كاميرات الدوائر الحكومية.. عين الرقيب في مكتبك

  • 10/25/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لعل المتتبع لكيفية تعامل بعض رؤساء ومديري جهات خدمية حكومية مع المواطنين والمواطنات، يشعر بالاستياء من تصرف بعضهم، الا ان خيوطا لم تنكشف عن اللحظات الأولى لتلك التصرفات، وباتت المقاطع التي تبث على شبكة التواصل الاجتماعي او على الأجهزة الذكية هي الحاكم الأول في سوء استخدام السلطة لمن ظهر في تلك المقاطع فمن عسير الى جازان الى طريف الى نجران الى الطائف الى المدينة المنورة، كانت المقاطع هي أحد الأسلحة للإطاحة ببعض أولئك الرؤساء والمديرين. قرارات وكاميرات وقد اتخذت عدة وزارات، قرارات حاسمة تجاه عدد من المسؤولين فيها، بعدما وثقت كاميرات أجهزة الجوال بالصوت والصورة ما بدى انها إساءتهم في التعامل مع المواطنين الذين لجأوا لهؤلاء المسؤولين لإنجاز معاملتهم فكان نصيبهم الإساءة التي وصلت إلى حد قيام أحد المسؤولين بطرد مواطن ومواطنة من مكتبه، وفي الواقع لا أحد يعلم المتسبب في الصورة النهائية التي ذهب ضحيتها المسؤول. وطالب أكاديميون ومديرون ورؤساء دوائر حكومية، بوضع كاميرات داخل المكاتب لمعرفة كيف تدار الأمور ورصد تصرفات المسؤولين مع المواطنين كقطاع خدمي همه الوحيد هو إيصال الخدمة للمواطنين لا نهره او طرده، هذه الكاميرات مرحب فيها وغير مرحب فيها من جانب. فالفريق المرحب يسوق ايجابياتها انها مرآة عاكسة لأداء الرؤساء والمديرين في الدوائر الحكومية وكيفية التعامل مع المراجعين والموظفين بشفافية، اما الفريق غير المرحب فيرى ان هناك انتهاكا لخصوصية او اسرار العمل. وبعيداً عن مثل هذه التأويلات وتأكيداً على أن القرارات الحاسمة والسريعة تجسد رغبة صادقة في محاسبة كل مسؤول يثبت تقصيره في عمله أو تقاعسه عن خدمة المواطنين، أو الإساءة إليهم. ويبقى التساؤل ماذا لو لم تسجل كاميرات الجولات وقائع الإساءة هذه أو يتم تداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، هل كانت هذه القرارات سوف تصدر؟ العمل بصمت وتساءل فهد الشمري - مواطن - وماذا لو كان المواطنون الذين تعرضوا للإساءة قد لجأوا بشكواهم إلى قيادات الوزارات الثلاث أو غيرها من الوزارات والهيئات الحكومية بصفة رسمية، دون توثيق الشكوى بكاميرا الجوال، هل كان سوف ينظر في هذه الشكاوى؟ وهل كان يمكن أن تصل إجراءات التحقيق فيها إلى اتخاذ مثل هذه القرارات الحاسمة والسريعة بإعفاء المسؤولين الذين أساءوا معاملة المواطنين؟ أم أن الانتشار الكبير لمشاهد الإساءة المتعمدة عبر وسائط الإعلام الجديد هو الذي دفع إلى اتخاذ القرارات والتي أشفت فعلياً نفوس كل من شاهدها فضلاً عن المتضررين الأصليين من المواطنين والذين ربما تعرضوا لمثل هذه الإساءات، لكن لم يتمكنوا من توثيقها أو نشرها. وقال صالح العتيبي – مواطن –: ان الأمانة تفرض على الكثير من المسؤولين اداء عملهم بعيداً عن المظاهر المصطنعة امام الكاميرات، وما حدث من مواقف خلال الفترة الماضية والتي ازاحت مسؤولين من الكراسي بقرارات حاسمة لا يجب تعميمها على كافة المسؤولين في الدولة، مشيراً إلى أن هناك من يعلم بصمت ويخدم المواطن ويقدم كل ما لديه، وكذلك هناك بعض المواطنين ساهم في تطور بعض المشكلات التي أدت إلى فصل أو إقالة مسؤول من دائرة حكومية ولا يعرف المواطن او المسؤولون في الوزارات اسباب المشكلة الأساسية التي ادت إلى ما ظهر في مقاطع الفيديو. حفظ الحقوق عبدالله العسكر - المدير التنفيذي لبرنامج قياس رضا المستفيدين بامارة المنطقة الشرقية ومدير البحوث والاستشارات بفرع معهد الإدارة العامة بالمنطقة الشرقية - لا يحبذ وضع كاميرات مراقبة او قياس أداء المديرين او الرؤساء لوجود معايير أداء عالمية لقياس عمل المديرين والرؤساء، مؤكدا ان الانسان عندما يشعر انه مراقب لا يشعر بالطمأنينية، ويرى إيجابية وضعها في المصانع والأماكن المفتوحة وفي الممرات، لافتا