تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة واحدة من أندر المخطوطات العالمية لأول كتاب في العالم يصور تركيب جسم الإنسان من الداخل ويرسمه ويشرّحه، بعنوان :" تشريح بدن الإنسان" من تأليف منصور بن محمد بن أحمد بن يوسف بن إلياس الكشميري، وتعود كتابته إلى الفترة الواقعة بين (782-793) هجرية. وقد صنف الكتاب كواحدة من أهم وأنفس المخطوطات الطبية الإسلامية، حيث سبق به صاحب التشريح الحديث الطبيب البلجيكي أندرياس فيزاليوس، كما سبق به الرسام الإيطالي المعروف ليوناردو دافنشي. ويحتوي الكتاب على رسومات للعضلات، والعظام، والأوعية الدموية كما تخيلها الأطباء وقتها: القلب في أعلى ومقدمة الأعضاء، أما الرئتان فتقعان أسفل القلب في منتصف الجسم، وصوّرت المعدة على أنها تركيب صغير على يمين الجسم. كما يحتوي على أول رسوم توضيحية تشريحية إسلامية باقية، توضّح جسم الإنسان بأكمله. وهي تشمل رسوماً يشغل كل منها صفحة كاملة، مرسومة بالقلم باستخدام أحبار مختلفة الألوان. تتألف الدراسة من مقدمة يليها فصول عن العظام والأعصاب والعضلات والأوردة والشرايين والوجه والأنف والكبد والطحال والرئتين وغيرها من أعضاء الجسم الإنساني، ويصف المؤلف الشرايين بأنها عبارة عن عروق متحركة طالعة من البطين الأيسر والبطين الأيمن من القلب حيث تحدث حركة انبساط وانقباض. ويتناول الفصل الختامي الأعضاء المركبة، مثل: القلب والمخ، بالإضافة إلى تكوين الجنين، ويتضمن رسماً يُصور الشَبَكة الشريانية للمرأة الحامل. كما يضّم الكتاب رسومات للهيكل العظمي والأعصاب والعضلات والعروق والأوردة، وشرايين الرجل وبعض الأعضاء الرئيسة وشرايين المرأة وبعض الأعضاء الرئيسة، وتتشكل المخطوطة من (26) ورقة، وست لوحات مرسومة، وكتبت باللغة الفارسية، ونسخت في "21 من رمضان 1119هـ"، الموافق 1707م على يد ناسخ يدعى محمد حسن. وتبين الرسومات حرفية ودقة في استثمار الخطوط والألوان وانسيابيتها مستفيدًا من وجود فن المنمنمات الإسلامية الذي كان شائعاً وقت تأليفه الكتاب، من دون استخدام أدوات هندسية أخرى سوى الأقلام. حيث جاءت الرسومات كأنها فن تعبيري يلامس حركة الجسم الإنساني من الداخل، كما يبين الجهد الفني الواضح في وضع الخطوط والرسومات. كتبت النسخة بمداد أسود وبعض العبارات بالأحمر، مؤطرة بتأطير أحمر وأسود بسيط، فيها تعقيبة، والنسخة مجلدة بجلد كرتوني، كما أن بعض العبارات في الرسومات التخطيطية كتبت باللغة العربية ومن حولها شروحات تبين أوصافها ومواضعها. والكتاب عبارة عن خمس مقالات وخاتمة ولكل مقالة في آخر الكتاب صورة باستثناء المقالة الخامسة فإنها تحتوي على صورتين، والمقالة الأولى ناقصة الأول بمقدار صفحة، وقد طبع الكتاب غير مرة أولها في دهلي سنة 1264هـ (1848م) باهتمام منصور علي بعنوان:" تشريح منصوري". وينحدر الطبيب منصور بن محمد بن إلياس، من نسل طويل من الأطباء والمفكرين، وهو طبيب مسلم، من أهل شيراز نشأ في عائلة تُعنى بالعلم، وكان قد أهدى بعض كتاباته لأمراء فارس. تعود كتاباته إلى فترة 782-793 هـ. ويُعد كتاب (تشريح بدن إنسان) والمعروف عادة بعنوان: (تشريح منصوري) من أشهر أعماله، كما أن له كتاباً بعنوان: (الكفاية المجاهدية) وقد استفاد علماء أوروبا من رسومات ومخططات الكتاب لجسم الإنسان فأصبح علم التشريح جزءاً من التعليم الطبي المعترف به عندهم، وهو ما كان سبباً في اكتشافات طبية متعددة.
مشاركة :