الإعلام الإلكتروني بين ثورة المعلومات وبين الكذب والافتراءات (1- 2)

  • 9/12/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يقول المولى عز وجل: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا". وفي تفسير هذه الآية الكريمة، يقول ابن المنذر عن قتادة، إن تقديم الفجور على التقوى في الآية الكريمة لتجنبه أي التخلي عنه، وفي تفسيرها أيضاً يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي، إن كل نفس بشرية تحب أن تكون قوية، وهي فيها قوة داخلة ضد نفسها الأمارة وقوة خارجة عند شراسة الباطل. فألهمنا يارب القوة على أن نواجه شراسة الباطل على خفافيش الظلام الإلكتروني وضبابيته لينتصر الحق بنوره وإنسانيته، وفي هذا السياق، لم تكن ثورة المعلومات التي كانت طفرة في عالم المعرفة هي الثورة الوحيدة التي انتهكها الإنسان بشراسة الباطل، بل كان الإنسان ظلوما جهولا، في استخدام النعم التي أنعم الله علينا بها لخير البشرية. نوبل وجائزته وفي هذا السياق، فقد ألهم المولى عز وجل العالم ألفريد نوبل باختراع الديناميت، لاستخدامه في الصناعات السلمية التي أفادت الإنسان في قهر الطبيعة، واقتحام الجبال وعبورها من الأنفاق من مشارق الأرض ومغاربها، لمزيد من العلم والمعرفة، واستخراج الثروات من باطن الأرض، وصناعة التعدين وغيرها، لتسهم في صناعة عصر العولمة الذي نعيشه الآن. فاستبدل الإنسان ونفسه الأمارة بالسوء هذا الاختراع في صناعة آلات الدمار لفناء البشرية في الحروب، وكان نوبل قد كون ثروة طائلة من اختراعه بسبب تهافت الشركات الكبيرة على شراء هذا الاختراع وأصبح من أغنى أغنياء العالم، ولندمه الشديد على إساءة استخدام اختراعه خصص جزءاً من ثروته الطائلة، ليكون عائدها جائزة سنوية تمنح لأفضل من أفاد البشرية في مجالات الكيمياء والفيزياء والطب والأدب والسلام والعلوم الاقتصادية. الذرة واستخداماتها وقد ألهم الله إرنست رذرفورد نموذجه في الذرة النووية لخير البشرية في تشخيص الأمراض وعلاج السرطان وغيره من فيروسات قاتلة وحماية البيئة من التلوث وتغيير المناخ. وقد تطورت الذرة كثيراً في استخدامها العلمي في كثير من المجالات، إلى أن جاء أحمد زويل ليخترع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فنتو ثانية وهي وحدة زمنية، تخطت حاجز الزمن العادي، وهي تعادل واحداً على مليون من المليار من الثانية، ليصبح نظاما قادرا على التصوير بسرعة فائقة بالاعتماد على الليزر لمشاهدة حركة جزيئات المادة عند تفاعلها مع بعضها، عند نشوئها وقبل هذا التفاعل لاستخدام هذا الاكتشاف العلمي في مجال الطب والفيزياء وأبحاث الفضاء وسجلت باسمه مدرسة علمية جديدة باسم كيمياء الفنتو، التي غيرت نظريات البشر في هذا السياق. إلا أن النفس الأمارة بالسوء، استبدلت هذا الاستخدام السلمي للذرة، بصنع القنابل الذرية التي تطورت إلى القنابل الهيدروجينة وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وليس ببعيد عنا القنابل الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة الأميركية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في أغسطس 1945 فأفنت حياة مئة وأربعين ألفا في المدينة الأولى، وثمانين ألفا في المدينة الثانية، وأغلبهم من المدنيين، فضلا عن التشوهات الخلقية لغيرهم، وما خلفته هذه القنابل، وإشعاعاتها من إصابة للكثيرين بسرطان الدم وسوء التغذية وغيرهما. الجميل في ثورة المعلومات من أفلام ديزني الشهيرة "الجميلة والوحش «Beauty and the Beast»، وقد اخترنا أن نبدأ بالجميل في ثورة المعلومات، فقد فجرت ثورة المعلومات، بعد الثورة الصناعية، فتحا جديدا في عالم البحث والمعرفة، بما قدمته للباحثين والدارسين من خلال تقدمها في التكنولوجيا، مما أدى إلى بزوغ عصر المعلومات في أوائل القرن الحادي والعشرين، وهو عصر تتحكم فيه المعلومات في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية، وأصبح القدح المعلى في هذا العصر، لمن يسيطر على تقنيات الاتصالات، ولمن يمتلك المعرفة التقنية والبرمجية، وأصبحت شركة مايكروسوفت من أكبر الشركات في العالم من خلال تصنيعها البرمجيات التي تساعد في إدارة المعلومات. ولئن كانت برمجيات المعلومات التي تتناقله وسائل وقنوات الاتصالات الإلكترونية المختلفة، قد زودت الصحافة الورقية بزخم هائل من المعلومات، دون عناء ومشقة البحث عنها من خلف الجدران المغلقة، إلا أن الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية هما وجهان لعملة واحدة هي المعرفة، وقد أصبح على عاتق الصحافة الورقية واجب أن تفرز الغث من السمين، فيما تتناقله الصحافة الإلكترونية من وقائع وأحداث، إلا أن هذه الأخيرة أضرت ضرراً بالغاً بالصحافة الورقية، فأزاحت صاحبة الجلالة من عرشها الذي كانت تتمتع فيه باحتكار الخبر ونشره، بل أصبحت أسرع منها، وكأن العالم أصبح قرية صغيرة، يتنقل فيه الخبر في ثوان ودقائق قبل أن يبزغ نور الصباح الذي توزع فيه الصحف، كما أزاحت صاحبة الجلالة من احتكار عالم الإعلانات والتي كانت تدر على أصحاب الصحف أموالاً طائلة وعلى محرريها وكتّابها رواتب مجزية، حتى قيل إن أحد رؤساء تحرير صحيفة، "الأهرام" فوجئ بعد تعيينه بأقل من شهر بموظف الخزينة يدخل عليه يحمل حوالات من أوراق البنكنوت الكبيرة حصته من عائد الإعلانات التي يحصل عليها كل رؤساء تحرير "الأهرام" منذ نشأة هذه الصحيفة قبل مئة عام. وللحديث بقية عن القبيح في الإعلام الإلكتروني.

مشاركة :