هل تصبح العاصمة واشنطن الولاية الـ51؟

  • 7/22/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هذه‭ ‬معركة‭ ‬سياسية‭ ‬قديمة‭ ‬قدم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬تقريبًا‭. ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬العاصمة‭ ‬الفيدرالية،‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي،‭ ‬تتمتع‭ ‬بوضع‭ ‬خاص‭ ‬يحرمها‭ ‬من‭ ‬التمثيل‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭. ‬بعد‭ ‬تصويت‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الذين‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬لتحويل‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬إلى‭ ‬الولاية‭ ‬رقم‭ ‬51‭ ‬تظل‭ ‬عقبة‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬مستعصية‭ ‬على‭ ‬الحل‭.‬ رغم‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تواجه‭ ‬أي‭ ‬رهانات‭ ‬انتخابية‭ ‬فقد‭ ‬عادت‭ ‬الإشارات‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الأمريكية‭. ‬إنهم‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسمونه‭ ‬‮«‬ولاية‭ ‬تمثل‭ ‬شعب‭ ‬العاصمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا‭. ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فإن‭ ‬مسألة‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬ظلت‭ ‬محل‭ ‬نقاش‭ ‬قديم‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬تقريباً‭ ‬إلى‭ ‬نشأتها‭ ‬بموجب‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي‭.‬ لقد‭ ‬عادت‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬لتطفو‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬وتطرح‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬لتصبح‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬وطنية‭. ‬ففي‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬صوت‭ ‬السكان‭ ‬بنسبة‭ ‬85% لصالح‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬المقاطعة،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬العاصمة‭ ‬التاريخية‭ ‬والسياسية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬الولاية‭ ‬رقم‭ ‬51‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬50‭ ‬ولاية‭.‬ جاء‭ ‬انتخاب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬رئيسا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬تلك‭ ‬السنة‭ ‬ليغطي‭ ‬على‭ ‬نتيجة‭ ‬ذلك‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الذين‭ ‬فازوا‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020‭ ‬وعادوا‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قد‭ ‬أعادوا‭ ‬إحياء‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭.‬ يحمل‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الرقم‭ ‬HR51‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تمرير‭ ‬قانون‭ ‬تحويل‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬أبريل‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬المنتخبين،‭ ‬كما‭ ‬حظيت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬بـ«دعم‭ ‬غير‭ ‬مشروط‮»‬‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحالي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭.‬ ينص‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التصويت‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬تسمية‭ ‬الولاية‭ ‬الجديدة‭ ‬‮«‬واشنطن،‭ ‬دوجلاس‭ ‬كومنولث‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إلحاق‭ ‬اسم‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬باسم‭ ‬فريدريك‭ ‬دوجلاس،‭ ‬المفكر‭ ‬الأسود‭ ‬المشهور‭ ‬بنضاله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إلغاء‭ ‬الرق،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالأحرف‭ ‬الأولى‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة‭. ‬على‭ ‬غرار‭ ‬بقية‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأخرى‭ ‬يواجه‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬خطر‭ ‬عرقلته‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجمهوريين،‭ ‬الذي‭ ‬رفضوه‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬لكن‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬فيها‭ ‬هي‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭.‬ بعد‭ ‬مرور‭ ‬مائتين‭ ‬وعشرين‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬تأسيسها،‭ ‬تتمتع‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬بوضع‭ ‬إداري‭ ‬وقانوني‭ ‬منفصل‭. ‬يحكم‭ ‬العاصمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬رئيس‭ ‬البلدية‭ ‬ومجلس‭ ‬المدينة‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬شؤون‭ ‬الحكومة‭ ‬المحلية‭ ‬لكن‭ ‬الكونجرس‭ ‬يحتفظ‭ ‬بالإشراف‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬المنطقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المسائل‭ ‬المالية‭.