حكاية أغنية اليوم مع واحدة من أغنيات ملك العود فريد الأطرش، وهي "ما قالي وقولتله". في عام ١٩٥٠ تم إنتاج فيلم "آخر كدبة" بطولة فريد الأطرش وسامية جمال، وكان في الفيلم أغنية اسمها " ما قالي وقولتله"، هذه الأغنية سببت جدلًا واسعًا آنذاك، ومنعت الإذاعة المصرية وقتها إذاعة الأغنية، لأن كلمة فلفلوا معناها "اتغاظوا"، وأيضا كلمة عوازل لا ترقى للذوق العام. وجاء تعليمات رئيس الوزراء والزعيم الوطني مصطفى باشا النحاس، بدعوى الحفاظ على الذوق العام ومنعها، أولهما ما اعتبره خروجًا عن تقاليد المجتمع بكلمات عاطفية صارخة، وثانيهما إيقاف تلك المناكفة السياسية التي يظهرها ماهر مع كل مرة يلتقى فيها بالملك فاروق. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فحينما قابل النحاس باشا فريد الأطرش في إحدى الندوات، وبخه على كلمات الأغنية، وطالبه بالارتقاء بالذوق العام في أغانيه. ويقول مطلع كلمات الأغنية التي ألفها أبو السعود الإبياري، ولحنها فريد الأطرش، "ما قالي وقولت له ومال لي وملت له وجاني ورحت له يا عواذل فلفلوا". انطلقت الاغنية في الوقت الذي تشكلت فيه الوزارة الثالثة للنحاس باشا في عهد الملك فاروق عام 1950، والتي شهدت عدة أحداث فارقة في تاريخ الوطن، منها اشتعال المقاومة الشعبية ضد الإنجليز في منطقة القناة، والتي تمخضت عن إلغاء النحاس لمعاهدة 1936، وصولًا إلى استقالة الحكومة الوفدية بزعامة النحاس في أعقاب حريق القاهرة في 26 يناير عام 1952، والذي أفضى إلى ثورة يوليو فيما بعد. في ذلك الوقت لم تكن زيارات على باشا ماهر تنقطع عن قصر عابدين للقاء الملك فاروق، وهو ما أثار حفيظة غريمه السياسي مصطفى النحاس، وراح يتهمه بتأليب الملك على الحكومة، وفى كل مرة يتم اللقاء بين على ماهر والملك، يصدح فيها أثير الإذاعة بأغنية فريد الأطرش "يا عواذل فلفلوا" نكاية في النحاس، وكانت كلمات الأغنية، التى تُظهر صفو العلاقة بين حبيبين فشلت معها مساعي الشامتين والعُذال تُلبى هذا الغرض، حيث تقول: ومع ذلك المنع فقد نجحت الأغنية أكثر من المتوقع، فقد سجل فيلم "آخر كدبة" الذي تغنى به فريد بتلك الأغنية إيرادات كبيرة، وعززت من تربع فريد الأطرش على عرش "الفيلم الغنائي الاستعراضي"، حيث شكل ثنائيًا فنيُا متميزا مع الفنانة والراقصة سامية جمال، والفيلم من بطولة سامية جمال، وكاميليا، وإسماعيل يس، وعبد السلام النابلسي، ومن إخراج أحمد بدرخان.
مشاركة :