استطاعت بعض الشركات أن تتحدى هيمنة شركات كبرى راسخة في مجالاتها منذ عقود باستخدام التكنولوجيا لتطوير منتجات رقمية. وفي ظل هذا التطور التكنولوجي المتسارع الذي شهدته السنوات العشرين الأخيرة ما زلنا نرى نجاحات جديدة لشركات مبتكِرة والأثر السلبي على شركات كانت تعتبر رائدة في مجالها لعدم التكيف مع الجديد. هذا ما يسمى بـ "الابتكار المُزعزِع" أو "الابتكار المسبب للاضطراب"، كما يطلق عليه أحد أساتذة جامعة هارفارد، كلايتون كريستنسن. تمكنت الثورة الرقمية خلال العقدين الأخيرين من تغيير وجه قطاعات كثيرة منها النقل والبنوك والترفيه. ويبدو الآن أن رياح التغيير تهب على أحد أبرز القطاعات في الخدمات المالية، وهو قطاع إدارة الثروات الذي يشهد ظهور العديد من الأدوات والتقنيات الرقمية التي من شأنها أن تغير علاقة الشركات في هذا المجال مع عملائها لتضع بعداً جديداً للمنافسة بين مقدمي هذه الخدمة. حلول الأمس لا تناسب مشاكل اليوم تعد تجربة المستخدم أمراً بالغ الأهمية في قطاع إدارة الثروات للتفاعل الناجح مع العميل. حتى اليوم لا تزال معظم شركات إدارة الثروات تعتمد على نموذج أعمال قائم على قنوات تقليدية للاتصال والتفاعل تفتقر إلى السرعة والكفاءة وحتى الشفافية. كل هذا يؤثر سلبياً على تجربة العميل ويحد من الفرص المتاحة أمامه، وهذا لا يمكن أن يستمر في ظل التغير الكبير في تركيبة قاعدة العملاء التي أضحت تفضل الحلول الذكية. مثلا، لم يعد الاعتماد على التواصل بالبريد الإلكتروني وحجب المعلومات عن الفرص الاستثمارية مناسباً لمعظم عملاء شركات إدارة الثروات. وإلى جانب تغير تركيبة قاعدة العملاء وارتفاع توقعاتها، تبرز تكاليف التشغيل وجذب العملاء الجدد كعامل حاسم في المنافسة في القطاع، مما يحث شركات إدارة الثروات على الاستعانة بالأدوات الرقمية والحلول التكنولوجية. رغم ذلك، لا يزال قطاع إدارة الثروات غالباً من أبطأ قطاعات الخدمات المالية تفاعلاً مع الجديد وتكيفاً مع التطورات. حتى اليوم، لم تتبنّ أغلب الشركات العاملة في هذا المجال النهج الرقمي، وهو ما يحد من قدرتها مستقبلاً لتلبية توقعات العملاء المتغيرة. لحسن الحظ، هناك بعض الاستثناءات. الوَرثة الجُدد يواجه قطاع إدارة الثروات تحدياً كبيراً في السنوات الأخيرة يتعلق بتغير تركيبة السكان وانتقال الثروات إلى جيل إكس (X generation)، وهم مواليد منتصف الستينيات إلى أول الثمانينيات، وجيل واي (Y generation)، وهم مواليد الثمانينيات والتسعينيات. وقد عاش الجيلان ازدهار الثورة التكنولوجية وشهدوا تأثيرها على مختلف جوانب حياتهم، مما جعلهم غير راضين عن حلول شركات الخدمات المالية التقليدية بكافة أنواعها. وفقاً لتقديرات ديلويت، يتوقع انتقال 50 تريليون دولار من الثروة من جيل لآخر ما بين 2017 و2060، وهو ما يجعلها أكبر نقل للثروة في التاريخ. في الوقت نفسه، تتوقع شركة ويلث إكس انتقال ما يقرب من 15 تريليون دولار من الثروات إلى جيل جديد بحلول 2030. تتوقع هذه الأجيال الجديدة التي بدأت تحوز جزءاً كبيراً من الثروة خدمات جديدة من شركات إدارة الثروات. يريد هذا الجيل المزيد من كل شيء. يريد المزيد من المعلومات والمزيد من البيانات المخصصة لكل عميل والمزيد من الفرص الاستثمارية والمزيد من الشفافية والمزيد من الخدمات التفاعلية بأقصى سرعة وكفاءة وفاعلية ودقة. للأسف، تعجز معظم شركات إدارة الثروات عن تلبية هذه المتطلبات ولا تستطيع التكيف مع الثورة التكنولوجية وتوفير المزيد من الحلول الرقمية للعملاء. وهذا لم يعد خياراً في ظل تسارع وتيرة التطور التكنولوجي، بل أصبح لزاماً على الشركات في هذا المجال أن تبني قدراتها الرقمية للحفاظ على عملائها الحاليين