طبيعتها القروية وجبالها الشاهقة ومواسمها المطرية، عوامل مجتمعة، جعلت منطقة عسير تشتهر منذ مئات السنين بالنشاط الزراعي الذي كان أبرز مظاهر الحياة اليومية للأهالي، وإلى عام 1367 هـ وهو العام الذي أصدر فيه الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ مرسوما ملكيا يقضي بإنشاء مديرية مختصة بالزراعة تقوم باستصلاح الأراضي وتحسين الري وتوزيع مكائن الماء وعمل السدود والقنوات وتعمير العيون والآبار الارتوازية وإعطاء قروض للمزارعين، إلى ذلك العام، كانت الزراعة في منطقة عسير تقوم على الطرق التقليدية وهي حرث الأرض ودرس المحاصيل بالثيران. و بعد انطلاق أعمال هذه المديرية وتحويلها عام 1373 هـ إلى وزارة للزراعة والمياه، بدأت التحولات النوعية في طرق الزراعة والري والدعم الكبير للمزارعين في إحداث نقلة كبيرة في الإنتاج الزراعي على مستوى المملكة ومنها منطقة عسير التي أصبحت في العام الجاري 1443 هـ الأولى بين المناطق الإدارية في المملكة، من حيث عدد الحيازات الزراعية حيث وصل عددها بالمنطقة إلى 69466 حيازة وبنسبة 24.5% من إجمالي عدد الحيازات في المملكة. وتشير الإحصاءات الرسمية لفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة إلى تطور النشاط الزراعي خلال السنوات الماضية بشكل كبير مع استخدام الأساليب والتقنيات الحديثة في الزراعة، حيث وصل عدد البيوت المحمية إلى أكثر من 7950 بيتا محميا تنتج معظم الخضروات مثل الطماطم والخيار والكوسا والباذنجان و الفلفل، وغيرها ، ويزيد إنتاجها عن 29167 طناً سنوياً. أما القمح وهو الغذاء الأساسي عالمياً فيقدر ما تنتجه منطقة عسير سنويا بـ 16707 أطنان إلى جانب 2367 طنا من الشعير سنويا . واشتهرت منطقة عسير وخاصة جبال السروات بإنتاج أنواع من الفاكهة ذات الجودة العالية مثل: العنب الذي يبلغ إنتاجه حاليا حوالي 2834 طنا سنوياً. أما الفاكهة الأحدث في الاستزراع بالمنطقة فهي ” الفراولة” التي بدأت تنتشر مزارعها في المنطقة منذ عدة سنوات ، حيث تشير التقديرات الرسمية إلى أن المنطقة تضم أكثر من 800 الف شتلة من الفراولة. وشهدت كذلك زراعة “البُن” عودة مبشرة بعد أن تلاشت في العقود الماضية، حيث أسهم الدعم الحكومي في انتشار مزارع البن في مدينة أبها ومحافظات محايل والمجاردة وسراة عبيدة ورجال ألمع ويقدر عددها حاليا بـ( 20823) شجرة تنتج 250 طنا من البن الأخضر و83 طنا من البن الصافي الجاف. وتشتهر بعض محافظات المنطقة وخاصة بيشة بإنتاج أنواع من التمور مثل “الصفري” ويقدر عدد النخيل في المنطقة بأكثر من 1.5 مليون نخلة تنتج 55000 طن من التمور سنويا. ولارتباط جودة العسل ونشاط النحل بمدى تنوع الغطاء النباتي وكثافته، مازال العسل الذي تنتجه مناحل منطقة عسير من أجود الأنواع المعروفة والمطلوبة دائما من داخل المملكة وخارجها، إذ قدرت الإحصاءات الرسمية أن عدد النحالين المحترفين يزيد على 7360 نحال يمتلكون حوالي 1607500خلية. تنوع التضاريس بين الجبل والسهل والبحر منح منطقة عسير تميزاً في التنوع الغذائي، فعلى ساحل البحر الأحمر ترفد يوميا محافظة البرك ومركزي القحمة والحريضة أرجاء المنطقة بكميات من الأسماك والربيان وغيرها، حيث بلغت إحصائيات مصايد الأسماك لعام 2019م 52 طنا ومصايد الربيان للعام نفسه 20 طنا ،وإضافة إلى صيد البحر أقيمت عدة مشروعات للاستزراع السمكي في محافظات سراة عبيدة وبيشة وخميس مشيط ومحايل وبيشة ومركز الحريضة. وشكلت المراعي الطبيعية واتساع الرقعة الزراعية في المنطقة في تنمية الثروة الحيوانية وتحقيق الاكتفاء الذاتي. ويقدر متوسط عدد الأغنام والماعز التي يمتلكها مربو الماشية في المنطقة بـ 5 ملايين رأس إلى جانب 120 ألف رأس من الإبل و 30 ألف رأس من الأبقار. وأسهمت مشروعات إنتاج الدواجن والبيض في دعم “الأمن الغذائي” في المنطقة، فخلال السنوات الأخيرة، قدرت عدد المشروعات المنتجة 208 مشروعات لإنتاج الدجاج اللاحم، بطاقة إنتاج سنوي من الدجاج اللاحم تبلغ 270.561.859 طائراً ، و11 مشروعا للدجاج البياض تنتج سنويا 435.692.350 بيضة ومشروع فقاسات ينتج 80.000.000 صوص سنويا و أربعة مسالخ بقدرة 79.000 طائر في الساعة. يذكر أن وزارة البيئة والمياه والزراعة تقدم عدة برامج ومبادرات لدعم المزارعين في منطقة عسير من أهمها “برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة ” الهادف إلى تنويع القاعدة الإنتاجية للزراعة والإسهام في الأمن الغذائي وتحسين دخل ومعيشة صغار المزارعين والحد من الهجرة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، فضلا، عن زيادة فرص العمل والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية ، كذلك تم تنفيذ مبادرة تأهيل المدرجات الزراعية وتطبيق حصاد مياه الأمطار الذي استفاد منه 4۹۲ مزارعا بمساحة إجمالية بلغت ۲۳۰.۳ هکتاراً وإجمالي عدد الشتلات ۱۹۰۰۰ شتلة.
مشاركة :