الأب الروحي | د. عبد العزيز حسين الصويغ

  • 7/5/2013
  • 00:00
  • 63
  • 0
  • 0
news-picture

تفرض تداعيات الأحداث في الشارع المصري على أي مهتم بالشأن العام العربي، بل والمحلي، أن يكون ما حدث الأسبوع الماضي في مصر قبل وخلال وبعد 30 يونيو هو مجال اهتمامه سواء كان راغباً أو عازفاً عن الحديث عنه لأنه حدثٌ فرض نفسه حتى على رجل الشارع الذي تقتصر اهتماماته على أكله وعيشه وشؤون عائلته. لكنني لن أتحدث اليوم عن هذا الحدث المؤثر في الداخل المصري والمحيط العربي وأبعد قليلاً، بل عن أحد أكبر المحركين لهذا الحدث بل وللأحداث في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011 وما قبلها. وأقصد به هنا الدكتور محمد البرادعي الذي يمكن اعتباره "الأب الروحي" للثورة المصرية، والمحرك الرئيس وبجدارة لأحداثها السابقة والحالية .. وربما المستقبلية. *** الدكتور محمد البرادعي هو حالياً رئيس حزب الدستور الذي كان يهدف إلى توحيد القوى السياسية المصرية التي تؤمن بالحريات العامة ومدنية الدولة، من أجل حماية وتعزيز مبادئ وأهداف ثورة 25 يناير 2011. وقد قاد منذ 5 ديسمبر 2012 جبهة الإنقاذ الوطني، وهي تحالف لأبرز الأحزاب المصرية المعارضة لقرارات رئيس الجمهورية السابق محمد مرسي. لذا لم يكن غريباً إذن أن يختاره التيار الشعبى المصري وجبهة 30 يونيو المعبرة عن شباب قوى الثورة والتى بادرت لتأسيسها حملة تمرد، وتفوضه وتضع ثقتها فيه لتمثيلها في المؤتمر الوطني الذي عقدته قيادة القوات المسلحة للخروج من الأزمة الراهنة بمشاركة رموز وطنية وقيادات القوات المسلحة بعد انتهاء المهلة المحددة لمرسي للحوار مع القوى الوطنية وإيجاد مخرج للأزمة السياسية في مصر ووضع خارطة طريق للمستقبل. وهاهي تطرح مُجدداً اسم الدكتور البرادعي كمرشح من القوى الثورية لتولي رئاسة الوزراء للفترة المُقبلة. *** وأذكر أن أول مقال تناولت فيه هذا الرجل الظاهرة كان في هذه الجريدة بتاريخ 03/04/2010، بعنوان: (البرادعي .. والسياسة) كطامح في الرئاسة في انتخابات الرئاسة المصرية في عام 2011 حيث كنت أتابع معركته آنذاك بنفس الحماس الذي كنت أتابع فيه معركته مع واشنطن حول موقفه من قضية أسلحة الدمار الشامل العراقية التي بدأت منذ غزو العراق عندما أصدرت وكالة الطاقة الذرية تقارير تنفي أن يكون هناك برنامج نووي عراقي نشط وهي الذريعة التي ساقتها الولايات المتحدة لغزو البلاد في مارس 2003. وكما حمل منح جائزة نوبل للبرادعي وللوكالة الدولية للطاقة النووية انتقاداً مستتراً لواشنطن التي اختلفت مع البرادعي بشأن العراق، وإعادة اعتبار للبرادعي وموقفه الأخلاقي تجاه شبهة تواجد أسلحة الدمار الشامل في العراق، وكانت ركلة للسياسة الأمريكية في العراق، كانت إزاحة الرئيس السابق محمد حسني مبارك عن الرئاسة نتيجة لثورة 25 يناير 2011 إعادة اعتبار للبرادعي وثمرة لجهوده في تجميع القوى الوطنية للخلاص من نظام جثم على صدر المصريين لأكثر من 30 عاماً. *** وقد انتقدت في مقالي أعلاه موقف الدكتور محمد البرادعي في معركته مع نظام مبارك لعدم تمتعه بالمرونة السياسية التي يتطلبها العمل السياسي، وعلى رأسها الكذب الذي يُشكل جزءاً مهماً من السياسة في الديمقراطية المعاصرة، الذي يعتبر شرطاً قد يؤدي افتقاده الى شل قدرته على مواصلة السير نحو أهدافه. فرجال السياسة يكذبون إلى درجة أنهم يصدقون أكاذيبهم، ومع الوقت يعتبرون تلك الأكاذيب منجزات يدّعون بأنهم حققوها بل ويلومون الناس على عدم الاعتراف بحجم انجازاتهم التي تنطق بها كلماتهم حتى وإن لم تعكسها أفعالهم؟! *** كان انتقادي بالطبع هو إشادة مُبطنة بالبرادعي وانتقاداً غير مباشر لأهل السياسة الذين يكذبون كما يتنفسون ! وهو ما أهّل بعضهم لتبوؤ أماكنهم في العمل السياسي. وإذا كان الشعب المصري قد كشف بعض هذا الزيف فإن الطريق طويل أمامهم وأمام دول المنطقة للإصلاح الحق .. فتحية للدكتور البرادعي الذي أثبت فعلاً المقولة التي قالها أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب: "الصدق نجاة وكرامة". nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :