مقالة خاصة: التبادل بين الحضارتين القديمتين الصينية والعربية يعزز التقارب بين الشعبين

  • 9/18/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ التاريخ القديم وحتى العصر الحديث، يتطور التبادل بين الحضارتين الصينية والعربية باستمرار ويتسم بالتعاون السلمي والتعلم المتبادل والاستفادة من بعضهما البعض، الأمر الذي يدفع تقدم العلاقات الثنائية ويعزز التقارب بين الشعبين الصيني والعربي. وخلال عهد أسرة مينغ (1368-1644) وعهد أسرة تشينغ (1644-1911)، قامت مجموعة من العلماء الصينيين المتمرسين في كلاسيكيات الكونفوشيوسية بدمج الثقافة الإسلامية مع الثقافة الصينية التقليدية التي تمثلها الثقافة الكونفوشيوسية بشكل أساسي. وعلى أساس الحفاظ على الخصائص الأساسية للإسلام، قاموا بدمج بعض دلالات الثقافة الكونفوشيوسية. وكان العالم الصيني ليو تشي في عهد أسرة تشينغ ممثلا بارزا من بينهم، وهو في الأصل من مدينة نانجينغ التي كانت تعد مكانا هاما للتبادل والاندماج بين الحضارتين. وقام ليو بدراسة كلاسيكيات الكونفوشيوسية والكتب العربية والفارسية والبحث عن معلومات حول الكتب ذات الصلة بالدين الاسلامي. وفي أواخر عمره، كرس نفسه لترجمة أعمال تهدف إلى توضيح الثقافة الأكاديمية الإسلامية. وقال جي فانغ تونغ، الأستاذ من مركز الدراسات السعودية بجامعة نانجينغ للعلوم والتكنولوجيا، إن الروح الأساسية للثقافة الإسلامية العربية والثقافة الصينية التقليدية التي تمثلها الكونفوشيوسية هي توجيه التبادلات والاندماج بين الثقافات المختلفة. وأضاف أن هناك العديد من أوجه التشابه بين الحضارتين، حيث تؤكد الحضارتان على العلاقة التكاملية بين الطبيعة والمجتمع، والشرق والغرب، والتعايش المتناغم بين الأمم المختلفة والأديان المختلفة والحضارات المختلفة. واستطرد قائلا انهما تشجعان على التنوع والتعاون والسلام، وتعارضان التفرد والتطرف والتعصب، وتحظران الانقسام والمواجهة والعنف، مشيرا الى أن كل تلك السمات تساعد على حل النزاعات، والتعلم المتبادل بين الحضارات. وفي الحقيقة أنه يمكن القول إن تاريخ التواصل والتبادل بين الحضارة الصينية والحضارة العربية يرجع إلى ما قبل حوالي ألفي سنة عبر طريق الحرير القديم، وإن هذا التواصل وتلك التبادلات لم يتوقفا رغم الكثير من التغيرات التي طرأت على الوضع العالمي. وفي العصر الحديث، يشهد التبادل بين الحضارتين تطورات أكبر وعلى أشكال أكثر تنوعا مثل مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين عام 2013. وفي الدورة التاسعة لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، والتي عقدت ببكين مؤخرا من خلال رابط الفيديو، اتفق ممثلون صينيون وعرب على أن المبادرة تبرز روح طريق الحرير القديم وقيمته، وتعزز الحوار بين الحضارتين والتقارب بين الشعبين، وتحقق نتائج مثمرة في مختلف المجالات. وتم ابرام أكثر من 40 اتفاقية توأمة بين الحكومات المحلية الصينية والعربية وتم إنشاء المركز الصيني العربي للصحافة وإطلاق موقع بوابة الالكتروني للمكتبة الرقمية الصينية العربية. وفضلا عن ذلك، يشهد تعليم اللغة العربية في الصين نشاطا مكثفا، حيث تم إنشاء تخصص اللغة العربية في أكثر من 50 جامعة ومعهدا، فيما يزداد الإقبال على تعلم اللغة الصينية في العالم العربي باستمرار، إذ أعلنت السعودية والإمارات ومصر عن إدراج تعليم اللغة الصينية ضمن نظام التعليم الوطني. وفي ظل جائحة كوفيد-19، عقد الجانبان الصيني والعربي منتديات وندوات ومؤتمرات وغيرها من الفعاليات المتنوعة عبر رابط الفيديو لترسيخ أسس الصداقة التي يتم توارثها جيلا بعد جيل، ومواصلة تعزيز التقارب بين الشعبين. وأكد الممثلون العرب أن التبادل الحضاري بين الجانبين العربي والصيني يتميز بالتقدم والانفتاح والدعوة إلى السلام والمحبة والتضامن، مشيرين إلى أن التعاون بينهما يعد نموذجا ناجحا للحوار بين الحضارات المختلفة. وقال سون يي بينغ الأستاذ في كلية الفلسفة بجامعة نانجينغ، إنه في العصر الجديد لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، يمكن للحكمة الشرقية التي تجلبها الفلسفة الشرقية للبشرية أن تلعب دورا ايجابيا مهما في التبادل بين الحضارات حول العالم.■

مشاركة :