عندما تكتشف أن إحدى أشهر العلامات التجارية المحلية في دبي، يمكن أن تقدم مجموعة تتغلب في تصاميمها وجودتها على تصاميم إحدى أشهر وأعرق العلامات التجارية الباريسية، فلابد أن يكون ذلك مؤشراً جيداً لما تبدو عليه صناعة الموضة في الدولة، وهو ما استطاعت دار الأزياء المحلية أماتو كوتور تحقيقه في العرض الختامي لأسبوع فاشن فوروورد للموضة، مساء أول من أمس. حقائب بين الياقات البيضاء أسفل كنزات أنيقة مشغولة، وأحذية مسطحة بقصة الـبالارينا مزينة بالريش المتطاير من الأمام، وزينة الشعر المشغولة، فضّل مصمم دار الأزياء أماتو كوتور خلال عرض أزيائه الذي أقيم أول من أمس على منصة فاشن فوروورد، أن يضيف إلى كل ذلك مجموعة مميزة من حقائب الظهر العملية المشغولة والملونة، ليضيف تلك اللمسة الشبابية المرحة على كل ما بدا مثالياً في كل الأحوال. استطاعت الدار في أول انطلاقة رسمية لها في عالم الملابس الجاهزة، أو ما يعرف باسم الـبريت آبورتيه أن تقدم مجموعة خلابة من التصاميم المبتكرة، سواء في قصاتها، أو الخامات المستخدمة، أو تفاصيل المشغولات اليدوية الدقيقة، أو في الاكسسوارات المبتكرة المصاحبة، إضافة إلى الكثير من الجمع بين العملية والفخامة في التنفيذ؛ ما حولها إلى مجموعة قد تبدو عملية في قطعها ذات الروح اليومية، والراقية في خاماتها والتركيز على تفاصيل الزينة فيها، ما يضعها في تلك الزاوية المتفردة من خطوط موضة الملابس الجاهزة، البعيدة كل البعد عما توفره الأسواق، والملامسة في الوقت ذاته على استحياء عالم الـهوت كوتور الراقي، لتبقى متهادية بكثير من المواربة بين العالمين. كان من الصعوبة للعين المجردة أن تلتقط الكم الهائل من التفاصيل المقدمة في ما يشبه واحة ربيعية خضراء بسماء تحمل كتلاً ثلجية من الغيوم، وقصر أنيق يطل في الخلفية، إذ اعتمد المصمم على المزج الذكي بين الخامات الكلاسيكية والعصرية فوق تطريزات ومشي التصميم الواحد، رغم بساطة وخفة المظهر النهائي على منصة العرض، التي بدت كحديقة معززة بلمسات ثلاثية الأبعاد لفراشات ويعاسيب، زينت مختلف القطع. لم يتوان مصمم الدار فيرن أونيه في أن يعتمد بشكل عام على الدانتيل الفرنسي في فساتينه، سواء بالكامل في بعضها، أو بشكل جزئي يتداخل مع خامات أخرى، مثل وبر الأرنب المعتمد في الكنزات الربيعية الخفيفة، أو في نهايات الأكمام الدانتيلية، كما مزج المصمم بين الدانتيل ذي التخريمات المختلفة، في قطع طولية وعرضية فوق تنانير وبلوزات من الخامة ذاتها، إضافة إلى مزجه مع خامات عصرية مخرمة أقرب إلى الشبك، كما اعتمدت المجموعة شديدة الرومانسية على الحرائر الهفهافة، والأورغانزا الحريري ذي الانتفاخات المتطايرة مع تهادي العارضات. تنوعت المجموعة بين الفساتين القصيرة ذات القصات الجرسية المزينة بحواشٍ متموجة، وتلك الضيقة بالكامل بقصة القلم أو ما يعرف باسم الـبنسل، إضافة إلى الفساتين المتموجة الواسعة أسفل أحزمة رفيعة، وذات التنانير المنفوشة البعيدة عن المبالغة، أو الطويلة المنسابة الواسعة أيضاً بفتحات عالية تكشف عن السيقان، مع كثير من الأزرار التي تمركزت في وسط الفساتين بشكل طولي، بفكرة أقرب إلى القمصان الكلاسيكية. لم يقتصر إبداع الدار وابتكاراتها على الفساتين، بل على ما تخفيه أيضاً، إذ اعتمدت فكرة القوالب الضيقة على الجذع بالكامل بحمالات عريضة، اعتمدت فيها ذات الطبعات الجميلة للفراشات واليعاسيب، والتي تنكشف مع تهادي العارضات بفساتين مفتوحة الأزرار، وأسفل خامات شفافة نوعاً ما، ما أعطى التصاميم بعداً آخر، وكشف عن اهتمام المصمم المحنك بأدق التفاصيل وما بعدها. وإلى جانب