أحدث ما فجرته دراسة دولية مهمة هو أن المرأة، ذلك الكائن الرقيق والمشهور بضعفه أكثر قوة وقدرة على التحمل من الرجل، فهي تستطيع التكيف مع ضغوط الحياة، والقيام بأكثر من مهمة في آن واحد، كما أنها أكثر نجاحا في إدارة الأعمال. هذا ما أثبتته بالفعل تجربة هذه المرأة الموهوبة والمبدعة التي تمتلك قوة خارقة، وقدرة هائلة على تحمل المسؤوليات، حتى أنها أصيبت بمرض متلازمة النفق الرسغي بسبب كثرة الضغوط التي تعرضت لها من وراء مشروعها الذي تنفذه بمفردها من الألف إلى الياء، الأمر الذي أجبرها على التوقف فترة، إلا أنها عادت بكل إصرار للمواصلة والنجاح، وقد كان لها ما أرادت! مريم محمد حمادة زوجة وأم وموظفة وسيدة أعمال، أطلقت أول حساب من نوعه يختص بالتجمعات، وكل ما يتعلق بها، حيث جمعت بين مواهب الفن والديكور والتجارة والطبخ في مشروع واحد، لتترك لها بصمة خاصة في عالم سيدات الأعمال. المشوار لم يكن سهلا، والدرب كان مليئا بالعثرات والتحديات، لكنها أبت إلا أن تنتصر لصالح المرأة، لتقدم لنا تجربة نموذجية يقتدى بها، نستعرض تفاصيلها في الحوار التالي: متى بدأت علاقتك بالتجارة؟ علاقتي بعالم التجارة بدأت مبكرا للغاية، فمنذ طفولتي عشقت العمل التجاري بشدة، وكان يسري في دمي، حتى انني مارسته فعليا منذ أن كنت طالبة في المرحلة الابتدائية، إذ كنت أقوم ببيع بعض المنتجات لزميلاتي في المدرسة كطلاء الأظافر على سبيل المثال، وقد كنت دائما طفلة حالمة، وأرى نفسي صاحبة مشروع تجاري خاص، ومع الوقت تطورت الموهبة، وصرت أصنع قوالب الكيك المختلفة ودهن الشعر وغيرها من المنتجات وأتاجر فيها، وقد اخترت التخصص الدراسي الجامعي الذي يتناسب مع ميولي. وماذا كان تخصصك الدراسي؟ قررت دراسة التسويق بالجامعة الأمريكية بنيويورك، وقد جمعت بين الدراسة والعمل في تلك المرحلة، وكنت أسوق جيدا لمنتجاتي المختلفة، إلى أن وجدت شغفي في مجالي الديكور والتنسيق، فعزمت على إطلاق مشروعي الذي دمجت فيه بين مواهب عديدة هي الفن والديكور والتجارة والطبخ الذي أعشقه كذلك منذ الصغر. وكيف كانت بداية مشروعك؟ مشروعي كان الأول من نوعه حين أطلقته، وهو عبارة عن حساب إلكتروني يهتم بكل ما يتعلق بالتجمعات، ولوازمها، من تنسيق ومواد وأغذية متنوعة، وكم كنت أتمنى دراسة تخصص الديكور في ذلك الوقت ولكن للأسف الشديد لم يكن هذا التخصص متوافرا في ذلك الوقت. وقد كان رد الفعل ايجابيا بشدة، وكنت أعمل عليه بمفردي، إلى جانب كوني زوجة وأما وموظفة وسيدة أعمال، الأمر الذي أوقعني تحت ضغوط شديدة فاقت قوة تحملي، ما أدى إلى إصابتي بمرض اضطررت إلى إجراء عملية جراحية بسببه. وماذا كان ذلك المرض؟ أصبت بمرض متلازمة النفق الرسغي بسبب الجهد الكبير الذي كان يتطلبه مشروعي، فتوقفت عن العمل شهورا، وأجريت عملية جراحية في عصب اليد، وبعد شفائي قررت العودة بقوة وحماس أكبر من ذي قبل، خاصة مع دعم الاهل والمقربين وزوجي، وفي البداية ركزت عملي على نطاق محدود، ثم توسعت بعد ذلك، وكان الهدف من العودة تحقيق شغفي وليس بسبب الدخل المادي، حتى أنني أذكر انه في حفل خطوبتي، قمت بإعداد وتجهيز وتنسيق كل ما يتعلق بالمناسبة بمفردي من دون مساعدة من أحد، وكذلك قمت بطهي مختلف أنواع الاطعمة التي أشاد بها جميع الحضور، والتي صنعتها بكل حب. متى بدأ عملك كبلوجر؟ مع مرور الوقت، بدأت أقدم نصائح وإرشادات لمتابعيني، وأرشح لهم نوعيات ومواد قمت باستخدامها واستفدت منها، وكانوا يسعدون بذلك كثيرا، كما كنت أقوم بشراء المواد، ومن ثم عرضها عليهم، وشيئا فشيئا تحولت إلى بلوجر وذاع صيتي، وأصبحت لي منتجاتي الخاصة. ما أهم تحدٍ واجهك؟ أهم تحدٍ واجهني خلال مسيرتي كان التوفيق بين مسؤوليات عديدة، كزوجة وأم وموظفة وصاحبة بيزنس خاص، لكن بفضل دعم وتشجيع كل من حولي خاصة زوجي وأمي تمكنت من تحقيق الموازنة بين كل ذلك، وعموما، أنا دائما أسير بخطوات حثيثة، ولا أستعجل الأمور، وقد جاءت جائحة كورونا لتترك أثرا كبيرا على أعمالنا. وكيف كان تأثير كورونا على عملك؟ لقد أثرت جائحة فيروس كورونا على التجمعات إلى حد كبير، ومن ثم على مشروعي الذي يقوم أساسا على هذه التجمعات، ومع ذلك يمكن القول بأن هذه الأزمة قد أنعشت بشكل عام المشاريع المنزلية التي أصبحت في حاجة شديدة إلى ضوابط، وأنا أشعر بسعادة بالغة كوني أتعاون مع صاحبات مشاريع أخريات في مجالات متعددة وأقدم لهن الدعم من خلال عملي خاصة المتعلق بإعداد السلال الموسمية التي يمتزج فيها مشروعي بمشروعات أخرى متميزة. متى تفشل المرأة؟ أعتقد أن المرأة تفشل إذا تعرضت لأي إحباطات ممن حولها، وخاصة المقربين لها، وهذا ولله الحمد لم يحدث معي، لأنني حصلت على دعم وتشجيع من إخواني وزوجي بشكل كبير، صحيح أن زوجي في البداية كان غير مستوعب مسألة انشغالي الشديد بعملي الخاص، ولكن مع الوقت آمن بشغفي وأصبح من أكثر الداعمين لي، ويمكن القول بأن المرأة قد تنجح بمفردها، لكن حين يدعمها الرجل يكون هناك فرق كبير معها. أهم إنجاز؟ من أهم الإنجازات التي حققتها عبر مسيرتي هو مساعدة غيري من صاحبات المشاريع المختلفة والمتنوعة، وإبراز مشاريعهن من خلال مشروعي، ومن ثم أصبحت من أسباب نجاح أناس آخرين، فهذا شعور جميل يسعدني كثيرا وأفخر به بشدة، هذا فضلا عن تميزي بأسلوب تنسيق الطاولات بصورة أساسية وهو أمر مهم اليوم، فأسلوب التقديم مهم للغاية، لأنني أؤمن بأن العين تأكل قبل الفم أحيانا، لذلك أحرص على دمج الموسيقى مع طريقة العرض في الفيديوهات التي أقوم بتصويرها بنفسي، وهو من الأمور المطلوبة بصورة كبيرة خاصة في عصر السوشيال ميديا الذي نعيشه اليوم. هل تعرضتِ لمنافسة غير شريفة؟ حروب المنافسة موجودة وهو أمر واقع لكل أصحاب المشاريع، لكنني اعتدت على عدم التوقف عندها، وأن أنظر إليها على أنها دليل على تميزي ونجاحي، فحين يقلدني أحد لا أستاء من ذلك بقدر شعوري بالفخر، وعموما أنا أفضل السير ببطء وخطوة خطوة، ودائما أرتب أولوياتي، ولا شك أن أبنائي دائما يكونون في قمة تلك الأولويات، وليس عملي، حتى أنني احيانا أرفض بعض الطلبات إذا شعرت بأن الأمر سيأتي على حسابهم أو على حساب صحتي. ما أهم القيم التي حرصتِ على تعليمها لأبنائك؟ أحرص دائما على تعليم أبنائي قيمة الاعتماد على النفس والاستقلالية، صحيح أنني كنت طفلة مدللة، ولكن ليس بإفراط، وهذا ما أفعله مع أطفالي، بشكل عام أشعر بالإشفاق على الجيل الحالي الذي عاش فترات صعبة أهمها جائحة كورونا وما ترتب عليها من تحديات، خاصة تحدي التعليم أون لاين الذي يشكل صعوبة كبيرة عليهم وعلى الأمهات بشكل خاص. هل الموهبة أهم من الدراسة في مجالك؟ نعم.. أرى أن الموهبة أولا ثم الدراسة، وهذا عن تجربة شخصية، وما أطمح إليه حاليا هو التوجه نحو دراسة فن الطبخ، لإشباع وتطوير هذه الموهبة لديّ، وأتمنى أن أصبح من ضمن أشهر الشيفات مثل نايجيلا لوسن البريطانية صاحبة برنامج فتافيت الذي أعشقه، وتعلمت الكثير منه، مع العلم بأنني تعلمت الطبخ بجهودي الذاتية، وأحرص دائما على أن يكون في أي صنف نوع من التميز، خاصة فيما يتعلق بأسلوب التقديم الذي عادة ما يكون جذابا بشكل لافت. أسوأ العادات الغذائية اليوم؟ أسوأ العادات الغذائية المنتشرة بكثرة اليوم هو الانجرار وراء اتباع الحميات الخاطئة التي تأتي عن طريق السمع أو التقليد، ويتم تناقلها بين الناس من دون اللجوء إلى المختصين في هذا الشأن، صحيح أن هناك نوعا من الاهتمام بالطعام الصحي بشكل كبير، إلا أننا يجب أن نلتزم بآراء ذوي العلم في هذا الشأن وعدم السير وراء الهوجات أو الصراعات المنتشرة على وسائل التواصل حاليا بصورة صارخة في أحيان كثيرة. ما طموحك القادم؟ لا شك أن طموحاتي بلا سقف، فمع كل يوم تتولد بداخلي الكثير من الاحلام والآمال، وما أسعى إليه اليوم هو التوسع في مشروعي ليصبح أكثر شمولية، بحيث يهتم بتنظيم وتنسيق الموائد الخاصة بالتجمعات والمناسبات، على أن أقوم بصناعة كل المواد المستخدمة وكذلك الأطعمة المقدمة عليها بنفسي.
مشاركة :