من يقف وراء استمرار الصراعات والحروب في العالم؟

  • 9/10/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يتبادر‭ ‬لي‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬الكون‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الكون‭ ‬من‭ ‬مخلوقات‭.. ‬وطالما‭ ‬يقتصر‭ ‬علمنا‭ ‬الدنيوي‭ ‬على‭ ‬دنيانا‭ ‬وما‭ ‬حولنا‭ ‬في‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المجدي‭ ‬أن‭ ‬نخوض‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬الأبعد‭ ‬من‭ ‬رؤيتنا‭ ‬المحدودة‭ ‬ونتفادى‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬العوالم‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬عظم‭ ‬المجرات‭ ‬والسماوات‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬بصائرنا‭ ‬وعلمنا‭ ‬البسيط‭.. ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬البشر‭ ‬وكافة‭ ‬الكائنات‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬الوحيدة‭ ‬المخلوقة‭ ‬في‭ ‬ملكوت‭ ‬الخالق؟‭ ‬ ‭ ‬هكذا‭ ‬تساؤل‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬لوهلة‭ ‬عديم‭ ‬الجدوى‭ ‬وهرطقة‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬نزل‭ ‬نجهله‭ ‬من‭ ‬حقائق‭ ‬وتفسيرات‭ ‬للكثير‭ ‬مما‭ ‬حولنا‭ ‬وبين‭ ‬ظهرانينا‭ ‬من‭ ‬غيبيات‭ ‬وعلوم‭ ‬تتكشف‭ ‬لنا‭ ‬بعض‭ ‬منها‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬حين‭ ‬كلما‭ ‬اكتشف‭ ‬العالم‭ ‬جديداً‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعي‭ ‬وجوده‭ ‬لمئات‭ ‬السنوات،‭ ‬لتنقلب‭ ‬معها‭ ‬مفاهيمنا‭ ‬العتيقة‭ ‬عن‭ ‬كوكبنا‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬كونه‭ ‬مجرد‭ ‬حبة‭ ‬رملة‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬شاسع‭ ‬من‭ ‬الفضاءات‭ ‬المحيطة‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صوب‭!‬ فلنعد‭ ‬إلى‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬ونحاول‭ ‬سبر‭ ‬بعض‭ ‬أغوارها‭ ‬المستعصية‭ ‬علينا‭ ‬بالفعل،‭ ‬ولنتباحث‭ ‬قليلاً‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬عن‭ ‬أوضاعنا‭ ‬وما‭ ‬حولنا‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬المليئة‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الخيرات‭ ‬والمنافع،‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وأيضاً‭ ‬المليئة‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬المنغصات‭ ‬والمظالم،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬قالت‭ ‬الملائكة‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يوم‭ ‬خلق‭ ‬آدم‭ (‬عليه‭ ‬السلام‭): ‬‮«‬‭... ‬أتجعل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬يفسد‭ ‬فيها‭ ‬ويسفك‭ ‬الدماء‮»‬؟‭ ‬فهل‭ ‬كانوا‭ ‬يرون‭  ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬وجعله‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬مظلمة‭ ‬ومفسدة‭ ‬ويترتب‭ ‬عليها‭ ‬دمار‭ ‬وإفساد‭ ‬وتشويه‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬خيرات‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬كائنات؟‭ ‬سؤال‭ ‬عظيم‭ ‬من‭ ‬ملائكة‭ ‬الله‭ ‬وتوجس‭ ‬مستقبلي‭ ‬من‭ ‬مخلوقات‭ ‬الله‭ ‬السامية‭ ‬التي‭ ‬علمت‭ ‬بمئال‭ ‬ما‭ ‬سيؤول‭ ‬عليه‭ ‬الوضع‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬القرار‭ ‬الإلهي‭ ‬العظيم‭.. ‬فقال‭ ‬الله‭ ‬لملائكته‭: ‬‮«‬‭... ‬إني‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تعلمون‮»‬‭.‬ وكان‭ ‬أول‭ ‬الغيث‭ ‬من‭ ‬مفاسد‭ ‬الإنسان‭ ‬ضد‭ ‬الإنسان‭ ‬عندما‭ ‬قتل‭ ‬‮«‬قابيل‮»‬‭ ‬أخاه‭ ‬‮«‬هابيل‮»‬‭ ‬نتيجة‭ ‬للغيرة‭ ‬والحسد،‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬مجازر‭ ‬الإنسان‭ ‬ضد‭ ‬أخيه‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬حينها‭.. ‬حقاً‭  ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬غريب‭.. ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬الألفية‭ ‬الحادية‭ ‬والعشرين،‭ ‬البشرية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعيش‭ ‬صراعات‭ ‬شبيهة‭ ‬بوحشية‭  ‬القرون‭ ‬الوسطى‭.. ‬البشرية‭ ‬لم‭ ‬تتعلم‭ ‬ولا‭ ‬تبدو‭ ‬مستعدة‭ ‬لأن‭ ‬تتعلم‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬المقيت‭.. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الحروب‭ ‬قائمة‭.. ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬نقتل‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬بكل‭ ‬وحشية‭.. ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬ندك‭ ‬المدن‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬فيها‭ ‬بشتى‭ ‬أشكال‭ ‬القذائف‭ ‬والقنابل‭.. ‬براً‭ ‬وبحراً‭ ‬وجواً‭.. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المذيعات‭ ‬الفاتنات‭ ‬ينقلن‭ ‬لنا‭ ‬أخبار‭ ‬المجازر‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬القنوات‭ ‬الإخبارية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ترمش‭ ‬لهن‭ ‬الأجفان‭.. ‬ولا‭ ‬نزال‭ ‬نشاهد‭ ‬مناظر‭ ‬الدماء‭ ‬والأجساد‭ ‬الممزقة‭ ‬وكأننا‭ ‬نتفرج‭ ‬على‭ ‬ألعاب‭ ‬الفيديو‭.. ‬بنايات‭ ‬تتهاوى‭ ‬على‭ ‬الرؤوس‭.. ‬أطفال‭ ‬يتم‭ ‬انتشالهم‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬ركام‭ ‬الطوب‭ ‬والحجارة‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأسياخ‭ ‬الحديدية‭.. ‬نساء‭ ‬وعجائز‭ ‬تقطعت‭ ‬أوصالهن‭ ‬وتاهت‭ ‬معالمهن‭ ‬البشرية‭.. ‬ويستمر‭ ‬القتل‭ ‬والدمار‭ ‬والعنف‭ ‬والتفجيرات‭ ‬والقصف‭ ‬من‭ ‬شاهق‭ ‬السماء‭ ‬بصواريخ‭ ‬موجهة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬موجهة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬البراميل‭ ‬المتفجرة‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬بشار‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ .. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬صناعة‭ ‬أعتى‭ ‬أدوات‭ ‬وأسلحة‭ ‬القتل‭ ‬والفتك‭ ‬والتدمير‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الصادرات‭ ‬التجارية‭ ‬من‭ ‬مصانع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الكبرى‭.. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قنابل‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬من‭ ‬غازات‭ ‬سامة‭ ‬وجرثومية‭.. ‬وقنابل‭ ‬النابالم‭ ‬الفوسفورية‭ ‬الحارقة‭ ‬والعنقودية‭ ‬والذرية‭ ‬والنووية‭ ‬والفراغية‭ ‬والهيدروجينية‭ ‬و«الكهرومغناطيسية‮»‬‭.. ‬فذات‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬دفاعها‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتنصب‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬والمتمدنة‭ ‬والراقية‭.. ‬كل‭ ‬أفعالها‭ ‬هراء‭ ‬مستفحل،‭ ‬ورياء‭ ‬أخرق،‭ ‬وكذب‭ ‬بلا‭ ‬حياء‭.. ‬بل‭ ‬هي‭ ‬نفس‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تفتعل‭ ‬الأسباب‭ ‬وتشجع‭ ‬على‭ ‬الفتنة‭ ‬وتختلق‭ ‬الحروب‭ ‬فقط‭ ‬لتتاجر‭ ‬بالسلاح‭ ‬ثم‭ ‬لتتدخل‭ ‬بعد‭ ‬الدمار‭ ‬لتحصيل‭ ‬المكاسب‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬الاعمار‭!‬ حتى‭ ‬الأديان‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بين‭ ‬البشرية‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الآخرين،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬أديان‭ ‬وألوان‭ ‬الناس‭ ‬وأصولهم‭ ‬من‭ ‬معايير‭ ‬التفرقة‭ ‬وبث‭ ‬المظالم‭ ‬والأعذار‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬القتل‭ ‬وارتكاب‭ ‬المجازر‭.. ‬تصوروا‭ ‬معي‭ ‬مولوداً‭ ‬يخرج‭ ‬للدنيا‭ ‬حيثما‭ ‬كان‭.. ‬فيكون‭ ‬موصوماً‭ ‬بملامحه‭ ‬الآسيوية‭ ‬أو‭ ‬السمراء‭ ‬أو‭ ‬السوداء‭ ‬أو‭ ‬البيضاء‭ ‬أو‭ ‬خليط‭ ‬حسب‭ ‬أصول‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬طوال‭ ‬عمره‭.. ‬يتبع‭ ‬دين‭ ‬ملته‭ ‬وما‭ ‬يتبعون‭ ‬فيكون‭ ‬من‭ ‬أتباع‭ ‬إما‭ ‬البوذية‭ ‬أو‭ ‬الهندوسية‭ ‬أو‭ ‬الكونفوشيوسية‭ ‬أو‭ ‬الشنتو‭ ‬أو‭ ‬الجانية‭ ‬أو‭ ‬السيخية‭ ‬أو‭ ‬الزرادشتية‭ ‬أو‭ ‬الطاوية‭.. ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬إبراهيمياً‭ ‬ومن‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب،‭ ‬مسلماً‭ ‬أو‭ ‬مسيحيا‭ ‬أو‭ ‬يهودياً‭.. ‬أو‭ ‬يتبع‭ ‬أي‭ ‬دين‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يعبدون‭ ‬فيها‭ ‬الطاقات‭ ‬كالنار‭ ‬والشمس‭ ‬والأجرام‭ ‬السماوية‭ ‬والأعاصير‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬الحيوانات‭.. ‬أو‭ ‬ممن‭ ‬يقدسون‭ ‬بعض‭ ‬البشر‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الأصنام‭ ‬والحجر‭!!‬ اللهم‭ ‬لا‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬لون‭ ‬البشرة‭ ‬والصبغة‭ ‬والملامح‭.. ‬فالمولود‭ ‬بين‭ ‬أهله‭ ‬وعشيرته‭ ‬كلهم‭ ‬سواء‭.. ‬أما‭ ‬الجنسية‭ ‬والتبعية‭.. ‬فالحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭.. ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يكونون‭ ‬محسوبين‭ ‬على‭ ‬ملة‭ ‬من‭ ‬البشر‭.. ‬قد‭ ‬يكبرون‭ ‬ويكتشفون‭ ‬كم‭ ‬العيوب‭ ‬والمساوئ‭ ‬والمظالم‭ ‬في‭ ‬مواطنهم‭.. ‬لكن‭ ‬الوقت‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬فات‭.. ‬جل‭ ‬ما‭ ‬باليد‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الكثيرون‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬الهجرة‭ ‬والهروب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المعدومة‭.. ‬ومن‭ ‬براثن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬فيها‭ ‬المجازر‭ ‬والحروب‭ ‬والقتل‭ ‬على‭ ‬الهوية‭.. ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬تصبح‭ ‬الملامح‭ ‬التي‭ ‬رضينا‭ ‬بها‭ ‬وبالاً‭ ‬علينا‭ ‬حيثما‭ ‬نلجأ‭. ‬فالآسيوي‭ ‬والأفريقي‭ ‬والعربي‭ ‬الأسمر‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬مثلاً‭ ‬ولا‭ ‬الذوبان‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المجتمعات‭ ‬مهما‭ ‬غير‭ ‬اسمه‭ ‬أو‭ ‬لسانه‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬دينه‭ ‬بقصد‭ ‬الاندماج‭ ‬والانخراط‭ ‬هرباً‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬التمييز‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة‭.. ‬ولكم‭ ‬فيما‭ ‬حلّ‭ ‬باليابانيين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬بعد‭ ‬قصف‭ ‬القواعد‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬‮«‬هونولولو‮»‬‭ ‬في‭ (‬1941‭) ‬مثلاً‭ ‬للتمييز‭ ‬حسب‭ ‬الملامح‭ ‬فقط‭.. ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬لبعض‭ ‬الهنود‭ ‬السيخ‭ ‬الملتحين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬غداة‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬برجي‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭.. ‬وتلك‭ ‬المعاملة‭ ‬المتشككة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحمل‭ ‬الملامح‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مطارات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭!‬ ثم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ذنب‭ ‬المولود‭ ‬الذي‭ ‬تطأ‭ ‬قدماه‭ ‬الأرض‭ ‬مسلماً‭ ‬في‭ ‬قرى‭ ‬‮«‬الروهينجا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقاطعة‭ ‬‮«‬أراكان‮»‬‭ ‬في‭ ‬بورما‭ (‬ماينمار‭) ‬ليتم‭ ‬قتله‭ ‬ونحره‭ ‬وحرقه‭.. ‬فقط‭ ‬لأنه‭ ‬يعتبر‭ ‬عند‭ ‬من‭ ‬يحكمون‭ ‬هناك‭ ‬دخيلاً‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭ ‬الأصليين‭ ‬من‭ ‬اتباع‭ ‬البوذية؟‭  ‬وفي‭ ‬الهند‭ ‬مثلاً‭ ‬أن‭ ‬يُولد‭ ‬مسلماً‭ ‬بين‭ ‬الهندوس‭ ‬أو‭ ‬بالعكس‭ ‬أو‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬طبقة‭ ‬المنبوذين‭ (‬وهذه‭ ‬حكاية‭ ‬أخرى‭).. ‬وقياساً‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬ذنب‭ ‬أطفال‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭ ‬والصومال‭ ‬وأفغانستان؟‭ ‬فبرغم‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭ ‬وبين‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الدين‭.. ‬لكنهم‭ ‬يتعرضون‭ ‬لشتى‭ ‬المآسي‭ ‬والتفرقة‭ ‬بسبب‭ ‬الاختلافات‭ ‬المذهبية‭ ‬والأصول‭ ‬العرقية‭ ‬والعشائرية‭.‬ أحياناً‭ ‬يتم‭ ‬اضطهادهم‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬عليهم‭.. ‬فهذا‭ ‬كردي‭ ‬وهذا‭ ‬تركي‭ ‬وهذا‭ ‬آشوري‭.. ‬هذا‭  ‬مسلم‭ ‬وهذا‭ ‬مسيحي‭ ‬أرثوذوكسي‭ ‬وهذا‭ ‬كاثوليكي‭ ‬وهذا‭ ‬كلداني‭ ‬وهذا‭ ‬سرياني‭.. ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬أرمنية‭ ‬أو‭ ‬ساسانية‭ ‬أو‭ ‬أذرية‭.. ‬وهذا‭ ‬أبيض‭ ‬وهذا‭ ‬أسود‭.. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك‭!‬ فهل‭ ‬تنبأت‭ ‬الملائكة‭ ‬بحال‭ ‬الأرض‭ ‬الدنيا‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬بالفعل‭ ‬قد‭ ‬خلق‭ ‬خلائق‭ ‬بشرية‭ ‬سابقة‭ ‬وكلها‭ ‬بثت‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬المفاسد‭ ‬وارتكبت‭ ‬المجازر‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬أخرى؟‭   ‬فبعض‭ ‬الحفريات‭ ‬وعلم‭ ‬الآثار‭ ‬تبدو‭ ‬أنها‭ ‬تثير‭ ‬نظريات‭ ‬ودلائل‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬مخلوق‭ (‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬عدة‭ ‬مخلوقات‭) ‬قبل‭ ‬سيدنا‭ ‬‮«‬آدم‮»‬،‭ ‬شبيهاً‭ ‬جداً‭ ‬بآدم‭ ‬وذريته،‭ ‬لكن‭ ‬هنالك‭ ‬فاصل‭ ‬زمني‭ ‬بينهما‭ ‬مقدراً‭ ‬بين‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬إلى‭ ‬عشرين‭ ‬ألف‭ ‬سنة،‭ ‬اختفت‭ ‬فيها‭ ‬آثار‭ ‬كل‭ ‬منهما،‭ ‬وهي‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬هلاك‭ ‬الأول‭ ‬واستخلاف‭ ‬الثاني‭.. ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬العلماء‭ ‬الدارسون‭ ‬للآثار‭ ‬التي‭ ‬تركها‭ ‬المخلوق‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬شبيه‭ ‬آدم‮»‬‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الكهوف‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬بطريقة‭ ‬همجية،‭ ‬يكثر‭ ‬فيها‭ ‬القتل‭ ‬وسفك‭ ‬الدماء،‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬العظام‭ ‬حول‭ ‬المغارات‭ ‬والكهوف‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يأوي‭ ‬إليها‭.. ‬وهذا‭ ‬الوصف‭ ‬يلامس‭ ‬شرح‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬قول‭ ‬الملائكة‭ ‬عند‭ ‬خلق‭ ‬آدم‭: ‬‮«‬قَالُواْ‭ ‬أَتَجْعَلُ‭ ‬فِيهَا‭ ‬مَن‭ ‬يُفْسِدُ‭ ‬فِيهَا‭ ‬وَيَسْفِكُ‭ ‬الدِّمَاء‮»‬‭.. ‬مما‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬شبيه‭ ‬آدم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إنساناً‭ ‬عاقلاً‭ ‬كآدم‭ ‬وذريته،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬قول‭ ‬الملائكة‭: ‬‮«‬وَنَحْنُ‭ ‬نُسَبِّحُ‭ ‬بِحَمْدِكَ‭ ‬وَنُقَدِّسُ‭ ‬لَكَ‮»‬‭.. ‬حيث‭ ‬يدل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعرف‭ ‬حمد‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬تقديسه،‭ ‬وكذلك‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬النطق‭ ‬والكلام،‭ ‬ولا‭ ‬تسمية‭ ‬المسميات‭ ‬بأسمائها‭.. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬بيّنه‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬عندما‭ ‬علّم‭ ‬آدم‭ ‬الأسماء،‭ ‬ليظهر‭ ‬فضل‭ ‬آدم‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬سبقه،‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬الملائكة‭ ‬أنفسهم،‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬عند‭ ‬تكاليف‭ ‬الله‭ ‬التي‭ ‬أمرهم‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬يتعدونها‭.‬ { أكاديمي‭ ‬بحريني mazeej@gmail‭.‬com

مشاركة :