فرضت جائحة كورونا واقعا جديدا يجب التعايش معه في مختلف دول العالم، وتعدت هذه التأثيرات الناحية الطبية فشملت النواحي الاجتماعية والاقتصادية. وقد سلطت هذه الجائحة الضوء على أهمية وفوائد التطبيب عن بعد، وهو استخدام تكنولوجيا الاتصالات الحديثة للحصول على الرعاية الصحية التي يحتاج إليها المريض أثناء ممارسة التباعد الاجتماعي، كما أثبتت الدراسات فاعلية هذا التوجه من الناحية الطبية ويعتبر بديلا فعالا من حيث الكلفة المادية على المدى البعيد. وعن أهم وأحدث هذه التقنيات حاور «الخليج الطبي» الدكتور عادل خليفة استشاري أمراض كهرباء القلب ومنظمات القلب ورئيس قسم كهرباء القلب بمركز محمد بن خليفة آل خليفة التخصصي للقلب الذي بدأ حديثه قائلا: هناك عدة نماذج لتقنية التطبيب عن بعد أبسطها التحدث مع الطبيب مباشرة عبر الهاتف ووسائل الاتصال المرئية للحصول على استشارات طبية ومنها أيضا تخزين بيانات المرضى وسجلاتهم الطبية في تطبيقات معينة في الإنترنت بحيث يتمكن الطبيب من الدخول على هذه المعلومات من مسافات جغرافية بعيدة ومتابعة حالة المرضى أولا بأول، كما أن هناك أنواعا أخرى أكثر تعقيدا من تطبيقات التطبيب عن بعد، والمتمثلة في زراعة أجهزة معينة وتزويد المريض بأجهزة إرسال تقوم ببث معلومات أساسية خاصة بالقلب أو بالوظائف الحيوية للمريض إلى الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية. - ماذا عن فوائد التطبيب عن بعد؟ فوائد التطبيب عن بعد كثيرة وربما جائحة كورونا قد سلطت الضوء على هذه التقنية بشكل أكبر على الرغم من وجود هذه التقنية منذ أكثر من عقد من الزمن فمن مميزات هذه التقنية، تقليل وقت انتظار المرضى وتقليل عدد زيارات المرضى للعيادة، ما يسهم في الحد من الازدحام في العيادات، وتخفيف العبء على أنظمة الرعاية الصحية. أما بالنسبة إلى المريض نفسه فهذه التقنية أسهمت في سهولة حصوله على الرعاية الصحية من دون الحاجة إلى زيارة المستشفى وهذه ميزة كبيرة لكبار السن والمقعدين، كما توفر هذه التقنية سرية أفضل للمرضى الذين لا يرغبون في رؤيتهم في المستشفى. في الولايات المتحدة الأمريكية ازداد التوجه إلى استخدام تقنية التطبيب عن بعد بنسبة 154% خلال جائحة كورونا مقارنة بما قبل كورونا والغالبية العظمى من مستخدمي هذه الخدمة من المرضى كانوا راضين بشكل كامل بهذه التجربة. مركز محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة التخصصي للقلب واكب المستجدات الحديثة في تقنيات التطبيب عن بعد حيث اتخذت هذه التكنولوجيا بعدا أكبر من حيث توفير أجهزة منظمات القلب بشبكة الاتصال، فبعض المرضى الذين يتم تركيب أجهزة طبية معينة لهم مثل منظمات القلب ومزيلة الرجفان يتم تزويدهم بأجهزة إرسال مشابهة للتلفون حيث يتم نقل جميع بيانات هذه المنظمات القلبية إلى طبيب كهرباء القلب لفحصها وتقييم حالة المريض من دون الحاجة إلى الحضور شخصيا إلى المستشفى ومن ضمن التقنيات الحديثة توفير الجيل الجديد من الشرائح الإلكترونية المزروعة تحت الجلد التي تراقب الوظائف الحيوية للقلب من أي مكان في العالم وإرسالها إلى طبيب كهرباء القلب لفحص البيانات وتقييم حالة المريض ومن ثم يسهم في سرعة التشخيص والعلاج، كما يوفر المركز اللصقات الإلكترونية لبعض الحالات المعينة التي تثبت من دون جراحة وتقوم بإرسال معلومات حيوية عن نبضات القلب ومن مميزاتها سهولة التركيب وتوفير السهولة والراحة حيث يتمكن المريض من الاستحمام في وجودها مقارنة بالتقنيات القديمة. جميع هذه الأجهزة محصنة وآمنة ضد قراصنة الاتصالات ومن الهجمات الرقمية وتوفر عامل السرية بطريقة مضمونة حيث إن البرمجيات المستخدمة توفر طبقات متعددة من الحماية، ما يوفر أعلى درجات الأمن السيبراني. - ما الجديد من هذه التقنيات ويستخدمها المركز؟ الجديد في مركز محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة التخصصي للقلب هو تركيب جهاز منظم لضربات القلب ومزيل الرجفان لمريض في العقد الثاني من العمر لديه تاريخ مرضي في العائلة يتمثل في حالات وفاة فجائية نتيجة مرض تضخم القلب الوراثي حيث تم التأكد من التشخيص عن طريق فحص سونار القلب وفحص الجينات الوراثية حيث تم تركيب هذا الجهاز منذ أسابيع قليلة فقط وهذا النوع من الأجهزة يعتبر الأول من نوعه في البحرين، وقد تم ربط هذا الجهاز ببرنامج معين في هاتف المريض نفسه يمكننا من خلاله متابعة وظائف القلب الكهربائية للمريض من دون الحاجة إلى حضوره شخصيا إلى العيادة ويختلف عن الأجهزة الأخرى التي تقوم بإعطاء المريض جهاز إرسال خاصا بالجهاز لنقل البيانات، ففي هذه الحالة يحمل المريض جهازين هاتفه الشخصي، بالإضافة إلى جهاز الإرسال الخاص بالمنظم. أما في حالة جهاز «ابوت جالانت» الحديث الذي تم زراعته لمريض فتم إلغاء جهاز الإرسال والاكتفاء بهاتف المريض الذي يحتوي على برنامج الإرسال ويتم نقل البيانات من جهاز منظم القلب إلى هاتف المريض عن طريق تقنية البلوتوث وهي الشركة الوحيدة في العالم التي توفر هذه الميزة. مستقبل التطبيب عن بعد واعد جدا، ومع الوقت سوف نرى الاعتماد بشكل أكبر على هذه التقنيات الحديثة حول العالم، وسوف يتم استخدامها بشكل أوسع للمرضى، لكن لإنجاح هذه التجربة بشكل أكبر لابد من إنشاء قسم خاص بهذه التكنولوجيا على غرار الدول الغربية المتقدمة وتزويدها بخبراء فنيين في الرعاية الصحية؛ حيث يتم التواصل مع المرضى بطريقة علمية مدروسة حتى تحقق الهدف المرجو منها.إن هذه التقنيات توفر الوقت وتقلل عدد زيارات المرضى للعيادة.
مشاركة :