أخلاق الأبطال وأخلاق الأشرار!

  • 9/13/2021
  • 00:15
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ترتبطُ الأخلاق بالحريّة، فأخلاق العبيد -كما يشير نيتشه- تنبع من الخوف، ومن أجل أن يكون الإنسان صاحب أخلاقٍ حقيقية، لا بدّ له من الاختيار، والاختيار لا يتأتّى إلا بالحريّة، فالوعي الباطني بالاستبداد السياسي والديني والمعنوي، يتسبّب في استعباد داخلي شخصي (العبودية الإرادية).إنّ الأخلاق الشخصية تتكون -في غالبها- من معايير المجتمع نفسه، ومعاييرُ المجتمع متغيّرة، لذلك كانت الأخلاق في حقيقتها، غير ثابتة، بل تتبع إرادة ومرجعيّات المجتمع نفسه، وهي في عمومها، نفعية انتهازيّة.. وفي واقع الأمر، لا يمكن تجريدُ الأخلاق وإخراجُها من سياق عوامل مؤثِّرة متعدّدة، فالأخلاق، نتاج تفاعل الإنسان مع ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية مُجتمعة.. يقول (نيتشه): «إذا قتلتَ صرصورًا فأنت بطل، وإذا قتلتَ فراشةً فأنت شرّير، الأخلاقُ لها معايير جمالية».ومن المهم معرفة أنّ الدّين ليس المصدر الوحيد للأخلاق، بل لعلّ الدّين بصورة واقعية اجتماعية، الأقل تأثيراً في الأخلاق من غيره من العوامل الأخرى.. إنّ الأديان تقوم على أُسس الأخلاق، وليس العكس، فالأخلاق بمجملها إنسانية، وليست بالضرورة دينية.. إنّ مدار الدّين، مكارمُ الأخلاق ومطالبُ المروءة. وقد يظنّ بعضهم أنّ الوعظ الديني المجرّد المتكرّر يمكن أن يقنع الناس بتغيير أخلاقهم وتحسين سلوكياتهم، لكن الواقع يشير إلى قصور هذه الاستراتيجية في الارتقاء بالأخلاق الفردية والعامة، فالوعظ المجرّد البعيد عن واقع الحياة، لا يُفيد في الأخلاق إلا نادراً.. يقول الدكتور (أحمد خالد توفيق): «كلامٌ كثير جدًا عن الدّين، لكن الأخلاق تنحدرُ بلا توقّف».والمعادلة واضحة جليّة، إذ كلّما ازدادت الحضارة تطوّرًا وتقدّمًا وترفًا، ازداد مستوى الأخلاق الفردية والعامة انحداراً وتقهقراً وابتذالاً، بالتزامن مع اتّساع رقعة الغبن الاجتماعي وانتشار الظّلم الفئوي.. هذه هي المعادلة.وفي المقابل، سيحدث لك أحياناً أن تتفكّر في أسباب فعلك للخير والتزامك بأخلاق فاضلة، فلا تجد سببًا مُعتبرًا، لكن من أهمّ أفكار فلسفة الأخلاق لدى (كانط)، أنّ إرادة الخير في الإنسان هي الأصل، وأنّ عمل الخير فضيلة، ويجب أن يكون لغاية الخير نفسها، بغضّ النظر عن المنفعة الشخصية.. إنّ من رفيع الأخلاق، تحمّل قسوة الحياة وأذى الناس، من دون أن تصيبنا عدوى القسوة والتعامل بالعنف والأنانية المُفرطة، فالأخلاق الحميدة ضرورةٌ إنسانية، حتى نستطيع جميعًا أن ننجو من ورطة الحياة، ونسلم سويًّا من جحيم الدنيا.

مشاركة :