أكد خبراء عراقيون أن السياسية الأمريكية الخاطئة والقائمة على التدخل العسكري التي اتبعتها واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر قبل 20 عاما أدت إلى انتشار الإرهاب والفوضى وترسيخ جذورهما في العراق والشرق الأوسط وبقية أنحاء العالم. وشكلت أحداث 11 سبتمبر العام 2001 نقطة تحول في مسار العلاقات الدولية على كافة المستويات وكشفت عن الوجه الحقيقي للولايات المتحدة في استخدام القوة المفرطة ضد بعض الدول وتدميرها، تحت شعار "إن لم تكن معي فانت ضدي". ويعد العراق من الدول التي تضررت كثيرا بسبب السياسة والغطرسة الأمريكية وتحول إلى دولة ضعيفة يضربها الإرهاب بين الحين والأخر وما يزال يعاني من مخلفات هذه السياسة حتى الآن. وفي هذا الصدد، قال هاشم الشماع الباحث في الشأن السياسي بمركز العراق للتنمية القانونية لوكالة أنباء (شينخوا) "إن هجوم 11 سبتمبر الذي أسقط برجي مركز التجارة العالمي أحدث ردة فعل سلبية وتخبط في رسم السياسات لمواجهة هذا الحدث الكبير". وأوضح الشماع أن السياسية الأمريكية الخاطئة قادت إلى الفوضى منذ العام 2001 وحتى اليوم، معربا عن اعتقاده أن هذه الفوضى ستبقى مفتوحة إن لم تكن هناك معالجات حقيقة لتدارك هذا الخطأ الأمريكي الكبير. وأضاف "إن الارهاب حتى الآن معشش (منتشر ولديه قواعد) في العراق بالرغم من الانتصارات التي حققتها القوات الامنية في القضاء على تنظيم داعش الارهابي وقبله تنظيم القاعدة واصطياد قادتهما". وأرجع سبب انتشار الإرهاب بالعراق إلى عدم إدراك وفهم واشنطن وحلفائها لطبيعة وتركيبة المجتمع العراقي والخواص والصفات الاجتماعية، مبينا أن واشنطن ركزت على الجانب العسكري، واغفلت الجوانب الأخرى كالقوى الناعمة والتعامل النفسي مع الشباب المهيأ للانخراط في التنظيمات المسلحة. وتابع "إن الارهاب مايزال مستمرا في العراق بل انتقل إلى خارج الحدود وصار اقليميا في الشرق الأوسط ونرى ما يحدث في سوريا وعدد من دول المنطقة" ، مشددا على أن واشنطن لعبت على الجانب الطائفي والعرقي ما أدى إلى جعل العراق حاضنة للإرهابيين من كل بقاع العالم. ويرى الشماع أن السياسية الأمريكية أدت إلى حصول ارباك أمني في منطقة الشرق الأوسط نتيجة سوء تقديرها قائلا "إن واشنطن وتحت يافطة مكافحة الارهاب تحاول أن تمد سيطرتها على جميع أنحاء العالم". وأكد "أن الولايات المتحدة الامريكية اتخذت من سياسة مكافحة الارهاب ذريعة لتبرير الفشل في سياستها". واختتم حديثه قائلا "إن السياسة الامريكية في العراق لم تحقق من يافطة الديمقراطية اية نتائج ايجابية، وبالعكس فان العراقيين يحاولون بناء ديمقراطية حقيقة بعكس الديمقراطية التي جاءت بها أمريكا والتي أحدثت الشرخ الطائفي والصراع والتنافر بين مكونات الشعب العراقي". وغزت القوات الأمريكية العراق العام 2003 تحت مسمى مكافحة الإرهاب، استنادا إلى ادعاءات كاذبة وبدون موافقة مجلس الأمن الدولي، فخربت ودمرت دولة تملك حضارة من أقدم الحضارات في العالم. وخلف الغزو الأمريكي مئات الآلاف من القتلى وملايين الأيتام والأرامل، وملايين النازحين داخل وخارج العراق، فضلا عن التدمير الكبير للبنى التحتية في معظم المدن العراقية. ونتيجة للاحتلال الأمريكي والسياسة الفاشلة وانتشار الفوضى وانعدام الأمن خلقت فرصا كبيرة لنمو الجماعات الإرهابية، من بينها تنظيم ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي احتل أكثر من ثلث العراق في يونيو العام 2014. بدوره قال المحلل السياسي صباح الشيخ "إن العراق ضحية من ضحايا ما يسمى بمحاربة الارهاب على الطريقة الامريكية، فقد تحول نتيجة هجمات 11 سبتمبر والاحتلال الامريكي المخالف للشرعية الدولية، إلى بيئة حاضنة للجماعات الارهابية بعد فتح الحدود ودخول الجميع في سنوات الاحتلال الاولى". وأضاف "أن العراق مايزال يعاني من مخلفات الاحتلال الامريكي"، مشددا على "أن الشعارات الامريكية بمحاربة الارهاب ونشر الديمقراطية في العراق كلها كاذبة، فبفضل هذه الشعارات الآن في العراق ملايين الايتام والارامل والنازحين واللاجئين في دول العالم". من جانبه قال ناظم علي الجبوري الخبير في المنتدى العربي "إن المشروع الامريكي التدميري في العراق ما يزال مستمرا منذ احتلاله وحتى يومنا هذا وعلى كافة الاصعدة". وشدد الجبوري على أن العراق تحول إلى ساحة لتصفية الحسابات مع الجماعات الارهابية نتيجة السياسية الامريكية الفاشلة والتي انعكست بصورة سلبية على حياة العراقيين. ويرى الجبوري أن الجانب السياسي كان أكثر تأثرا بسبب تخبط السياسة الامريكية في التعامل مع الملف العراقي، كونها لم تكن لديها خطط لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس علمية وعملية، مؤكدا أن واشنطن بدأت بعملية سياسية عرجاء أدت إلى تقسيم الدولة العراقية على أسس طائفية وقومية. وأشار إلى أن الاقتصاد العراقي تضرر كبيرا بسبب العمليات العسكرية الامريكية التي أدت إلى تدمير كافة المصانع والبنى التحتية تدميرا متعمدا، يضاف اليه انهيار المنظومة الكهربائية بالكامل، مع تردي في الواقع الخدمي والزراعي وتحول العراق إلى بلد استهلاكي يعتمد على تصدير النفط مع غياب كامل لعوامل الانتاج الأخرى. وأضاف "أن الولايات المتحدة لم تساعد العراق للنهوض باقتصاده بل كانت مساعدتها تقتصر على الحلول الانية البسيطة والمؤقتة". وخلص إلى القول "دفع العراق ثمنا باهظا بسبب الحماقات الامريكية التي عجزت عن تقديم دليل واحد على امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل أو ضلوعه في هجمات 11 سبتمبر والتي كانت الذريعة لاحتلاله، وكان من المفروض تسميتها بتدمير العراق وليس تحرير العراق".
مشاركة :