‬ تمكن‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬التصويت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1961‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬لكن‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬ليس‭ ‬بها‭ ‬حاكم‭ ‬أو‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬وممثلها‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬محروم‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭.‬ يعترف‭ ‬جي‭ ‬دي‭ ‬ديكي،‭ ‬مؤرخ‭ ‬ومؤلف‭ ‬تاريخ‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي‭ ‬‮«‬إمبراطورية‭ ‬الوحل‮»‬‭ -‬Empire‭ ‬of‭ ‬Mud‭- ‬بأن‭ ‬‮«‬المنطقة‭ ‬تمثل‭ ‬تشوها‭ ‬تاريخيا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭: ‬‮«‬إنها‭ ‬أيضا‭ ‬مفارقة‭ ‬ساخرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭: ‬فقد‭ ‬أنشأها‭ ‬دستور‭ ‬بلد‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التمثيل،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الدستور‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يمنح‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬لسكان‭ ‬عاصمتها‮»‬‭.‬ يعتبر‭ ‬انتخاب‭ ‬الممثلين‭ ‬الذين‭ ‬يصوتون‭ ‬على‭ ‬ضرائبهم‭ ‬إحدى‭ ‬الحجج‭ ‬الرئيسية‭ ‬لمؤيدي‭ ‬انضمام‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭. ‬منذ‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬حملت‭ ‬لوحات‭ ‬السيارات‭ ‬هذا‭ ‬الشعار‭ ‬المستوحى‭ ‬من‭ ‬الاستقلال‭ ‬الأمريكي‭: ‬‮«‬لا‭ ‬ضرائب‭ ‬بدون‭ ‬تمثيل‮»‬‭.‬ في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬دعا‭ ‬رئيس‭ ‬بلدية‭ ‬المقاطعة‭ ‬موريل‭ ‬بوزر،‭ ‬الذي‭ ‬استمع‭ ‬إليه‭ ‬الكونجرس،‭ ‬البرلمانيين‭ ‬إلى‭ ‬تصحيح‭ ‬هذا‭ ‬الظلم‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة‭. ‬لقد‭ ‬حرمنا‭ ‬أنا‭ ‬وعائلتي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬خيارًا‭ ‬من‭ ‬جانبنا،‭ ‬لأجيال‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬الأساسي‭ ‬الموعود‭ ‬به‭ ‬لجميع‭ ‬الأمريكيين‭... ‬إنكار‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬الهيئة‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬ضرائب‭ ‬عليك‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬مؤسسي‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬العظيمة‭. ‬إن‭ ‬حرمان‭ ‬واشنطن‭ ‬منها‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬مظالم‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬الصارخة‭ ‬في‭ ‬عصرنا‮»‬‭.‬ لم‭ ‬يكتف‭ ‬رئيس‭ ‬بلدية‭ ‬المقاطعة‭ ‬موريل‭ ‬بوزر‭ ‬بذلك،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬راح‭ ‬يحث‭ ‬البرلمانيين‭ ‬على‭ ‬‮«‬القيام‭ ‬بما‭ ‬فشل‭ ‬المشرعون‭ ‬في‭ ‬تصحيحه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قرنين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬ومنح‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الكاملة‭ ‬لسكان‭ ‬المنطقة‮»‬‭. ‬ أصبحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الانقسامات‭ ‬والتجاذبات‭ ‬السياسية‭ ‬الحادة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الطرفين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬يتعارضان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قضية‭ ‬تقريبًا‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬قوبل‭ ‬تغيير‭ ‬وضع‭ ‬واشنطن‭ ‬بمعارضة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬الجمهوريين‭. ‬يجب‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬رفضهم‭ ‬هو‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬سياسي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬مدينة‭ ‬ذات‭ ‬أغلبية‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬حيث‭ ‬فاز‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬بنسبة‭ ‬93%‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭.‬ لا‭ ‬يعتزم‭ ‬الجمهوريون‭ ‬إعطاء‭ ‬خصومهم‭ ‬مقعدين‭ ‬إضافيين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬المقسم‭ ‬حاليًا‭ ‬إلى‭ ‬نصفين‭ ‬متساويين‭. ‬تم‭ ‬طرح‭ ‬حجج‭ ‬أخرى،‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬كانت‭ ‬إما‭ ‬قليلة‭ ‬السكان‭ ‬وإما‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬المصانع‭ ‬أو‭ ‬المزارع‭.