الخامات المطبوعة، اعتمد المصمم على الألوان الربيعية الباستيلية الهادئة، مثل الكريمي، والأبيض، والليلكي، والأخضر والسماوي الفاتحين، إضافة إلى الرمادي، والرملي الكاكي، والبطيخي، والوردي الفاتح، مع الحرص على أن تتفاوت درجات التطريزات والقطع المضافة بين اللون الواحد، دون مزج مبالغ بين التدرجات الفاتحة. عالمية الشرقي والرحالة مجموعة هاوس أوف نوماد جمعت بين فن التبسيط والترف الشديد. مجموعة مدية الشرقي مالت إلى روح السبعينات، لكن بنظرة خاصة بالمصممة. جمعت منصة فاشن فوروورد مجموعة مميزة من العلامات التجارية الإماراتية (خلال اليوم الثاني)، والتي استطاعت خلال المواسم الأخيرة السابقة أن تثبت أنها قادرة على أن تخرج بمعايير حرفية عالية وقدرة واضحة على المنافسة العالمية. ولا يمكن الحديث عن مجموعات الشيخة مدية الشرقي، دون وصفها بالرومانسية، ولم تكن مجموعتها الأخيرة لربيع وصيف 2016 بعيدة عن ذلك، إذ قدمت خلال عرضها مجموعة مازجت وبقدرة عالية على الموازنة بين الخطوط والقصات العملية ذات الروح الهندسية الواضحة، وبين الخفة والرومانسية التي دائماً ما تمتاز بها خطوط الدار. مالت المجموعة ــ بحسب تقرير الدار الرسمي ــ إلى روح السبعينات، لكن بنظرة خاصة بالمصممة وبزاوية أعادت من خلالها ترجمة ذلك الوحي بطريقة مقاربة لبصمة الدار، موازنة بين الخطوط الكلاسيكية الواضحة واللمسة العصرية المائلة إلى الخفة، معتمدة بشكل كامل على الخامات الناعمة الهفهافة مثل الدانتيل، والشيفون، وهي الخامات التي اعتمدت في الوقت ذاته على خامات قوية ثابتة وعملية تعين على تثبيتها مثل الكريب، بينما أضافت المصممة لمسات بسيطة من الخرز المشغول، والشرائط الناعمة المتماهية بذكاء مع الخامات. تتميز تصاميم الشرقي بشكل عام بالتداخل الذكي وغير المتوقع للأقمشة الرئيسة المكونة للقطع وتلك الشفافة المصاحبة لها، إذ تضيف الأخيرة لمسة ثانوية لا تخلو من سحر نابض بالأنوثة يجعل من القطع الرسمية أكثر رقة ورومانسية، إذ يميل غالب تصاميم المجموعة إلى فكرة إخفاء القصير أو العاري بطبقات من الشيفون والدانتيل، الذي يبرز بطريقة عصرية ومتوازنة، تجعل من تلك اللمسة واحدة من أهم بصمات الشرقي على مجموعاتها. في المقابل، كان لدار الأزياء الإماراتية هاوس أوف نوماد أو ما يمكن ترجمته لـبيت الرحالة رأي آخر، إذ نجحت تصاميم المجموعة التي لا يمكن وصفها سوى بالعالمية في الجمع بين فن التبسيط أو الـمينيماليزم والترف الشديد في التنفيذ الدقيق والمحترف، واستطاع مصمما الدار (صالح البنا وأحمد السيد) أن يجمعا بذكاء بين التصاميم النسائية والرجالية في خط واحد واضح في مجموعتها الأخيرة أرض وسماء، معتمدين على قماش الكتان القطني الخفيف في القطع التي مثلت لهما الأرض، والتي غالبا ما مالت إليه القطع الرجالية، وقماش الـنيوبرين في القطع التي مثلت السماء، مع حرص شديد على الموازنة وعدم الفصل الواضح. مالت تصاميم المجموعة للخطوط الواضحة والقصات النظيفة غير المعقدة، جامعة بين السراويل الرسمية، والبلوزات المربعة، والفساتين ذات القصات المستقيمة إلى الواسعة، والقمصان الأنيقة، والكثير من السترات والمعاطف الراقية ذات التموجات الهادئة، كما اعتمدت المجموعة على إضافة لمسات بسيطة من الكريستال، اتخذت شكلاً واحداً للتصاميم النسائية أقرب لفكرة النجمة، زينت القطع بشكل موزع بطريقة مدروسة وغير مبالغة؛ ما أعطى التصاميم ذات الألوان الهادئة لمسة فخامة غير مسبوقة، دون أن تخرج المجموعة من باليتة الألوان الهادئة مثل الأبيض الكريمي، والأزرق السماوي، والوردي الفاتح، والبيج الرملي.
مشاركة :