بعد صيف شهد وساطة شركة «آي سي إم ستيلار سبورتس» في الصفقة التي جعلت جاك غريليش أول لاعب بريطاني يباع مقابل 100 مليون جنيه إسترليني، كانت الساعات الأخيرة من فترة الانتقالات الصيفية مشغولة للغاية، حيث تم الكشف عن انتقال دانييل جيمس إلى ليدز يونايتد قادماً من مانشستر يونايتد مقابل 24 مليون جنيه إسترليني، ووقع عميل آخر لهذه الشركة - الدولي الفرنسي إدواردو كامافينغا البالغ من العمر 18 عاماً - عقداً لمدة ست سنوات مع ريال مدريد. ومع اقتراب الموعد النهائي لغلق فترة الانتقالات الصيفية، كان هناك أيضاً تأكيد على أن اثنين آخرين من عملاء الشركة – ساؤول نيغيز وأودسون إدوارد - قد أكملا انتقالهما إلى تشيلسي وكريستال بالاس على التوالي، لتكون بذلك أندية الدوري الإنجليزي الممتاز قد أنفقت نحو 1.35 مليار جنيه إسترليني على انتقالات اللاعبين منذ فتح نافذة الانتقالات في يونيو (حزيران)، وهو ما يعني الكثير بالنسبة لكرة القدم الإنجليزية، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبعد التداعيات المالية لتفشي فيروس كورونا. ومنذ الأول من يناير (كانون الثاني)، كان يتعين على جميع اللاعبين الذين انتقلوا من دول الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا الحصول على موافقة من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لكي يحصلوا على تصريح عمل، كما تم منع الأندية الإنجليزية من التعاقد مع لاعبين أجانب أقل من 18 عاماً. وقد أظهرت عودة المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو إلى تشيلسي مقابل 97.5 مليون جنيه إسترليني، وتعاقد مانشستر يونايتد المفاجئ مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، أن أندية القمة في الدوري الإنجليزي الممتاز لديها أموال أكثر من أي وقت مضى. يقول جوناثان بارنيت، الذي أسس شركة «ستيلار» مع ديفيد ماناساه في عام 1993 وما زال يدير الشركة رغم بيعها لوكالة الترفيه «آي سي إم بارتنرز» التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، العام الماضي: «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يُحدث فرقاً بالنسبة لنا. لقد كانت عملية سلسة، لكننا أكبر وكالة في العالم». ويضيف: «ربما أصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لبعض اللاعبين، لأنهم اعتادوا على التحرك أكثر قليلاً، وهو الأمر الذي أصبح أكثر صعوبة الآن. لكننا لم نواجه أي مشاكل، ولدينا لاعبون جيدون، وإذا كانوا مطلوبين هنا في إنجلترا فلا توجد أي مشكلة». ووفقاً لعمر شودري، كبير مسؤولي المعلومات بشركة «تونتي فرست كلوب» للاستشارات التي تعمل مع العديد من الجهات الرائدة في أوروبا، تُظهر بيانات فترتي الانتقالات الأخيرتين في يناير الماضي وفترة الانتقالات الصيفية الأخيرة أن مستويات النشاط في الجزء العلوي من السوق مماثلة لما كانت عليه قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقبل تفشي فيروس كورونا. ومع ذلك، كان هناك انخفاض ملحوظ في الجزء السفلي من السوق. ويقول: «إذا نظرت إلى حجم صفقات اللاعبين التي تزيد على 20 مليون يورو أو 30 مليون يورو، فالأمر لم يختلف عما كان عليه من قبل، لكن كان هناك انهيار هائل في السوق أقل من ذلك - على وجه الخصوص في الصفقات حتى 10 ملايين يورو. يعود الأمر إلى أن الأندية الكبيرة لديها أموال أكثر، بالإضافة إلى أن الأندية الأصغر لديها حالة من الشك وعدم اليقين فيما يتعلق بعائداتها المالية المستقبلية. وإذا هبط أي نادٍ من الدوري الإنجليزي الممتاز، فمن الواضح أن دوري الدرجة الأولى لن يكون جذاباً للمشاركة فيه في الوقت الحالي، لأنه سيكون من الصعب للغاية الصعود منه مرة أخرى». وعلاوة على ذلك، فإن نقص السيولة في السوق بعيداً عن المستويات العليا يمثل تحدياً كبيراً للعديد من الأندية الإنجليزية، حيث يحصل العديد من اللاعبين في الدوريات الدنيا على عقود لفترات قصيرة الأجل بسبب التداعيات المالية لتفشي فيروس كورونا. يقول شودري: «هناك فجوة بين ما يعتقد البائعون أنه السعر المناسب لبيع هؤلاء اللاعبين وبين ما يمكن للمشترين دفعه. من الواضح أن البائعين مرتبطون