الإمارات والسعودية.. رؤية مشتركة لتعزيز الثقافة

  • 9/22/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الانفتاح على فضاءات وحضارات العالم، وتكريس خطاب عقلاني تحت مظلة تعزز قيم التسامح والمحبة الكونية وتعلي من الإنسانية وتنبذ الفكر المتطرف والكراهية وتحارب الإرهاب، نهج مشترك تجتمع عليه دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، في إطار سعي الدولتين لتعزيز الثقافة، وتشجيع حوار الحضارات وترسيخ هوية الشخصية الخليجية وسط تحديات «عولمة الثقافة». اهتمام نوعي ويجسد مجلس التّنسيق السعودي الإماراتي (مايو 2016) برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، عمق العلاقات الثقافية بين البلدين الشقيقين، بهدف خلق نموذج استثنائي للتكامل والتّعاون الثنائي وتفعيل أواصره، بما يتّسق مع رؤية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمخرجات لرؤية مشتركة عبر 44 مشروعاً استراتيجياً، تبني منظومة ثقافية وتعليمية وإعلامية وشبابية فعّالة، لإعداد أجيال ذات كفاءة عالية، في إطار تنسيق الجهود بين الطرفين في المجالات الثقافية مع المنظمات والهيئات الدولية ذات الصّلة، والتعاون في مجالات الفكر والأدب والثقافة والفنون والتراث والمعارض، والمحافظة على المناطق الثقافية الأثرية، للنهوض بمنظومة الأمن الثقافي على المستويات كافة، ولاسيما في ضوء الاهتمام والتركيز على بناء بيئة تفاعلية توظّف تطبيقات التّعلّم الإلكتروني الذكي وفلسفاته المختلفة، وتحقيق أهداف المنظومة التعليمية الحديثة الدّاعمة لديمومة التّعلم مدى الحياة، ويلزم هنا العودة إلى ما قاله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» عندما سئل عن السعودية، فقال: «دولة الإمارات مع السعودية قلباً وقالباً، ونؤمن بأن المصير واحد، وعلينا أن نقف وقفة رجل واحد، وأن نتآزر فيما بيننا». مشتركات متجذرة وإذا تجاوزنا الحديث عن المشتركات الثقافية المتجذرة والمتجسدة في العديد من مظاهر التعاون والتبادل الثقافي، مثل الحضور الإماراتي في مهرجاني الجنادرية وسوق عكاظ، وسباق الهجن التراثي ومعرض الرياض الدولي للكتاب، ومعرضي الشارقة وأبوظبي للكتاب ومشاركة السعودية بقوة فيهما، والمهرجان السعودي الإماراتي في منطقة عسير السعودية، وغيرها من الأنشطة والفاعليات التي تعكس التبادل المتنامي والمشاركة الثقافية للمبدعين والمثقفين من البلدين، وبناء استراتيجية ثقافية موحدة ومستدامة، تبدو في أكثر من محطة، منها تبادل نخبة من الفنانين السعوديين والإماراتيين خلال مشاركتهم في برامج النسخة الأولى لمهرجان البردة «معرض 421» في أبوظبي - الآراء والأفكار، إلى جانب المشاركة في حوارات وندوات وأمسيات هادفة إلى نشر الوعي في مجال الفنون الإسلامية ومضامينها، إلى جانب مشاركة الإمارات في فاعليات «مسك للفنون 2018» في العاصمة الرياض، ما يفتح الباب لحوار ثقافي يعزّز قيمة الفنون في حياة المجتمع، فيما استضافت إمارة دبي معرض «إشراقات سعودية» بمشاركة 84 تشكيلية سعودية، قدمن 850 لوحة. ومن بين المعارض الفنية التي تركت تأثيراً كبيراً لدى فناني البلدين، أيضاً معرض «من أنت» وهو نشاط سنوي مشترك بين البلدين تشارك فيه تشكيليات محترفات من السعودية والإمارات. وخلال الجائحة نظمت سفارة الإمارات في الرياض معرضاً افتراضياً شبابياً، بمشاركة 24 فناناً من البلدين تحت عنوان «بالفن أقرب»، ومن جهة أخرى شاركت السعودية بأنشطة ثقافية وتراثية وفلكلورية في أكثر من 15 نسخة من مهرجان الشيخ زايد التراثي، بمنطقة الوثبة، وقد شهد الجناح السعودي استعراض أبرز الفنون التراثية والشعبية المميزة. وفي المقابل تضمنت مشاركة الإمارات في فاعليات «المهرجان السعودي الإماراتي