس، خلال مؤتمر صحافي أمس أن الهدف من اللقاء هو «تعزيز التعاون والتنسيق والتحرك العقلاني للتعامل مع أزمة اللاجئين». وأضاف أنه «لا يمكن للبلدان أن تنقل مسؤولياتها إلى جيرانها. يمكن فقط لنهج جماعي أوروبي عابر للحدود مبني على التعاون أن يؤدي إلى نتائج». وعلى خلفية قرارات إغلاق الحدود، أصبح المركز الرئيسي لتدفق اللاجئين في جنوب شرق الاتحاد الأوروبي، إذ أصبح المهاجرون يسلكون «طريق البلقان» من المجر إلى كرواتيا وسلوفينيا. وفي هذه الدول، يواجه اللاجئون سوء الأحوال الجوية من أمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة. في المقابل، بدأت صربيا وكرواتيا بتنظيم الأزمة، حيث اتفق وزيرا داخلية البلدين على تحسين ظروف نقل المهاجرين وتجنيبهم التعرض للعواصف، عبر وضع قطارات كرواتية تنقل المهاجرين إلى صربيا، التي يصلون إليها من الجنوب عبر الحافلات. إلى ذلك، سيتم إنشاء مركز تسجيل وعبور لفصل الشتاء خلال الأيام العشرة المقبلة داخل محطة الوصول في سلافونسكي برود في كرواتيا، تتسع لخمسة آلاف شخص. ويتوقع الكرواتيون وصول 4 قطارات يوميًا، أي نحو ستة آلاف شخص. من جانبه، قال وزير الداخلية الصربي نيبويسا ستيفانوفيتش إن «أكثر من 300 ألف شخص عبروا بلادنا منذ يناير (كانون الثاني)، ولديهم كل الوثائق التي تسمح لهم بمتابعة رحلتهم». ورغم أن صربيا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، فإنها دُعيت إلى اجتماع الأحد على غرار مقدونيا، وثماني دول أعضاء هي النمسا، بلغاريا، كرواتيا، ألمانيا، اليونان، المجر، رومانيا وسلوفينيا. في سياق متصل، حذرت الأمم المتحدة، أمس، من تعرض نساء وأطفال مهاجرين ولاجئين في أوروبا للعنف والإساءة الجنسية، داعية الدول الأوروبية إلى بذل مزيد من الجهود لحمايتهم. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن النساء والأطفال يشكلون أكثر من ثلث المهاجرين واللاجئين الذين يزيد عددهم عن 600 ألف وصلوا إلى أوروبا هذا العام، محذرة من أنهم «معرضون للاستغلال بشكل خاص». وقالت المتحدثة باسم المفوضية، ميليسا فلمنغ: «نحن ندق ناقوس الخطر»، مشيرة إلى الكثير من الإفادات حول العنف الجنسي في مراكز استقبال اللاجئين المكتظة، ومن بينها على سبيل المثال تلك المقامة على جزيرة ليسبوس اليونانية التي تستقبل آلاف المهاجرين يوميا. وأوضحت فلمنغ أن مراكز الاستقبال مثل هذه غالبا ما تفتقر إلى الإضاءة الكافية والمساحات المنفصلة للنساء غير المتزوجات والعائلات التي تضم أطفالا. كما يضطر الكثير من اللاجئين والمهاجرين إلى نصب الخيام في العراء في الحدائق وعلى جوانب الطرق ومحطات القطارات، حيث تتعرض النساء والأطفال بشكل خاص للإساءة والاستغلال. وحذرت من أن بعض الأطفال يلجأون إلى ممارسة الجنس من أجل الحصول على المال لدفعه للمهربين لمواصلة رحلتهم، وذلك بسبب عدم توفرهم على ما يكفي من المال أو لتعرضهم للسرقة أثناء رحلة اللجوء. وقالت إن «الأطفال الذين ليس معهم مرافق يكونون أكثر عرضة، لأنهم يفتقرون إلى الحماية والرعاية التي يمكن أن يوفرها بالغ مسؤول عنهم». وأضافت أنه في الحالات التي يجبر فيها الأطفال على ممارسة الجنس من أجل الحصول على المال لدفعه للمهربين، يكون المهربون من بين مرتكبي الإساءة الجنسية، كما حذرت أنه في عدد من الدول يتم احتجاز الأطفال مع البالغين مما يخلق (بيئة لحدوث مزيد من الإساءة للأطفال)». وقالت إن احتجاز الأطفال الذين يعاني الكثير منهم من الصدمات بسبب الأوضاع التي فروا منها في وطنهم أو تجاربهم أثناء رحلة اللجوء، هو أمر «غير إنساني». وأفادت المتحدثة بأن مفوضية اللاجئين تعمل على وضع تقييم يحدد مدى انتشار الإساءة للنساء والأطفال الذين يعبرون أوروبا في رحلة اللجوء. ودعت السلطات المحلية في أوروبا إلى ضمان حماية الفئات الأكثر ضعفا التي تصل إلى أراضيها. كما أشارت إلى أن المفوضية ترغب كذلك من الدول الأوروبية أن تجد مرافق استقبال كافية وآمنة، وأن تعثر على بدائل لاحتجاز الأطفال. من جانب آخر، أعلنت إدارة منطقة «با - دو - كاليه» أن السلطات عثرت صباح أمس على 14 مهاجرا من سوريا والعراق وإيران، بينهم ثلاثة أطفال ورضيع، أحياء داخل شاحنة تبريد كانت في طريقها إلى كاليه بشمال فرنسا. وأعلن متحدث باسم إدارة المنطقة لوكالة الصحافة الفرنسية أن «خمسة رجال وخمس نساء وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات ورضيع عمره 15 شهرا»، كانوا داخل شاحنة تحمل لوحة تسجيل بولندية أخضعت للتفتيش في وقت سابق من صباح أمس (الجمعة). وأوضح المتحدث أن المهاجرين كانوا يعانون من تسمم طفيف بأحادي أكسيد الكربون، ونُقلوا إلى عدة مستشفيات قريبة من المكان للخضوع للعلاج، إلا أن حياتهم ليست في خطر.
مشاركة :