وجذب آخرين جدد، لأن أصحاب الثروات لن يترددوا في تركهم والانتقال إلى من يعطيهم قيمة أكبر مقابل ما يدفعونه من رسوم. صبرهم قليل! تخبرنا البيانات التاريخية أن نقل الثروة من جيل إلى آخر شهد إقدام نحو 90% من الوَرَثة على تبديل مستشاريهم الماليين. وبالتالي، يجب أن تحتل الرقمنة صدارة أولويات شركات إدارة الثروات. على هذه الشركات توفير أدوات رقمية وحلول تكنولوجية ذكية للاحتفاظ بالأموال التي تؤول إلى الأجيال الجديدة التي لا حد لتوقعاتها، خصوصاً في ظل التنافس الكبير عليها. في استطلاع رأي أجرته شركة Roubini Thought Lab أشار نحو 50% من المستثمرين إلى استعدادهم لترك مديري ثرواتهم والتعامل مع مديرين جدد إذا لم تُلبّ توقعاتهم. ببساطة صبر هؤلاء قليل جداً. من الضروري أن نفهم أن عملاء شركات إدارة الثروات الأثرياء هم في الوقت نفسه عملاء قطاعات أخرى تبنت الحلول التكنولوجية والرقمية. بإمكان أي شخص في أي مكان أن يحصل على كثير من الخدمات بضغطة زر في أي وقت وبأقل قدر من التعقيد والإجراءات. بالمناسبة، لا يهتم هؤلاء بحجج شركات إدارة الثروات المتعلقة بالعقبات التنظيمية وضعف البنية التحتية وما يصاحب ذلك من تكلفة. ما يلاحظه العملاء اليوم ويدركونه جيداً هو أن واجهة مستخدمي شركات إدارة الثروات بطيئة وخصائصها بدائية، أو أن معلوماتها غير كافية وليست مهمة، أو أن خدمة عملائها ليست ودية ولا تستجيب سريعاً، وهو ما يفتح باباً للمقارنة تلقائياً مع تجربتهم في قطاعات أكثر تطوراً من الناحية الرقمية كالتجارة الإلكترونية. منصة رقمية جديدة للعملاء في السعودية في العالم العربي، تبرز شركة The Family Office كإحدى أهم الشركات في إدارة الثروات. فلدى الشركة التي تعمل في السوق منذ 2004 أكثر من ملياري دولار لصالح أكثر من 200 فرد وعائلة بالغي الثراء في المنطقة من خمسة مكاتب عالمية في المنامة والرياض وزيورخ ونيويورك وهونغ كونغ. قبل سبعة أعوام، أدركت الشركة، التي تتخذ من العاصمة البحرينية مقراً رئيسياً لها، أهمية الأدوات الرقمية وحلولها لإدارة الثروات، لتبدأ في 2014 جهودها لبناء منصة رقمية توفر تجربة استثمارية أفضل على كل المستويات لعملائها. في فبراير من العام الجاري أعلنت The Family Office عن إطلاق منصتها الرقمية لعملائها من خلال تطبيق على الهاتف المحمول، لتمنحهم المزيد من السيطرة على استثماراتهم وثرواتهم، وتجعلهم في نفس الوقت أكثر دراية بأدق التفاصيل المتعلقة بها. أبرز الحلول الرقمية التي تتيحها منصة الشركة الرقمية الجديدة الفريدة بالمنطقة تتضمن إمكانية وصول العملاء إلى عدد لا يحصى من الفرص في الاستثمارات البديلة، كالأسهم الخاصة والعقارات والائتمان الخاص، واختيار ما يناسبهم أو يثير اهتمامهم من مختلف الاستراتيجيات الاستثمارية، وهو ما يعزز من الشفافية وتكافؤ الفرص. في الوقت نفسه، توفر المنصة الرقمية التي لا يزيد عمرها عن عدة أشهر ميزة مهمة جداً، وهي إمكانية بدء العلاقة لعملائها في السعودية تحديداً بعملية رقمية خالية من الأوراق بفضل دمج أنظمة الشركة مع أنظمة الحكومة السعودية، مما يجعل بدء العلاقة سهلاً جداً. ونظرا لأهمية المعلومات في سوق المال، تتيح منصة The Family Office الوصول إلى توقعات كبار المحللين والمفكرين البارزين في القطاع وتحليلاتهم. وأبرز ما يميز هذا التطبيق هو التحديث المستمر لبيانات محفظة كل عميل بمجرد ضغطة زر، بما في ذلك صافي قيمة الأصول الثابتة للمحفظة، مما يتطلب عمليات معقدة من الرصد والحصر والتدقيق. في النهاية، يجب الإشارة إلى وجوب اتباع شركات إدارة الثروات في المنطقة الطريق الذي مضت فيه شركة The Family Office لاستمراريتها في السنوات العشر المقبلة.
مشاركة :