جامعة ستانفورد أحد عوامل نجاح وازدهار الاقتصاد الأميركي، ورمز لما يجب أن يكون عليه التعليم العالي حول العالم، ويكفي أن أشير إلى عدد من الشركات العملاقة التي كانت مشروعات صغيرة نمت بذورها في الجامعة ومنها: جوجل، يوتيوب، ياهو، إنتل، انستغرام، واتس آب، اتش بي، لينكدين، ونت فيلكس لعرض الأفلام عبر الإنترنت، وغيرها الكثير من المشروعات في مختلف المجالات، وتقدر إجمالي القيمة السوقية لأهم الشركات التي تأسست كمشروعات في الجامعة بأكثر من مليار دولار ما يعادل مليار ريال سعودي. وبالمقارنة مع شقيقتها الكبرى هارفارد نجد أن من أنجح مخرجات الأخيرة هم الطلبة الذين لم يكملوا تعليمهم فيها، ومنهم بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت، ومارك زكربيرغ مؤسس فيس بوك. ويعود السبب في نجاح ستانفورد مقارنة بهارفارد بالرغم أنها حديثة نسبيا حيث تأسست في العام م مقارنة بهارفارد في العام م، حرص هارفارد على تأطير أدائها الأكاديمي في النظريات والتعليم الفلسفي والذي هو بالطبع من صميم التعليم العالي، مقارنة بستانفورد والتي تحرص على تعليم حالات عملية وتهيئة الطلبة للمستقبل من خلال تحفيزهم ودعمهم ماديا ومعنويا. وتقوم ستانفورد بهذا الدور الرائد من خلال استثمارها المباشر في شركات مخرجاتها، ودعم مشروعات طلبتها المتميزة بمبلغ نصف مليون دولار من خلال بعض صناديق تمويل المشروعات الجريئة، فضلا عن تدريس الطلبة في مختلف التخصصات: الإدارة والقيادة وتقنية المعلومات وريادة الأعمال، وتوفير منهج دراسي يحث الطلبة على تقديم أفكار تجارية غير مسبوقة لفريق تحكيم من إحدى صناديق تمويل المشروعات الجريئة. ويخطئ من يعتقد أن نجاح مشروعات ستانفورد يعود لطلبة علوم الحاسب أو الهندسة فقط بل من مختلف التخصصات، وبعض المشروعات التقنية الناجحة كانت من طلبة أقسام الاقتصاد فالجميع يعمل في بيئة مخلصة للإبداع وقائدة للابتكار. ستانفورد هي وصفة النجاح الجديدة التي تحتاج إليها أربعة آلاف جامعة في أميركا، وعشرات أو مئات الآلاف الأخر حول العالم، فلم يعد مهماً أن ينشغل الطلاب بأصول العلوم ونظرياتها ويتم تقييمهم ومدى جاهزيتهم للتنمية والمستقبل بناء على ذلك، بل على العكس تماماً وهو البدء من حيث انتهت هذه النظريات للإبداع والابتكار الذي يضع لبنات تغيير العالم، ولا يحتاج الطلاب سوى البيئة المحفزة الداعمة معنوياً ومادياً، وخارطة الطريق لكل ذلك ستانفورد.
مشاركة :