فازت قبل أيام مدينة مأدبا كعاصمة للسياحة العربية لعام 2022، وقد أعدت وزارة السياحة والآثار ملفا لتكون مادبا عاصمة للسياحة العربية، بعد أن نجحت أن تستعيد موقعها كمكان للحج المسيحي في الأردن، كما أن المغطس وجبل نيبو وقلعة مكارو وأم الرصاص وخارطة الفسيفساء، إضافة إلى المعهد الوحيد في العالم لإنتاج الفسيفساء في مأدبا؛ قد أسهمت جميعها بجعل مأدبا مدينة متفردة بين المدن الأثرية في العالم، باعتبارها مدينة تعمل على استعادة آثارها من خلال الأجيال الجديدة الأمر الذي لم تحققه أي مدينة أخرى. ومادبا أو مأدبا التي قد تكون مشتقة من «ماء ذيبان» ماء ذيبون ثم ماديبون ثم مأدبا في السريانية والمؤابية والآرامية. وكانت مأدبا قد شكلت عقدة الطريق الواصل بين مصر الفرعونية والممالك العربية القديمة في الشمال وأرض كنعان التي كان يطمح سيدنا موسى -عليه السلام- للوصول إليها، وتعود مأدبا مسرحا للأحداث ثانية بقيام سيدنا يحيى -عليه السلام- « يوحنا المعمدان» بتعميد ابن خالته سيدنا عيسى -عليه السلام- في أراضيها، وقد كان هناك خلاف أردني مع الكيان الصهيوني إلا أن الأردن قد انتزع اعترافا كنسيا باعتبار المغطس يقع على أرض أردنية وداخل الأراضي التابعة لمأدبا. وبذلك يتم إضافة مكان مقدس جديد لمدينة مادبا. وفي قلعة مكاور وبعد أن انتشى هيرودوتس برقص سالومي طلب إليها أن تطلب ما يحلو لها فطلبت وبناء على نصيحة والدتها التي اتخذها هيرودوتس عشيقة مع ابنتها، على غير ما كان يعتبره سيدنا يحيى بأنه زنا ويخالف الشريعة الإلهية، طلبت أن يتم قطع رأس سيدنا يحيى النبي، وهذا ما حصل في قلعة مكاور المقدسة عند المسيحيين، وهناك إضافة مسيحية أخرى في هذه المدينة التاريخية وهي كنيسة الخارطة؛ إذ تم في القرن الثاني الميلادي بناء كنيسة الخارطة وهي كنيسة تم رصف أرضياتها بفسيفساء تمثل خارطة لفلسطين، وهي دلالة على أهمية المدينة وعظم فلسطين منذ القدم، وقد كانت هذه الكنيسة تابعة لطائفة الأرثوذوكس وقد بناها القديس جاورجيوس. ويعتقد أن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- قد مر من جهتها الشرقية أثناء إشرافه على قافلة التجارة الخاصة بزوجته خديجة بنت خويلد، ومنها مر الخليفة العادل عمر بن الخطاب أثناء زيارته للقدس لاستلام مفاتيحها من القديس صفرون يوس، وقد صلى الفاروق في المنطقة التي تدعى الخطابية في الجهة الغربية من مادبا، حيث تم بناء مسجد هناك سمي بمسجد المدينة. هذا وقد شهدت مدينة مادبا أجمل صور التعايش بين أصحاب الديانتين الإسلامية والمسيحية، وقد ساهم العرب المسيحيون فيها في بناء الدولة الحديثة، وبقي أهل مادبا من كل الديانات والطوائف يعيشون معا ويقومون بواجباتهم تجاه معتقداتهم وخدمة وطنهم. ومأدبا حاليا هي تاسع مدن المملكة في عدد السكان والمحافظة التي يتبع إليها الكثير من المواقع الدينية والسياحية والترفيهية والأثرية كالبحر الميت والمغطس وجبل نيبو وقلعة ماكرو وخارطة الفسيفساء وغيرها. (الدستور)
مشاركة :