الخصومات السياسية.. ألغام تهدد السلام والاقتصاد في ليبيا

  • 9/10/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتعين على ليبيا إعادة الوحدة لاقتصادها المفتت وماليتها العامة، لو كان تأمل في وقف انقسام يشوبه العنف منذ عقد، لكن خطواتها متعثرة على الطريق نحو هذا الهدف. تجد الشركات والأفراد العاديون صعوبات في إجراء المعاملات المالية الأساسية، ما يسلط الأضواء على استمرار الخلل، ويكشف أيضا أن خطوات السلام تفشل حتى الآن في وقف التصارع على مصادر القوة الاقتصادية بين الأطراف المتنافسة. وقال رجل الأعمال حُسني بي “المضرة وصلت كل واحد، اليوم لا يمكن أن تحول أموالا من حساب إلى حساب شخص آخر بين بنكين بينهما مئة متر في طرابلس في شارع واحد، لا يوجد مبرر أن نكون هكذا”. وانضم الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي اليوم الخميس إلى المحادثات عبر الإنترنت التي تدعمها الأمم المتحدة مع رئيس الفرع المنافس في شرق ليبيا لمناقشة إعادة توحيد الكيانين، إلا أن أي تحركات بهذا الصدد لا تزال في مرحلة مبكرة. تعكس هذه العثرات، التي تتجلى بصورة واضحة في الخلافات حول الميزانية وغياب عمليات المقاصة بين البنوك في الشرق والغرب، حجم المناورات السياسية في لحظة تغيير محتمل. تعيش ليبيا حالة من الفوضى منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي. وأصبحت مجموعة من القوى المحلية تتنازع السيطرة على أجزاء مختلفة من البلاد باستخدام الوسائل السياسية والعسكرية. وفي مارس آذار، وافقت الفصائل الرئيسية التي تتقاتل في الشرق والغرب منذ 2014 على حكومة وحدة مؤقتة، بهدف إجراء انتخابات وطنية في ديسمبر/كانون الأول، وهي خطوات اعتُبرت أفضل أمل لتحقيق السلام منذ سنوات. مع ذلك يرى كثيرون أن هذا التقدم يواجه العثرات بسبب محاولة شخصيات بارزة تجنب أي خسارة للنفوذ، أو تعديل أوضاعها للاستفادة من المنظومة الجديدة. إعادة توحيد المصرفين المركزيين في السنوات السبع الماضية، ظهرت إدارة موازية في الشرق بمصرف مركزي خاص بها ورئيس لشركة نفط منافسة وغيرهما من المؤسسات الحكومية الأخرى تستند في ادعاء الشرعية إلى البرلمان الذي انتخب في 2014 ومقره طبرق. أثار ذلك تساؤلات مهمة حول المساءلة والحساب عن الإنفاق على كل جانب وطريقة استيعاب الديون، التي تقاضاها المصرف الذي يعمل من الشرق واستُخدمت لتمويل الحرب ضد طرابلس ودفع رواتب القوات المتمركزة في شرق البلاد، في الحسابات الوطنية. وتقع على عاتق رئيس الوزراء المؤقت، عبد الحميد الدبيبة، مهمة الإعداد للانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة المنقسمة وتحسين الخدمات لكنه لم يحرز سوى تقدم ضئيل. رفض البرلمان مرارا مقترحاته بخصوص الميزانية فيما تتنازع أطراف مختلفة في كيانات سياسية عديدة أُنشِئت في السنوات الماضية السيطرة على المؤسسات الكبرى بما في ذلك شركة النفط والمصرف المركزي. في الوقت نفسه، يواصل الدبيبة إنفاق الأموال في أوجه الإنفاق المختلفة بما في ذلك الرواتب باستخدام تدابير الطوارئ الحالية. ستمثل إعادة توحيد المصرف المركزي الليبي الهدف الرئيسي لأي جهد لإنهاء الانقسامات الاقتصادية. وقام فرع المصرف المركزي في طرابلس الذي يحظى بالاعتراف الدولي بمنع البنوك الشرقية من معظم عمليات المقاصة في عام 2014. وقال العارف قاجيجي، المدير التنفيذي لمجلس أصحاب الأعمال الليبيين، إن الشركات في الشرق أو الغرب تتجنب الآن استخدام البنوك الموجودة في الجانب الآخر “حتى تتم معاملاتهم المالية بسهولة”. مراجعة مالية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما كانت عملية السلام تمضي قدما، عقد مصرف ليبيا المركزي اجتماعا بكامل محافظيه للمرة الأولى مرة منذ سنوات للاتفاق على سعر صرف موحد جديد يتضمن خفض قيمة العملة. ساعدت الخطوة في تخفيف حدة أزمة السيولة واعتُبرت بادرة لإعادة توحيد المصرفين المركزيين وعودة عمليات المقاصة بين طرابلس والبنوك التجارية في الشرق. اكتملت مراجعة مالية، كُلفت بها شركة ديلويت، في إطار جهود السلام التي تدعمها الأمم المتحدة في يوليو تموز اعتمادا على البيانات المقدمة من فرعي المصرف المركزي المتنافسين، لكن دون إجراء تدقيق مالي مستقل لأي منهما. وضعت المراجعة خارطة طريق لإعادة توحيدهما ويقول حاكما الفرعين إنهما يتبعان الخطوات المرسومة في هذه الخارطة. وقال الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي ومقره طرابلس لرويترز في ردود مكتوبة على أسئلة إنه “بدأ في اتخاذ إجراءات عملية” من أجل إعادة التوحيد. وأضاف أن مصرف ليبيا المركزي يعمل مع المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا ومكتب المدعي العام للاتفاق على خارطة طريق. وقال جليل حرشاوي من المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود إن من الأفضل للكبير، بحسابات السياسة، أن يتحرك بخطوات بطيئة، وإنه قد يشعر أيضا بالقلق إزاء الطريقة التي تصل من خلالها القوات الشرقية إلى الخدمات المصرفية الوطنية. وقال محافظ مصرف ليبيا المركزي في الشرق، علي الحبري، إن عدم وجود أعمال مقاصة للبنوك الشرقية يعد “جريمة اقتصادية”، لكنه أضاف أنه هو الآخر يستعد لإعادة التوحيد عبر العملية التي حددت معالهما شركة ديلويت. إلا أنه يطعن في الأرقام التي قدمها الكبير لمستويات الدين العام ويتهمه باستخدام ذرائع سياسية لتجنب عملية إعادة التوحيد. وقال أيضا إن المقترحات الخاصة بموازنة حكومة الوحدة مرتفعة بشكل زائد عن اللازم وتتعارض مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها العام الماضي بخصوص توحيد سعر الصرف. وقال “هذه جريمة كبرى في تاريخ ليبيا”.

مشاركة :