أبها» حضور أكثر من 50 جهة محلية عرضت أهم ملامح التطور الثقافي والتراثي والفكري للإمارات. الجناح السعودي عنوان دائم في معرض أبوظبي للكتاب (أرشيفية) الجناح السعودي عنوان دائم في معرض أبوظبي للكتاب (أرشيفية) وتحرص دولة الإمارات على إطلاق فاعليات وأنشطة تؤكد اعتزازها بمناسبة اليوم الوطني السعودي، حيث يشهد كورنيش أبوظبي، وجزيرة ياس، في العادة احتفالات خاصة، مثل إطلاق الألعاب النّارية التي تجسد ألوان العلم السعودي، إلى جانب عروض شبابية وشعبية، تؤكد عمق المحبة بين الشعبين الشقيقين، في تجسيد واضح لمعاني الأخوة والهوية والروابط التاريخية والإنسانية المشتركة، فضلاً عن التعاون الوثيق بين العاملين والمبدعين في المشهد الثقافي الثنائي في مجالات المسرح والسينما والدراما التلفزيونية والفنون المختلفة من شعبية وفلكلورية لبناء حوار تجارب نوعي يبني فضاءات ونتاجات إبداعية تعكس أهمية الأمن الثقافي الذي يركز على ترسيخ هوية الشخصية الخليجية وسط تحديات «عولمة الثقافة» وغيرها مما يفرضه العصر الرقمي. تعاون مؤسسي لا ينحصر التعاون الثقافي بين البلدين في النشاطات والبرامج الثقافية، بل يتعداه إلى تعاون مؤسسي بين الهيئات والمؤسسات ذات الصلة بالثقافة والإبداع، كتوقيع 4 مذكرات تفاهم في مجالات الثقافة والصحة والفضاء والأمن الغذائي، وسبع مبادرات استراتيجية بهدف تعزيز الشراكة والتكامل بين الطرفين، وعلى وجه الخصوص مذكرة التعاون في المجال الثقافي، ومثّل الجانب السعودي فيها الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، ومن الجانب الإماراتي معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، ثم تطوير منصات تبادل المعرفة، بخصوص الخدمات التعليمية والتدريبية والمناهج والاهتمام بقطاع الشباب. وفي المحور البشري والمعرفي ضمن «استراتيجية العزم» تهدف المشاريع المشتركة إلى بناء منظومة تعليمية فعالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوّة التي تتميز بها الدولتان لإعداد أجيال ذات كفاءة عالية، مع التركيز على مجالات التعليم العالي والتعاون البحثي والتعليم العام والفني، في ظل التعاون بين مؤسسات التعليم العالي من خلال وضع خطة مشتركة لتشجيع برامج التوأمة بين الجامعات السعودية والإماراتية لتمكين الطلاب من الاستفادة من المزايا العلمية لدى المؤسسات التعليمية والثقافية في كلا البلدين، بما يعود بالنفع على جهود المثقفين والمؤسسات، كما يقود قاطرة التعاون الخليجي، ويقدّم نموذجاً استثنائياً للتعاون العربي - العربي، ويضع البلدين في مكانة متميزة على خريطة الشراكات بين الدول، ما يجعلهما النموذج المثالي معا نحو مستقبل مشرق. ولا يزال التواصل الثقافي بين البلدين متنامياً ومتجدداً في الوقت ذاته، مستشرفاً إرساء علاقات متميزة في مجال التعاون الثقافي النوعي المشترك في ظل ما يحظى به المثقفون والمفكرون والأدباء من رعاية اهتمام من قيادتي البلدين، وقد شهد التبادل الثقافي بين البلدين زخماً كبيراً لاستعراض مكانتهما الثقافية وإضافاتهما المهمة في الفنون والآداب والفكر والعلوم، إلى جانب المشاركة الشعبية في جميع الفعاليات التي ينظمها كلا البلدين، ولاسيما الشراكة الثقافية التي تبرز من خلال احتفالات المملكة والإمارات بمناسبة اليوم الوطني لكل منهما، بما يعكس البيئة الثقافية والفكرية الخليجية، ولنا أن نستذكر هنا ما تقوم به الهيئة السعودية للأندية الطلابية في الإمارات من دعم لهذه الجهود وتنظيم احتفاليات وبرامج خاصة تحتفي باليوم الوطني للإمارات، ضمن منظومة المبادرات الأخوية المتنوعة التي تطلقها الملحقية الثقافية السعودية في الدولة تحت شعار «اتحاد ينبض في ذاتي.. سعودي إماراتي».

مشاركة :