‬ أما‭ ‬مؤيدو‭ ‬تحويل‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬الولاية‭ ‬الحادية‭ ‬والخمسين‭ ‬فهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا،‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬711571‭ ‬نسمة،‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬كثافة‭ ‬سكانية‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الولايات‭ ‬مثل‭ ‬وايومنج‭ ‬أو‭ ‬فيرمونت‭. ‬لكن‭ ‬الوضع‭ ‬الخاص‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬الذي‭ ‬أنشأه‭ ‬الدستور‭ ‬الأمريكي،‭ ‬قد‭ ‬أفرز‭ ‬تشابكا‭ ‬قانونيا‭ ‬وتاريخيا‭ ‬معقدا‭.‬ يدعو‭ ‬روبرت‭ ‬ناتلسون،‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدستوري‭ ‬وعضو‭ ‬الجمعية‭ ‬الفيدرالية،‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬حرفية‭ ‬للدستور‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬المقاطعة،‭ ‬تنازلت‭ ‬ولايتا‭ ‬ماريلاند‭ ‬وفيرجينيا‭ ‬المجاورتان‭ ‬عن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أراضيهما‭ ‬لتصبح‭ ‬منطقة‭ ‬العاصمة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬وليس‭ ‬لإنشاء‭ ‬ولاية‭ ‬إضافية‮»‬‭.‬ بعد‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬الضفة‭ ‬اليمنى‭ ‬البوتوماك‭ ‬لفرجينيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1846‭ ‬اقترح‭ ‬المسؤولون‭ ‬المنتخبون‭ ‬الجمهوريون‭ ‬إعادة‭ ‬الجزء‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬ماريلاند‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يمكن‭ ‬للسكان‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭.‬ يعتبر‭ ‬آخرون‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬واشنطن‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عزل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬عن‭ ‬الضغوط‭ ‬المحتملة‭ ‬من‭ ‬الشوارع،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إنشاء‭ ‬ولاية‭ ‬جديدة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬معادية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬محايدة‮»‬‭.‬ يتذكر‭ ‬روبرت‭ ‬ناتلسون‭: ‬‮«‬في‭ ‬عام‭ ‬1783‭ ‬قرر‭ ‬الكونجرس،‭ ‬المنعقد‭ ‬في‭ ‬فيلادلفيا،‭ ‬إنشاء‭ ‬عاصمة‭ ‬مستقلة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬مهددا‭ ‬بأعمال‭ ‬شغب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قدامى‭ ‬المحاربين‭ ‬الذين‭ ‬خاضوا‭ ‬حرب‭ ‬الاستقلال‭ ‬وذلك‭ ‬للمطالبة‭ ‬بدفع‭ ‬رواتبهم‮»‬‭.‬ أظهرت‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬يناير‭ ‬2021،‭ ‬عندما‭ ‬اقتحم‭ ‬حشد‭ ‬من‭ ‬الترامبيين‭ ‬مبنى‭ ‬الكابيتول‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الخاص‭ ‬للمنطقة‭ ‬لم‭ ‬يجعلها‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬للخطر‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الحظر‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬الأسلحة‭ ‬ساري‭ ‬المفعول‭ ‬ومنع‭ ‬المتظاهرين‭ ‬من‭ ‬التسلح‭.‬ قالت‭ ‬موريل‭ ‬باوزر‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭: ‬‮«‬القول‭ ‬إن‭ ‬شعب‭ ‬واشنطن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬محرومًا‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬لحماية‭ ‬مصالح‭ ‬الحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬وعفا‭ ‬عليه‭ ‬الزمن‭ ‬ومهين‭ ‬جدا‮»‬‭.‬ يبدي‭ ‬الجمهوريون‭ ‬عداء‭ ‬تاريخيا‭ ‬لواشنطن‭ ‬العاصمة‭ ‬وهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬قائمة‭ ‬الذات‭ ‬إنما‭ ‬يتجاوز‭ ‬مجرد‭ ‬الحسابات‭ ‬الانتخابية‭. ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الناخبين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تصوير‭ ‬العاصمة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مقر‭ ‬حكومة‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭ ‬وفاسدة‭ ‬وغير‭ ‬فعالة،‭ ‬ورمز‭ ‬للسلطة‭ ‬غير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬طبقة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭.‬ وصلت‭ ‬هذه‭ ‬الكراهية‭ ‬للعاصمة‭ ‬إلى‭ ‬ذروتها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وعد‭ ‬وقت‭ ‬انتخابه‭ ‬بـ«تجفيف‭ ‬المستنقع‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬لقب‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭. ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬مدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬يبدي‭ ‬العداء‭ ‬العلني‭ ‬لهذه‭ ‬المدينة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬الفيدرالية‭. ‬ بلغ‭ ‬هذا‭ ‬العداء‭ ‬ذروته‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2020،‭ ‬خلال‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬جورج‭ ‬فلويد‭. ‬ثم‭ ‬عارض‭ ‬موريل‭ ‬بوزر‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬أراد‭ ‬نشر‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬ثم‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لاستعادة‭ ‬النظام‭.