بالأسعار التي اشتروا بها هؤلاء اللاعبين قبل تفشي فيروس كورونا، لكن السوق قد تغيّرت، ومن الواضح أن هذا يتسبب في هذا الانخفاض الهائل في حجم الصفقات. العقود قصيرة الأجل أصبحت سمة مميزة للأندية في دوري الدرجة الثانية ودوري الدرجة الثالثة، فحالة عدم اليقين المالي تعني أنه لا يمكنك الالتزام بصفقات طويلة الأجل. إنها مقايضة مستمرة مع تلك الأندية التي تحاول العثور على لاعبين جدد - لكن هذه ليست عملية مباشرة أبداً». وبعد صيف شهد انتقال النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى باريس سان جيرمان لمدة عامين بقيمة تقديرية تصل إلى 25 مليون جنيه إسترليني في الموسم، بعد رحيله عن برشلونة الذي يعاني من ضائقة مالية شديدة، فإن محاولة ريال مدريد المتأخرة للتعاقد مع النجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي قد أثارت دهشة بارنيت، الذي كان يمثل غاريث بيل عندما انتقل من توتنهام إلى ريال مدريد في عام 2013 في صفقة قياسية بلغت 85 مليون جنيه إسترليني. يقول بارنيت: «لقد تضررت أوروبا نفسها بشكل شديد، ولا توجد أموال في إسبانيا أو إيطاليا في الوقت الحالي بسبب المشاكل التي تواجهها كل الأندية هناك. لقد كانت إنجلترا محظوظة، لأن الدوري الإنجليزي الممتاز يدار بشكل جيد». وكان من المتوقع أن تكون إحدى مزايا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي للأندية الأوروبية هي عدم قدرة الأندية الإنجليزية على التعاقد مع النجوم الصاعدين مثل سيسك فابريغاس، الذي انضم إلى آرسنال قادماً من أكاديمية برشلونة الشهيرة للناشئين وهو في السادسة عشرة من عمره. لكن شودري يعتقد أن نظام أكاديميات الناشئين في بريطانيا، الذي ساعد على تفريغ عدد من النجوم الشابة التي مثلت القوام الأساسي للمنتخب الإنجليزي الأول في كأس الأمم الأوروبية 2020 بقيادة المدير الفني غاريث ساوثغيت، قد ساعد على تخفيض حدة هذه الضربة. ويقول: «لقد رأينا في السنوات القليلة الماضية قوة تطوير الدوري الإنجليزي الممتاز وجودة اللاعبين المنضمين إليه. قد يستغرق الأمر بعض الوقت لكي نشعر بآثار القواعد الجديدة للاعبين القادمين من بلدان الاتحاد الأوروبي، لكن إذا نظرت إلى الحالة المالية للأندية الأوروبية في الوقت الحالي، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز لا يزال ثرياً للغاية بفضل صفقات البث التلفزيوني، لذلك لا أعتقد أنه سيتضرر بشدة من ذلك على المدى الطويل. وهناك وجهة نظر أخرى ترى أن القواعد الجديدة قد مكنت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من الوصول إلى لاعبين شباب من أميركا الجنوبية وبقية أنحاء العالم التي لم تكن قادرة على الوصول إليها من قبل». ومن بين المستفيدين من اللوائح الجديدة باتسون داكا وإينوك مويبو وفاشون ساكالا، حيث انتقل اللاعبون الثلاثة الدوليون في منتخب زامبيا إلى ليستر سيتي وبرايتون ورينجرز على التوالي خلال الصيف الجاري، رغم احتلال بلادهم المرتبة 87 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). كان هذا يعني أنهم كانوا بحاجة للحصول على إعفاء خاص للحصول على تصريح عمل في ظل النظام القديم، لكن اللاعبين الثلاثة كانوا مؤهلين وبشكل مريح للانتقال إلى تلك الأندية بموجب النظام الجديد القائم على النقاط، بسبب لعبهم من قبل في أندية أوروبية: في الدوري النمساوي مع ريد بول سالزبورغ بالنسبة لداكا ومويبو، وفي الدوري البلجيكي مع نادي أوستند بالنسبة لساكالا. أما بالنسبة لبارنيت، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس منتدى كرة القدم – وهو حركة دولية للوكلاء واللاعبين تأسست في عام 2019 - فيقول إن المشكلة الرئيسية الوحيدة تتمثل في بعض القيود الجديدة في عقد الصفقات مع الأندية الأوروبية. ويقول: «لقد تم منع وكلاء اللاعبين البريطانيين من العمل في بلدانهم، لكننا نغض الطرف عن ذلك ونسمح لأي شخص بالعمل هنا. إنه أمر سخيف، رغم أن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لا يبدو مهتماً بهذا الأمر. لكننا لم نعد ضمن الاتحاد الأوروبي بعد الآن، لذا يتعين علينا الامتثال للوائح الجديدة».
مشاركة :