هل يدخل العالم في حرب باردة جديدة؟

  • 7/2/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬سيسيل‭ ‬بريور‭ ‬ تدور‭ ‬حرب‭ ‬نفوذ‭ ‬مباشرة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭,‬‭ ‬وخاصة‭ ‬منهم‭ ‬الأوروبيون‭,‬‭ ‬من‭ ‬جهة‭,‬‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭,‬‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭,‬‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬إيران‭. ‬هناك‭ ‬رؤيتان‭ ‬للعالم‭ ‬ونوعان‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬ذات‭ ‬المصالح‭ ‬المتضاربة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭.‬ بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التبادلات‭ ‬الهادئة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬عادةً‭ ‬في‭ ‬القمم‭ ‬الدبلوماسية‭,‬‭ ‬كان‭ ‬الاجتماع‭,‬‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ ‬ألاسكا‭ ‬أكثر‭ ‬برودة،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬مثل‭ ‬الصقيع‭ ‬الذي‭ ‬تتجمد‭ ‬له‭ ‬الدماء‭ ‬في‭ ‬العروق‭. ‬ففي‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬تبادل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكين‭ ‬أسماء‭ ‬الطيور‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الصيني‭,‬‭ ‬يانغ‭ ‬جيتشي‭,‬‭ ‬خلال‭ ‬مناقشتهما‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬محايدة‭ ‬في‭ ‬أنكوريج‭.‬ أمام‭ ‬عدسات‭ ‬الكاميرات‭ ‬وتحت‭ ‬أنظار‭ ‬أعيان‭ ‬المراسلين‭ ‬الصحفيين‭ ‬الذي‭ ‬جاؤوا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب‭ ‬فقد‭ ‬انخرط‭ ‬الرجلان‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬الذي‭ ‬اتسم‭ ‬بحدة‭ ‬نادرة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مواقف‭ ‬معلنة‭ ‬وغير‭ ‬معلنة،‭ ‬حيث‭ ‬اتهمت‭ ‬أمريكا‭ ‬الصين‭ ‬بـارتكابها‭ ‬‮«‬أفعالا‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تهديد‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬راحت‭ ‬الصين‭ ‬تندد‭ ‬وتستنكر‭ ‬سعي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬فرض‭ ‬ديمقراطيتها‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬عنوة‮»‬‭.‬ نادرًا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الصدام‭ ‬العلني‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬كتلتين‭ ‬متعاديتين‭ ‬تتنافسان‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تكريس‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬ومناطق‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬وأطلق‭ ‬العنان‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬والتحاليل‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أسهب‭ ‬أصحابها‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬بدأوا‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬ظهور‭ ‬إرهاصات‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬جديدة‭. ‬ لقد‭ ‬خلنا‭ ‬وخال‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬طي‭ ‬النسيان‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬مقابر‭ ‬التاريخ‭ ‬مع‭ ‬سقوط‭ ‬جدار‭ ‬برلين‭ ‬وانهيار‭ ‬الكتلة‭ ‬السوفيتية‭ ‬وتفكك‭ ‬المعسكر‭ ‬الشرقي‭. ‬ها‭ ‬هو‭ ‬مفهوم‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬يستدعى‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وصف‭ ‬المواجهة‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تشكل‭ ‬الآن‭ ‬علاقات‭ ‬القوة‭ ‬الدولية‭.‬ في‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭,‬‭ ‬تبدد‭ ‬ضباب‭ ‬سنوات‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭. ‬إذا‭ ‬أظهر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬رضا‭ ‬كبيرا‭ ‬تجاه‭ ‬روسيا‭ ‬والأنظمة‭ ‬الأوتوقراطية‭,‬‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬الآن‭: ‬تدور‭ ‬حرب‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭,‬‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الأوروبيين‭,‬‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭,‬‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭,‬‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬إيران‭.‬ خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة‭,‬‭ ‬تصاعدت‭ ‬المناوشات‭. ‬عقوبات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬القادة‭ ‬الصينيين‭ ‬لإدانتهم‭ ‬للقمع‭ ‬العنيف‭ ‬للأويجور؛‭ ‬انتهاك‭ ‬خطير‭ ‬للمجال‭ ‬الجوي‭ ‬التايواني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وقعت‭ ‬الجزيرة‭ ‬اتفاقية‭ ‬تعاون‭ ‬أمني‭ ‬معزز‭ ‬مع‭ ‬الأمريكيين؛‭ ‬استئناف‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬دونباس؛‭ ‬اختطاف‭ ‬وحشي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بيلاروسيا‭ ‬لصحفي‭ ‬معارض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختطاف‭ ‬طائرة‭ ‬ركاب‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬ولحية‭ ‬الأوروبيين‭.