تناول كميات جيدة من الدهون المشبعة يفعّل ميزانها في الجسم

  • 10/27/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ مدة طويلة ترسّخ لدى الإنسان الحديث مفهوم ان الدهون والدهون المشبعة مضرة للصحة إلى درجة انه أصبح أمراً مسلماً به بدلاً من كونه فرضية علمية بدأت كفكرة طرحها فريق من العلماء خلال فترة زمنية محددة. لقد تمحورت فكرة ان الدهون المشبعة تسبب أمراض القلب خلال بداية الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي بواسطة آنسل بنيامين كيز Ancel Benjamin Keys ، وهو عالم في الأحياء والباثولوجي (علم الأمراض) في جامعة مينيسوتا الأمريكية. ففي المختبر قام آنسل كيز بالبحث عن مسببات الأمراض، خاصة أمراض القلب التي انتشرت خلال تلك الفترة. وعمِل على أسباب ترسب الكوليسترول على شرايين القلب، وهو ما عُدّ خلال تلك الفترة السبب الأساس لحدوث النوبات القلبيّة. وما اتضح لاحقاً هو ان أسباب النوبات القلبية أعقد من ذلك بكثير، ولكن خلال تلك الفترة تم التركيز فقط على مبدأ ترسب الكوليسترول على جدران الشرايين، وذلك التركيز استمر إلى يومنا هذا بالرغم من ظهور دلائل على كونها فكرة بسيطة وغير صحيحة. وأول الأدلة التي أدت إلى الاعتقاد بأن الكوليسترول يسبب أمراض القلب أتت من تقارير من أواخر القرن التاسع عشر عن بعض الأطفال الذين يعانون من ارتفاع غير طبيعي في كوليسترول الدم (معروف بمصل الكوليسترول) والذين يعانون من ارتفاع معدل إصابتهم بمشاكل في القلب، كما لديهم أيضاً تكيسات دهنية في أيديهم وكواحلهم. وفي الأربعينيات من القرن العشرين وصل الباحثون إلى قناعة بأن حالات أولئك الأطفال تتعلق بالوراثة وليس لها صلة بطعامهم. ولاحظ الباحثون كذلك ان نسبة كبيرة من الكبار في السن الذين لديهم ارتفاع في الكوليسترول في الدم كانوا يعانون من تلك التكيسات خاصة في أجفان أعينهم، مما جعل الباحثين يقتنعون بأن ارتفاع مصل الكوليسترول في الدم هو السبب. كما جعلهم يقتنعون أيضاً بوجود ترسبات دهنية داخل الجسم كما توجد خارجه، وهي سبب النوبات القلبية. وهناك أدلة أخرى اعتمدها الباحثون لتأكيد فرضيتهم بتسبب الكوليسترول بالنوبات القلبية. ففي عام 1913م قام العالِم الروسي نيكولا أنيتشكوف ببحوث وصل فيها إلى انه يمكن إحداث تلف في القلب عند إطعام الأرانب كميات مهولة من الكوليسترول. وقد اشتهرت تلك التجربة، وطبقت بعدها على أنواع مختلفة من الحيوانات مما أدى إلى استنتاج أن الكوليسترول الذي مصدره الطعام (مثل البيض واللحوم الحمراء والقشريات البحرية) هو المسبب لتصلب الشرايين. وقد لوحظ لاحقاً ان الأرانب وأنواع الحيوانات الأخرى التي أجريت عليها التجارب كانت آكلة أعشاب، مما يعني انها غير معتادة على اللحوم وغير مكيفة لهضمها! ولكن تلك التجارب كانت قد رسّخت فرضيّة تسبب الكوليسترول بتصلب الشرايين والنوبات القلبية منذ الخمسينيات. ومنذ ذلك الحين أصبحت فكرة تسبب الدهون المشبعة في الغذاء في رفع كوليسترول الدم أمرا مسلماً به. وحتى مع ظهور عدد من الدراسات التي تعارض الفرضية (كالتي قام بها الدكتور أووف رافنسكوف حيث كان يتناول من بيضة إلى ثمان بيضات يومياً ولم يرتفع الكوليسترول في دمه، ونشرها في كتابه بعنوان Egg Consumption and Cholesterol Values in One Skeptical Swedish Doctor) استمر مفهوم تسبب وجود الدهون المشبعة في الغذاء في ارتفاع كوليسترول الدم سائداً حتى بداية التسعينيات عندما توصل الباحثون إلى ان تناول كميات جيدة من الدهون المشبعة يقلب الوضع حيث يؤدي إلى التقليل من كميات الكوليسترول التي ينتجها الجسم، ففي الجسم موازين ومن بينها واحد للدهون وتنشيطها يؤدي إلى التوازن لكي تتم كل العمليات الحيوية على النحو الأمثل. (المصدر: أشهر كتاب في التغذية صدر عام 2014م: "الدهون: المفاجأة الكبيرة: لماذا يجب أن تعدّ اللحوم والأجبان والزبد أجزاء من النظام الصحي The Big Fat Surprise: Why Butter, Meat,& Cheese Belong in a Healthy Diet" )

مشاركة :