‬ في‭ ‬بادرة‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التحدي،‭ ‬رفع‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬حياة‭ ‬السود‭ ‬مهمة‮»‬‭ ‬بأحرف‭ ‬ضخمة‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬أمام‭ ‬البوابات‭ ‬التي‭ ‬أقامها‭ ‬ترامب‭ ‬حول‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬تظل‭ ‬المسألة‭ ‬العرقية‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬أغلبية‭ ‬من‭ ‬السود،‭ ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الأمريكيون‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬إفريقي‭ ‬يمثلون‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬السكان‭.‬ يقول‭ ‬كريس‭ ‬مايرز‭ ‬آش،‭ ‬المؤرخ‭ ‬والمؤلف‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬مدينة‭ ‬الشوكولاتة،‭ ‬تاريخ‭ ‬العرق‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬العاصمة‮»‬‭: ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬المقاطعة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1801،‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬مسألة‭ ‬العرق‭ ‬لأن‭ ‬السود‭ ‬لم‭ ‬يصوتوا‭. ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬حصل‭ ‬السود‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬التصويت‭ ‬والمشاركة‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المحلية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية‭. ‬تنتهي‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬بسرعة‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1871،‭ ‬حُرمت‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التمثيل‭ ‬وأدارها‭ ‬ثلاثة‭ ‬مسؤولين‭ ‬عينهم‭ ‬الكونجرس‭. ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬قرن،‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تمرير‭ ‬التعديل‭ ‬الثالث‭ ‬والعشرين‮»‬‭.‬ من‭ ‬المفارقات‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬الثالث‭ ‬والعشرين‭ ‬يجعل‭ ‬تغيير‭ ‬وضع‭ ‬مقاطعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬لأن‭ ‬التعديل‭ ‬الدستوري‭ ‬يتطلب‭ ‬تصويت‭ ‬ثلثي‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬أو‭ ‬ولايات‭ ‬الاتحاد‭. ‬يقول‭ ‬مايرز‭ ‬آش‭: ‬‮«‬المراجعة‭ ‬الدستورية‭ ‬ليست‭ ‬ضرورية‭ ‬لإنشاء‭ ‬ولاية‭ ‬جديدة‭... ‬لقد‭ ‬قام‭ ‬الكونجرس‭ ‬بالفعل‭ ‬بتقليص‭ ‬حجم‭ ‬المقاطعة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1846‭ ‬وقد‭ ‬يتخذ‭ ‬قرارا‭ ‬بتقليصها‭ ‬أكثر‭ ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬سوى‭ ‬منطقة‭ ‬فيدرالية‭ ‬تمسح‭ ‬بضعة‭ ‬أميال‭ ‬مربعة‭ ‬فقط،‭ ‬وهي‭ ‬تشمل‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬والكونجرس‭ ‬وتم‭ ‬تحويل‭ ‬الباقي‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬جديدة‮»‬‭.‬ تم‭ ‬تبني‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬المعنون‭ (‬HR51‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يخطط‭ ‬لتحويل‭ ‬العاصمة‭ ‬الفيدرالية،‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي،‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬محيط‭ ‬صغير‭ ‬يضم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ومبنى‭ ‬الكابيتول‭ ‬والمحكمة‭ ‬العليا،‭ ‬مع‭ ‬المباني‭ ‬الرسمية‭ ‬الرئيسية‭ ‬ووزارات‭ ‬وسط‭ ‬المدينة،‭ ‬فيما‭ ‬تتحول‭ ‬المنطقة‭ ‬الحضرية‭ ‬المتبقية‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬دوجلاس‭ ‬كومنولث‮»‬‭ ‬الجديدة‭.‬ يتمثل‭ ‬الحل‭ ‬الآخر‭ ‬المطروح‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬عداء‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬عدم‭ ‬التوازن‭ ‬السياسي‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬قبول‭ ‬ولاية‭ ‬ذات‭ ‬أغلبية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منح‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لبورتوريكو،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى‭ ‬مرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الوضع‭ ‬الغامض،‭ ‬والتي‭ ‬صوتت‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الاستفتاء‭ ‬لصالح‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الفيدرالي‮»‬‭.‬ كان‭ ‬آخر‭ ‬قبول‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الولايات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1959‭ ‬عندما‭ ‬تحولت‭ ‬المنطقتان‭ ‬غير‭ ‬المتجاورتين،‭ ‬ألاسكا‭ ‬وهاواي،‭ ‬إلى‭ ‬الولايتين‭ ‬الجديدتين،‭ ‬التاسعة‭ ‬والأربعين‭ ‬والخمسين،‭ ‬وانضمتا‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الفيدرالي‭.‬   لوفيجارو

مشاركة :