‬ كتلة‭ ‬تناصب‭ ‬كتلة‭ ‬أخرى‭ ‬العداء،‭ ‬رؤيتان‭ ‬للعالم،‭ ‬شكلان‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬و‭ ‬مصالح‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التوفيق‭ ‬بينها‭ ‬لأنها‭ ‬ببساطة‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬طرفي‭ ‬النقيض‭. ‬لقد‭ ‬ولت‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬المعسكر‭ ‬الغربي،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬سقوط‭ ‬الجدار‭,‬‭ ‬قد‭ ‬قرر‭ ‬بسذاجة‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬التاريخ‮»‬‭*‬‭ ‬وظهور‭ ‬الديمقراطية‭ ‬عاجلاً‭ ‬أم‭ ‬آجلاً‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الليبرالي‭. ‬فعندما‭ ‬أصدر‭ ‬فرنسيس‭ ‬فوكوياما‭ ‬كتابه‭ (‬نهاية‭ ‬التاريخ‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬يطرح‭ ‬فيه‭ ‬رؤية‭ ‬ساذجة‭ ‬للتاريخ‭ ‬وقراء‭ ‬خاطئة‭ ‬لطبيعة‭ ‬الدول‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬راح‭ ‬الغرب‭ ‬يتغنى‭ ‬بدوره‭ ‬بأسطورة‭ ‬نهاية‭ ‬التاريخ‭.‬ أما‭ ‬اليوم‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والديمقراطية‭ ‬على‭ ‬النمط‭ ‬الغربي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تمثل‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬تتعرض‭ ‬إلى‭ ‬التحدي‭ ‬بل‭ ‬والرفض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النفوذ‭ ‬المتزايد‭ ‬للدول‭ ‬غير‭ ‬الليبرالية‭.‬ كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬دق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬عندما‭ ‬خطب‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬تتعرض‭ ‬للهجوم‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬لحلفائه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬عادت‮»‬‭. ‬ في‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬يونيو‭ ‬2021،‭ ‬دق‭ ‬الإسفين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الواشنطن‭ ‬بوست‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬اللقاء‭ ‬الذي‭ ‬جمعه‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬بسويسرا‭ ‬بالرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬يونيو‭: ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هو‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قيمنا‭ ‬الديمقراطية‮»‬،‭ ‬متعهداً‭ ‬بتعزيز‭ ‬‮«‬تحالفاته‮»‬‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬المتزايدة‭ ‬من‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭.‬ هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬واجهة‭. ‬لأن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تتعرض‭ ‬الآن‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬أرضها‭,‬‭ ‬كما‭ ‬رأينا‭ ‬مع‭ ‬التدخل‭ ‬الخطير‭ ‬للقراصنة‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لعام‭ ‬2016‭. ‬هجمات‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والحرب‭ ‬الإلكترونية‭,‬‭ ‬وتسلل‭ ‬المؤسسات‭,‬‭ ‬وحملة‭ ‬التسمم‭ ‬والأخبار‭ ‬المزيفة‭: ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬استخدم‭ ‬جميع‭ ‬الأساليب‭ ‬الحديثة‭ ‬لزعزعة‭ ‬الاستقرار‭,‬‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تستبعد‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬الأساليب‭ ‬الإجرامية‭ ‬القديمة‭ ‬الجيدة‭ ‬مثل‭ ‬محاولات‭ ‬تسميم‭ ‬المعارضين‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬ في‭ ‬فرنسا‭,‬‭ ‬يُمارس‭ ‬النفوذ‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الملائمة‭ ‬والمنافذ‭ ‬السياسية‭,‬‭ ‬والتي‭ ‬يلعب‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تؤخذ‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد‭ ‬لأنها‭ ‬تدور‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الداخل‭: ‬ضد‭ ‬الجواسيس‭ ‬الذين‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬البرد‭,‬‭ ‬وأسلحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭,‬‭ ‬وقوة‭ ‬الصحافة‭ ‬ودعم‭ ‬معارضي‭ ‬الأنظمة‭. ‬الرؤساء‭ ‬هم‭ ‬كذلك‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭.‬ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬أحادي‭ ‬القطب‭ ‬الذي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬تفكك‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬أرضية‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬نمط‭ ‬قطبين‭ ‬متعارضين‭. ‬يحدث‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وكأن‭ ‬نظام‭ ‬الكتل‭,‬‭ ‬الذي‭ ‬اعتقدنا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭,‬‭ ‬قد‭ ‬أعيد‭ ‬إحياؤه‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬أبطاله‭: ‬من‭ ‬ناحية‭,‬‭ ‬تقود‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬العالم‭ ‬الحر‮»‬‭,‬‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭,‬‭ ‬‮«‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬المعتادون‮»‬‭,‬‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين،‭ ‬مع‭ ‬الفارق‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬القيادة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وروسيا‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬‮«‬السكاكين‭ ‬الثانية‮»‬‭.