ان بعض المستفيدين يحاول جر المسؤول واصطياده من خلال تسجيل مقطع مصور او مسجل، لذلك على كل مسؤول مراعاة الله في عمله وانجازه بما يرضي الله ثم ولاة الامر الذين وضعوا الثقة في هذا المسؤول. وقال د. عثمان العثمان - رئيس الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم -: من منطلق الاستفادة من التقنيات الحديثة بوضع كاميرات مراقبة في المكاتب الإدارية من ناحية أمنية تحفظ حق المسؤول ومحاسبة المخطئ، وللحد من المشاكل الإدارية وتهيئة بيئة مناسبة للعمل وعدم نشر مقاطع فيديو لا صحة لها نتيجة اشياء شخصية لا تخدم الوطن والمواطن، ونتمنى ان تنفذ في القطاع الحكومي والخاص. فيما أشار حمود الخالدي - المحامي والمستشار القانوني- إلى أن وضع كاميرات المراقبة في الأماكن العامة والمحال التجارية والإدارات الحكومية سلاح ذو حدين، فبالرغم من إيجابية هذه الكاميرات في الحد من وقوع العديد من المخالفات والجرائم، إلا أن البعض محق في كونها تتعدى على حرمة الحياة الخاصة للأفراد الواقع التصوير عليهم. ودعا المحامي الخالدي أن تكون الكاميرات في أماكن ظاهرة، وان يكون هناك لافتات على جدران المكان تشير إلى أن المكان مراقب بالكاميرات، لافتا إلى انه حتى الآن لا يوجد في النظام ما يقنن كيفية التعامل مع هذه الكاميرات سواء بالإباحة أو التجريم، إلا انه لا يظهر ما يمنعها أو يجرمها بدليل أنها تباع وتشترى في المتاجر الكبيرة على مرأى ومسمع من جميع الجهات المعنية ولم يبد احد اعتراضه عليها. أدلة براءة واقترح الخالدي ان يتم تقنين التعامل مع هذه الكاميرات بشكل يضمن حماية أصحاب المنشأة والعاملين بها سواء كانت منشأة خاصة كمحال تجارية أو منشاة عامة كهيئة حكومية، وايضا حماية المترددين على المنشأة وزوارها، وذلك لضبط ومحاربة بعض الفاسدين وكذلك لحماية باقي العاملين، حيث انه من الممكن أن يقوم الأفراد المترددون على المكان بتصوير شخص، ثم بعد ذلك يقومون باستقطاع التصوير إلى أجزاء وتحويرها لإدانة هذا الشخص وظهوره بمظهر يسيء لسمعته وصورته في المجتمع، فإن حدث ذلك، يكون بمقدور هذا الشخص إظهار براءته بالتصوير الكامل للواقعة من خلال الكاميرات الموجودة بالمؤسسة التي يعمل بها، وحتى يكون في استطاعته الرجوع قضائيا على الشخص المسيء له – فمن وجهة نظري – سيكون التصوير الموجود بالمؤسسة أقوى دليل على براءة الموظف. جرائم معلوماتية ونوه إلى انه يجب التعامل مع الشخص القائم بالتصوير وفقا للنتائج المترتبة على تصويره، فعندما نجد أن المصور قد قام بوضع الكاميرات في أماكن مختفية عن الأنظار، وفي أماكن لا يجب وضع كاميرات فيها، أو أن هذه الكاميرات قامت بتصوير مخالفة معينة، فما يكون من صاحب الكاميرا إلا أن يبدأ في ابتزاز الشخص، سواء ابتزاز مادي أو ابتزاز جنسي أو غير ذلك من أنواع الابتزاز، فبذلك يكون الشخص قد خالف نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية المعمول به في المملكة والذي اشتمل على (16) مادة، استهلهم بتعريف الجريمة المعلوماتية، ثم الهدف من النظام، ثم بعد ذلك سرد العقوبات المقررة للجريمة المعلوماتية، حيث حدد لكل جريمة عقوبة معينة، بداية من العقوبة بالسجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 500 الف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، وانتهاء بعقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، مضيفا أما إن كانت الكاميرات موجودة في أماكن ظاهرة ومكشوفة للجميع، وقامت هذه الكاميرات بتصوير مخالفة أو جريمة، فإن قام صاحب الكاميرا بالتوجه للأجهزة المعنية وتقديم بلاغ بما حدث، وتزويدهم بالشريط المصور - حتى وإن لم يرق بذاته كونه دليلا – إلا انه يكون جزءا من الاستدلال يضع الخطوط العريضة للمحققين إنجازا للوقت وتحقيقا للعدالة السريعة، حتى وإن كان في ذلك تعد على حرية خاصة لبعض الأفراد، إلا أن المصلحة العامة تتقدم على المصلحة الخاصة.

مشاركة :