أكد استاذ واستشاري الاطفال وغدد الصماء والسكري بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا ، أن إتباع النمط الصحي يجنب الأطفال السمنة والسكري والانعكاسات النفسية ، مبينًا أن عدم اهتمام الأطفال بالرياضة وقضاء ساعات طويلة وراء الأجهزة الإلكترونية من أهم مسببات زيادة الوزن. وفيما يلي نص الحوار: يلاحظ انتشار البدانة بشكل لافت للنظر عند الأطفال اليافعين والمراهقين في مجتمعنا ، من وجهة نظركم .. ما هي مسببات ذلك؟ ** في الواقع هناك 9 عوامل رئيسية لها دور في إصابة الأطفال بالسمنة : أولاً: العوامل المحيطة بالولادة وعلاقتها بالبدانة مستقبلا: فزيادة الوزن لدى النساء قبل الحمل أو في بدايته يكون لها تأثير سلبي على التمثيل الغذائي للجنين، مما يجعله عرضة للبدانة مستقبلا ، كما أثبتت الدراسات العالمية وجود ارتباط ما بين زيادة كتلة أجسام الأمهات الحوامل والبدانة المستقبلية لدى أطفالهنّ ، والرضاعة الاصطناعية تعتبر عاملاً مسبباً للبدانة، ويجب عدم الاستسهال بالحليب الاصطناعي بحجة أنّ حليب الصدر غير كاف، إلا إذا كان هناك عذر طبي يمنع الرضاعة الطبيعية. ثانيًا: الاستعداد الوراثي ، فإذا كان كلا الوالدين يعاني من البدانة المفرطة، فإن ذلك يزيد من خطر إصابة الطفل بالبدانة بنسبة تصل إلى 90٪، وإذا كان أحدهما مصابا بالبدانة فتصل النسبة إلى 30%، مقارنة بنسبة 9% إذا كان الوالدان نحيفين. ثالثًا: نمط الحياة غير الصحي ، فالاسترخاء وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة من أبرز العوامل التي تؤدي إلى البدانة ، واللجوء إلى قضاء أغلب الوقت في المنزل وعدم الخروج منه بسبب وفرة وسائل الترفيه، وحرارة الطقس. رابعًا: ساعات استخدام الأجهزة الإلكترونية ، إذ أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بمنع الأطفال (دون سن العامين) من استخدام الأجهزة الإلكترونية أو الجلوس أمام الشاشات تمامًا ، ففي الفترة العمرية من عامين إلى خمسة أعوام يجب ألا تزيد مدة جلوس الأطفال أمام الشاشات أو الأجهزة الإلكترونية على ساعة واحدة في اليوم، مع وجود بالغين لمساعدتهم على فهم ما يشاهدونه ، وفي المرحلة العمرية من ستة أعوام إلى ثمانية عشر عامًا، يجب على الآباء وضع حد ووقت معيّنين، بحيث لا يتجاوز ساعتين يومياً. خامسًا : الخلل الهرموني ونقص فيتامين (د) ، فزيادة نسبة هرمون الكورتيزول، أو قصور الغدة الدرقية، أو قصور إفراز هرمون النمو، أو أورام الغدة النخامية أو أورام منطقة ما تحت المهاد ، كما أن نقص فيتامين (د) تم ربطه بالبدانة في العديد من الفرضيات، لأن نقصه يقلل من النشاط البدني والحركي، مما يؤدي إلى زيادة الوزن. سادسًا: المتلازمات مثل متلازمة برادر-ويلي، متلازمة بارديت بيدل، متلازمة كاربنتر، متلازمة كوهين، متلازمة تيرنر. سابعًا: التوتر والقلق النفسي ، ويشمل عدة عوامل، منها: وفاة أحد الوالدين، أو انفصالهما، مشاكل التعلم أو الدراسة، المشاكل العاطفية، الأمراض الطبية المزمنة. ثامنًا: العقاقير الطبية ، مثل العقاقير المحتوية على الكورتيزول، مضادات الاكتئاب، مضادات الصرع، والأدوية النفسية. تاسعًا: تحول الميكروبات المعوية النافعة إلى ضارة ، إذ خلق الله عز وجل الميكروبات النافعة لكي تتكاثر في جميع أجهزة جسم الإنسان، وأكثر وجودها في الأمعاء الدقيقة بنحو تريليون ميكروب، ونسبة وجودها في الجهاز الهضمي 29%، يليه الفم 26%، ثم الجلد 21%، والشعب الهوائية 14%، والجهاز التناسلي 9% ، وعندما تتحول الميكروبات النافعة إلى ضارة بسبب عوامل عديدة، منها بيئية أو جينية، ينتج عنها العديد من الأمراض المزمنة. ———————- أين تكمن المشكلة ، هل في هؤلاء الأطفال أم أسرهم أم نوعية الطعام الذي يتناولونه؟ ** من وجهة نظري فأن المسؤولية مشتركة ، فالأسر التي لا تهتم بالطعام الصحي والقيمة الغذائية فأنها حتمًا ستعاني من مشكلة وجود أطفال يعانون من السمنة ، وخصوصًا إذا صاحب ذلك عدم ممارسة أي نشاط رياضي ، والأطفال أيضًا مسؤولون بسبب اتباعهم سلوكيات غذائية خاطئة خارج البيت كالإكثار من أطعمة الدهون والسعرات الحرارية والمشروبات الغازية وكل ذلك ينعكس على زيادة الوزن. ———————- هل تعتقدون أن للأجهزة الإلكترونية دور في إصابة الأطفال بالبدانة؟ ** طبعًا .. نعم وجود كثير من الدراسات أن الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة أمام الأجهزة الالكترونية في الألعاب الإلكترونية ويستهلكون كميات كبيرة من الأطعمة غير الصحية التي تفتقد للقيمة الغذائية والمشروبات الغازية هم أكثر عرضة لزيادة الوزن ، فالأطفال يجلسون ساعات طويلة خاملين في موقع واحد وهذا يؤدي إلى تراكم الدهون والسعرات في أجسامهم ، وتزداد المشكلة أكثر إذا كان الطفل لا يمارس أي نشاط رياضي. ————————- من وجهة نظركم .. ما هي أبرز المخاطر المترتبة على بدانة الأطفال ، والعلاج؟ ** المخاطر كثيرة صحية ونفسية واجتماعية ، بالنسبة للتأثيرات الصحية فتتمثل في أمراض حدوث المرارة، أمراض الجهاز الهضمي، اضطرابات الدورة الشهرية للبنات ، الشخير واختناق التنفس بالنوم، أمراض الشرايين وتصلب الشرايين، زيادة احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطان، مرض السكري “النوع الثاني” غير المعتمد على الأنسولين، ارتفاع ضغط الدم، آلام المفاصل والأربطة. أما بخصوص التأثيرات النفسية والاجتماعية فتتمثل في حدوث الاكتئاب النفسي من نظرة طلاب المدرسة والأخوان على أنه بدين، قد يؤدي إلى العداء والتصرفات غير المحببة، قد يؤدي إلى تأخر التحصيل العلمي، الإحساس بالنقص، اعتزال الزملاء والميل للوحدة، الإحباط، الخجل. ———————— كيف ترون البرامج التوعوية التي تنفذها القطاعات الصحية بمخاطر بدانة الأطفال في مجتمعنا ، وهل استمرار المشكلة يعني فشل هذه البرامج؟ ** البرامج التوعوية تبذل على مدار العام من قبل جميع الجهات الصحية ، ولكن عدم التقيد بنصائحها والتساهل والتراخي بمضامينها هو سبب استمرار المشكلة ، فليس هناك أي فشل للبرامج التوعوية ، فلا أخفي سرًا أن قلت أن هناك كثير من الأسر عالجت أبنائها في الوقت المحدد عندما لامست خطورة زيادة الوزن عند أبنائها ، فالمهم هو أن لا نترك الطفل إذا زاد وزنه بل نسعى لعلاجه ، وفي الاتجاه الآخر هناك أطفال ما زالوا على حالهم بسبب زيادة الوزن وخصوصًا خلال الفترة السابقة مع إنتشار جائحة كورونا والتعليم عن بعد والعزل المنزلي ، فهؤلاء اكتسبوا زيادة في الوزن دون أي علاج فاستمرت المشكلة معهم إلى الآن. وهنا يأتي دور الآباء في عدم ترك أبنائهم على هذا الحال والسعي للعلاج حتى يكونوا محمين بإذن الله من المضاعفات الناتجة عن السمنة. ———————— أخيرًا.. كيف يمكن حماية أطفالنا من مخاطر البدانة ومضاعفاتها؟ ** هناك عدة نقاط هامة تبدأ من مرحلة الولادة إلى مرحلة الكبر وهي : تشجيع الأمهات على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية . الحد من تناول الوجبات السريعة. إطلاق برامج توعوية عبر وسائل الإعلام والمدرسة عن أهمية الغذاء الصحي والرياضة في الوقاية والعلاج. تشجيع الأطفال على اتباع الأنماط الصحية في النشاط والتغذية ، تدريب الأطفال على مضغ الأكل ببطء ، الإكثار من تناول الخضروات والفواكه والبروتينات . تجنب المشروبات الغازية واستبدالها بشرب الماء، والابتعاد عن الوجبات السريعة والحلويات والشوكولاتة ، تقليل النشويات والسكريات عالية السعرات الحرارية . تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة يوميًا بتخصيص ساعة . تجنب الأكل أمام التلفاز ، تجنب المأكولات المقلية، وخصوصا شرائح البطاطس، واستبدالها بالمسلوقة أو المشوية.
مشاركة :