‬ إذن‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬بحيث‭ ‬سيطر‭ ‬القلق‭ ‬فجأة‭ ‬على‭ ‬الوزارات‭ ‬ومراكز‭ ‬الفكر‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام؟‭ ‬لم‭ ‬تشرع‭ ‬روسيا‭ ‬ولا‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراء‭ ‬يضع‭ ‬الكوكب‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬‮«‬اللعبة‭ ‬الطويلة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يلعبها‭ ‬هذان‭ ‬البلدان‭ ‬منذ‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬ يعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬تسعيان،‭ ‬كل‭ ‬بأسلوب‭ ‬مختلف،‭ ‬إلى‭ ‬تقويض‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تشكيل‮»‬‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬القائم‭ ‬حاليًا‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬يكرهونها‭. ‬يعتبر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬أن‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ - ‬الذي‭ ‬يسميه‭ ‬‮«‬أعظم‭ ‬كارثة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‮»‬‭ ‬–‭ ‬هو‭ ‬أساسا‭ ‬خطأ‭ ‬ارتكبه‭ ‬الغرب‭.‬ أما‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬فإنه‭ ‬ينسب‭ ‬حركة‭ ‬تيانانمين‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1989‭ ‬إلى‭ ‬مناورة‭ ‬غربية،‭ ‬لكن‭ ‬الخصم‭ ‬قوي‭ ‬للغاية،‭ ‬ومن‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تظل‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬وتنتظر‭ ‬وقتك‮»‬‭,‬‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬دنغ‭ ‬شياو‭ ‬بينغ‭.‬ في‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬كانت‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬مستعرة‭ ‬وكان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬يحذر‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭: ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الكيماوية‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬خطا‭ ‬أحمر‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬الخط‭ ‬الذي‭ ‬أسقطه‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬قصف‭ ‬إحدى‭ ‬ضواحي‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬بغاز‭ ‬السارين‭.‬ تقرر‭ ‬الانتقام‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الحادي‭ ‬والثلاثين‭ ‬أغسطس‭ ‬لكن‭ ‬أوباما‭ ‬يتجاهل‭ ‬‮«‬خطه‭ ‬الأحمر‮»‬‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬تاريخي‭ ‬فادح‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأطراف‭ ‬التي‭ ‬لاتزال‭ ‬تبكي‭ ‬على‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬فإنها‭ ‬اعتبرت‭ ‬ذلك‭ ‬التراجع‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ونهاية‭ ‬مرحلة‭ ‬هيمنت‭ ‬فيها‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بالطول‭ ‬والعرض‭. ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭,‬‭ ‬قام‭ ‬بوتين‭ ‬بضم‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬واحتلال‭ ‬إقليم‭ ‬دونباس‭ ‬الأوكراني‭ - ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭.‬ في‭ ‬ظل‭ ‬اللامبالاة‭ ‬الغربية‭,‬‭ ‬راح‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينج‭ ‬يعزز‭ ‬نفوذ‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬للمطالبة‭ ‬بالمياه‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬عبرها‭ ‬30‭%‬‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭. ‬والأفضل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭: ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬رسمية‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2015‭,‬‭ ‬وعد‭ ‬أوباما‭ ‬بعدم‭ ‬عسكرة‭ ‬هذه‭ ‬الجزر‭ ‬الاصطناعية‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬سلطات‭ ‬بيكين‭.‬ في‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬فتحت‭ ‬سلطات‭ ‬بكين‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬تنافسها‭ ‬المتصاعد‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬طرق‭ ‬الحرير‭ ‬الجديدة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬استخدامه‭ ‬كقوة‭ ‬ناعمة‭ ‬لتكريس‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬الدول‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬تحت‭ ‬التأثير‭ ‬الصيني‭.‬ تكمن‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬قناعة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭ ‬بأن‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الأمريكية‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬الانحدار‭. ‬تعتقد‭ ‬الصين‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لتولي‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬خريطة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭.‬ على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬فورة‭ ‬الغضب‭ ‬التي‭ ‬أبداها‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬سببتها‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭,‬‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تواصل‭ ‬مسيرة‭ ‬الصعود‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬أسلحتها‭ ‬وحيازتها‭ ‬للتكنولوجيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬ووصولها‭ ‬إلى‭ ‬القمر‭ ‬والمريخ‭ ‬ونجاحها‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬محطة‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭. ‬ إن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يشهد‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬مسيرة‭ ‬لا‭ ‬هوادة‭ ‬فيها‭ ‬نحو‭ ‬الهيمنة‭. ‬لكن‭ ‬كيف‭ ‬تتصرف‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وفي‭ ‬الضعف‭ ‬الأوروبي‭ ‬وانحدار‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العالم؟ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو‭ ‬ليستا‭ ‬منخرطتين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬مسلح‭,‬‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬مختلطة‮»‬‭ ‬متقنة‭,‬‭ ‬يصعب‭ ‬استيعابها‭. ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭,‬‭ ‬تلتزم‭ ‬الصين‭ ‬بإجراءات‭ ‬‮«‬المنطقة‭ ‬الرمادية‮»‬‭: ‬إنها‭ ‬متعبة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأعداد‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يبرر‭ ‬الرد‭ ‬العسكري‭.‬ في‭ ‬خضم‭ ‬هذا‭ ‬الارتباك‭ ‬بدأت‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ (‬كوفيد‭-‬19‭) ‬تتفشى‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭. ‬إن‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬بها‭ ‬بكين‭,‬‭ ‬التي‭ ‬تنكر‭ ‬أي‭ ‬مسؤولية‭,‬‭ ‬الأزمة‭ ‬لتضع‭ ‬لنفسها‭ ‬نموذجًا‭ ‬للعالم‭,‬‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬شرارة‭. ‬تدرك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬الخطر‭ ‬الوجودي‭ ‬الذي‭ ‬يخيم‭ ‬على‭ ‬ديمقراطياتها‭.‬ بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬خداع‭ ‬النفس‭ ‬والغرق‭ ‬في‭ ‬الوهم‭ ‬القائل‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬الديكتاتورية‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬قابلة‭ ‬للذوبان‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬والعولمة‭ ‬أخذ‭ ‬الغرب‭ ‬أخيرًا‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الكراهية‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬خصومه‭ ‬لقيمه‭ - ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬ودولة‭ ‬القانون‭.‬ تثبت‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬أنهما‭ ‬قوتان‭ ‬تميلان‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬‮«‬المراجعة‮»‬‭. ‬إنهما‭ ‬تريدان‭ ‬تغيير‭ ‬الوضع‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬الذي‭ ‬يعتبرانه‭ ‬مخالفًا‭ ‬لمصالحهما‭. ‬لذلك‭ ‬فإنهما‭ ‬لا‭ ‬تريان‭ ‬أي‭ ‬داع‭ ‬لمواصلة‭ ‬سياسة‭ ‬الاسترضاء‭ ‬والتعاون‭ ‬والتوافق‭. ‬ها‭ ‬هو‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬المنافسة‭ ‬الاستراتيجية‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬التنافس‭ ‬المنهجي‮»‬‭.‬ في‭ ‬واشنطن‭ ‬تغيرت‭ ‬النغمة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭. ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬2020‭,‬‭ ‬حذر‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬قائلا‭: (‬على‭ ‬عكس‭ ‬ترامب‭,‬‭ ‬سأدافع‭ ‬عن‭ ‬قيمنا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وأقف‭ ‬ضد‭ ‬المستبدين‭ ‬مثل‭ ‬بوتين‭). ‬وبالكاد‭ ‬يتم‭ ‬تنصيبه‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬سيد‭ ‬الكرملين‭ ‬‮«‬القاتل‮»‬‭,‬‭ ‬وأقسم‭ ‬أن‭ ‬يجعله‭ ‬‮«‬يدفع‭ ‬الثمن‮»‬‭ ‬لعملياته‭ ‬التخريبية‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭.‬ رغم‭ ‬هذه‭ ‬اللهجة‭ ‬الحادة‭ ‬فقد‭ ‬التقى‭ ‬الزعيمان‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬يونيو‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لضخ‭ ‬‮«‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التنبؤ‭ ‬في‭ ‬العلاقة‮»‬‭. ‬لنرى‭ ‬كيف‭ ‬سيكون‭ ‬الجو‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬ضوئية‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬مع‭ ‬أوباما‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭,‬‭ ‬الذي‭ ‬أشاد‭ ‬‮«‬بالعمل‭ ‬الاستثنائي‭ ‬الذي‭ ‬أنجزه‭ ‬بوتين‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬الروسي‮»‬‭ ‬وفق‭ ‬كلام‭ ‬المتحدثة‭ ‬الرسمية‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬ أما‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬فإنه‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الطلاق‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‭. ‬فقد‭ ‬فرض‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬وانتهت‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2021‭. ‬ بعد‭ ‬مرور‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬انتخابه‭ ‬وتوليه‭ ‬مقاليد‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يناير‭ ‬2021‭ ‬لم‭ ‬يخفف‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬العقوبات‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬اضاف‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭ ‬المدرجة‭ ‬في‭ ‬القائمة‭ ‬السوداء‭. ‬خطب‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬يقول‭ ‬متحدثا‭ ‬عن‭ ‬القوة‭ ‬الصينية‭ ‬الصاعدة‭ ‬بسرعة‭:‬ ‮«‬إنهم‭ ‬سوف‭ ‬يتفوقون‭ ‬علينا‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬أو‭ ‬2035‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نرد‭ ‬بقوة‭. ... ‬إن‭ ‬هدف‭ ‬الصين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭,‬‭ ‬الدولة‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراءً‭ ‬وقوة‭. ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬تحت‭ ‬إدارتي‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬مواجهة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬المتنافسة‭. ‬إنها‭ ‬‮«‬معركة‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬والأنظمة‭ ‬الاستبدادية‮»‬‭.‬ سعيا‭ ‬منه‭ ‬لخوض‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬راح‭ ‬بايدن‭ ‬يعيد‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬هجرها‭ ‬ترامب‭ ‬وينهي‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬الأوروبيون‭ ‬‮«‬فترة‭ ‬العزلة‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أحبطتهم‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭. ‬ بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وجه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬التي‭ ‬تشترك‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الرؤية‭ ‬للعالم‮»‬‭ - ‬أستراليا‭ ‬والهند‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ - ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬يونيو‭ ‬في‭ ‬كورنوال‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬موجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭.‬ ينظر‭ ‬الغرب‭ ‬بأعين‭ ‬الريبة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬تقاربا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭,‬‭ ‬لكنه‭ ‬أصبح‭ ‬جليا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬يمكننا‭ ‬الآن‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬اتفاق،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬شبه‭ ‬تحالف‭.‬ أفاد‭ ‬تقرير‭ ‬استخباراتي‭ ‬أمريكي‭ ‬تم‭ ‬تقديمه‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لروسيا‭ ‬والصين‭ ‬أن‭ ‬كانا‭ ‬بلدين‭ ‬متحالفين‭ ‬أبدًا‭ ‬منذ‭ ‬سبعين‭ ‬عامًا‭. ‬تقول‭ ‬أندريا‭ ‬كيندال‭ ‬تيلور،‭ ‬مديرة‭ ‬برنامج‭ ‬الأمن‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الأمن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭: ‬ ‮«‬يذهب‭ ‬هذا‭ ‬التآزر‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مما‭ ‬يعتقد‭. ‬فالصين‭ ‬تلتف‭ ‬على‭ ‬الحظر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬شراء‭ ‬أنظمة‭ ‬أسلحة‭ ‬متطورة‭ ‬من‭ ‬روسيا‭: ‬تقنيات‭ ‬مضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬وللسفن‭ ‬وللطائرات‭ ‬والغواصات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أمريكا‮»‬‭.‬ ‮«‬يقوم‭ ‬البلدان‭ ‬بتكثيف‭ ‬المناورات‭ ‬المشتركة‭ ‬الرئيسية‭. ‬مثل‭ ‬مناورات‭ ‬فوستوك‭ ‬في‭ ‬سيبيريا‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2018‭,‬‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬وبحر‭ ‬البلطيق‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬رغبتهما‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭.. ‬من‭ ‬غير‭ ‬المعروف‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭. ‬ولكن‭,‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭,‬‭ ‬يسمح‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬الواضح‭ ‬للبلدين‭ ‬بزيادة‭ ‬ظهورهما‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬المحور‭ ‬أيضا‭ ‬إيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭,‬‭ ‬وهي‭ ‬كلها‭ ‬دول‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمصالح‭ ‬استراتيجية‭ ‬متقاربة‭ ‬وحتى‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أمنية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬المشتركة‭ ‬مثل‭ ‬خطط‭ ‬التوسع‭ ‬الإقليمي‭ ‬والأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬والتوق‭ ‬إلى‭ ‬المجد‭ ‬الإمبراطوري‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإهانات‮»‬‭ ‬الماضية‭. ‬يمكن‭ ‬للآخرين‭ ‬الانضمام‭ ‬إليهم‭ ‬مثل‭ ‬بورما‭,‬‭ ‬أو‭ ‬ميانمار‭ ‬حاليا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬فنزويلا‭ ‬وباكستان‭ ‬وكوبا‭ ‬وغيرها‭. ‬ سيكون‭ ‬هذا‭ ‬المحور‭ ‬قوياً‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لتحدي‭ ‬التحالف‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬بنائه‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬يقول‭ ‬المؤرخ‭ ‬الصيني‭ ‬المنشق‭ ‬وانج‭ ‬دان،‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يتضح‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭ ‬ستندلع‭,‬‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬نمط‭ ‬خطير‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬آخذ‭ ‬في‭ ‬الظهور‭ ‬وهو‭ ‬بصدد‭ ‬التشكل‮»‬‭. ‬ يتمثل‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬يخشاه‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬هجوم‭ ‬متزامن‭ ‬على‭ ‬جبهتين‭. ‬لقد‭ ‬تجلى‭ ‬ذلك‭ ‬السيناريو‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬عندما‭ ‬حشد‭ ‬بوتين‭ ‬100000‭ ‬جندي‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فيما‭ ‬انتهكت‭ ‬الطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬الصينية‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬التايواني‭ ‬ثلاثين‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭. ‬ثم‭ ‬هدأ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لسبب‭ ‬غير‭ ‬مفهوم‭. ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬بروفة؟‭.‬ يعكف‭ ‬مستشارو‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬تصور‭ ‬عشرات‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المتصاعدة‭ ‬وهم‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬لمعالجتها‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬يعتبر‭ ‬الخبير‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬أندريا‭ ‬كيندال‭ ‬تايلور‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬منع‭ ‬تشكل‭ ‬جبهة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تناقضاتهما،‭ ‬مع‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬المستشارين‭ ‬العاملين‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬بأن‭ ‬اتفاقًا‭ ‬جزئيًا‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الخضوع‭ ‬للصين‭.‬ اقترح‭ ‬مايكل‭ ‬أوهانلون‭,‬‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬بروكينجز‭,‬‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬عازلة‮»‬‭ ‬لدول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وصربيا،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬مخططو‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬الأوروبية‭ ‬حتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭. ‬ كان‭ ‬جيم‭ ‬تاونسند‭ ‬مسؤولاً‭ ‬في‭ ‬البنتاجون‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬تجاه‭ ‬أوروبا‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما،‭ ‬وهو‭ ‬لايزال‭ ‬يؤمن‭ ‬بفاعلية‭ ‬الجبهة‭ ‬الموحدة‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬الغرب‭ - ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ - ‬التحدث‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬والقول‭ ‬لروسيا‭ ‬وأنصارها‭: ‬لن‭ ‬نتسامح‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬وسنفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬مؤلمة‮»‬‭.‬ تقول‭ ‬الممثلة‭ ‬التجارية‭ ‬كاثرين‭ ‬أن‭ ‬خطة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القوة‭ ‬الصينية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬كل‭ ‬أداة‭ ‬أو‭ ‬وسيلة‭ ‬متاحة‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬أكثر‭ ‬منهجية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتمدها‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‮»‬‭.‬ تتمثل‭ ‬الأولوية‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬والتي‭ ‬تحتل‭ ‬الصدارة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تشجع‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬التحدث‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬وإنشاء‭ ‬تحالف‭ ‬عسكري‭ ‬إقليمي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعقد‭ ‬مهمة‭ ‬القوات‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬اندلاع‭ ‬نزاع‭. ‬هذه‭ ‬فرضية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبعادها،‭ ‬وفقًا‭ ‬لجياديفا‭ ‬رانادي،‭ ‬مستشار‭ ‬الحكومة‭ ‬الهندية‭ ‬ورئيس‭ ‬مركز‭ ‬الصين‭ ‬للتحليل‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬نيودلهي‭.‬ لذلك‭ ‬يتم‭ ‬إنشاء‭ ‬تحالفات‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬وخاصة‭ ‬منها‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬الرباعي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بين‭ ‬اليابان‭ ‬والهند‭ ‬وأستراليا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬أنشأت‭ ‬فرنسا،‭ ‬الذي‭ ‬تنشط‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬محور‭ ‬باريس‭ - ‬دلهي‭ ‬–‭ ‬كانبيرا‮»‬‭ ‬وقد‭ ‬أجرى‭ ‬هذا‭ ‬المحور‭ ‬فعلا‭ ‬أولى‭ ‬مناوراته‭ ‬البحرية‭.‬ قال‭ ‬رانادي‭: ‬‮«‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬البلدان،‭ ‬يعتقد‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحدث‭ ‬إلى‭ ‬الصينيين‭ ‬يمكنهم‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬لكن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تستمع‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬وهي‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬الخاص‭ ‬وماضية‭ ‬في‭ ‬نهجها‭. ‬الجميع‭ ‬يفهم‭ ‬ذلك‭ ‬الآن‭,‬‭ ‬لكنني‭ ‬أخشى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬فات‭ ‬الأوان‮»‬‭.‬ هناك‭ ‬بالفعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬والطائرات‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬وتحدق‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬وتتحدى‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬لن‭ ‬يستغرق‭ ‬الأمر‭ ‬سوى‭ ‬حادث‭ ‬واحد‭ ‬يشعل‭ ‬شرارة‭ ‬لتتحول‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬الجديدة‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭.‬ لعل‭ ‬ما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬القلق‭ ‬هو‭ ‬أنه‭,‬‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الكتلتين‭ ‬المغلقة‭ ‬قبل‭ ‬خمسين‭ ‬عامًا‭,‬‭ ‬فإن‭ ‬الاقتصادات‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬المعولم‭ ‬مترابطة‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق،‭ ‬ناهيك‭ ‬وأن‭ ‬ثلثي‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ - ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحلفاء‭ ‬الذين‭ ‬يستقطبهم‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬يكثفون‭ ‬من‭ ‬مبادلاتهم‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يفعلون‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬إدارة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أمام‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭ ‬لتمرير‭ ‬استراتيجيته‭. ‬ بدأت‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬الآسيويون،‭ ‬أي‭ ‬اليابان‭ ‬وتايوان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬خطوط‭ ‬التصنيع‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬المنتجات‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‮»‬‭. ‬تدريجيا‭ ‬بدأ‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬المعولم‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬الصين‭.‬ تسعى‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬وعلى‭ ‬غير‭ ‬عادتها،‭ ‬إلى‭ ‬تعبئة‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬الدولة‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭. ‬ففي‭ ‬خطوة‭ ‬نادرة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الحادة،‭ ‬اتفق‭ ‬الجمهوريون‭ ‬والديمقراطيون‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬قانون‭ ‬الابتكار‭ ‬والمنافسة‭ ‬الأمريكي‭,‬‭ ‬وهو‭ ‬قانون‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬منح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الوسائل‭ ‬للتنافس‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدمة،‭ ‬علما‭ ‬بأنه‭ ‬سيتم‭ ‬استثمار‭ ‬250‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتقني‭. ‬هناك‭ ‬نصوص‭ ‬تشريعية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الإعداد‭ ‬وهي‭ ‬تهدف‭ ‬جميعا‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬الصناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬وتعزيز‭ ‬‮«‬صنع‭ ‬في‭ ‬أمريكا‮»‬‭.‬ كيف‭ ‬نفسر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإجماع؟‭ ‬تقدم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬نفسها،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬الأرقام‭ ‬الإحصائية‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الآراء‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاه‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬ارتفعت،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمسح‭ ‬أجراه‭ ‬مركز‭ ‬بيو‭ ‬للأبحاث،‭ ‬من‭ ‬47‭%‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬إلى‭ ‬73‭%‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬تظهر‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬نفس‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭. ‬   بوسطن‭ ‬جلوب‭ ‬

مشاركة :