فتح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، الليبية عبد الحميد الدبيبة، معركة تحد ضد مجلس النواب بعد قراره سحب الثقة من حكومته، بعد أن اعتبره «باطلا ولا أثر له»، داعياً أنصاره لمظاهرات حاشدة لدعمه الجمعة المقبل في ميدان الشهداء، وسط العاصمة طرابلس. وقال الدبيبة أمام مئات الداعمين لحكومته، الذين تجمعوا في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس في طرابلس، إن إقالته «غير مقبولة»، وتعهد بعدم مغادرة منصبه حتى إجراء انتخابات «حرة ونزيهة»، معتبراً أن ما حدث «عبث واستهزاء» بالشعب الليبي. وأضاف الدبيبة موضحا أن مجلس النواب «سيسقط حتما، ولن يكون ممثلا لليبيين طالما هو بهذه الصورة». وأبلغ مناصريه أن «الشرعية للشعب الليبي وحده دون سواه، وهو من يقرر وليس المعطلون الذين لا يريدون إلا الحرب والدمار لهذا الوطن». وهتف المتظاهرون بحضور الدبيبة بشعار «الشعب يريد إسقاط البرلمان»، فرد الدبيبة، قائلا: «بإذن الله سيسقط البرلمان»، ودعا الشعب إلى الخروج للتعبير عن رأيه دون خوف. في المقابل، قال عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، إن الحكومة لم تنفذ الاستحقاقات التي أوكلت إليها، وحادت عن مهامها، ونفذت عقودا طويلة الأجل، وأنفقت 84 مليار دولار خلال 6 أشهر، مشيرا إلى أنه تم تشكيل عدة لجان ذات اختصاص قضائي «لأن هناك أفعالا قامت بها الحكومة تصل إلى جرائم في حق اقتصاد البلاد». وأوضح صالح في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس أن مجلس النواب، الذي منح الثقة لهذه الحكومة، «هو من له الحق في سحبها، وكل قرارات الحكومة الداخلية ستستمر، لكن لا صلاحية لها في توقيع اتفاقيات خارجية مع أي دولة». معتبرا أن ردود الحكومة في جلسة الاستجواب «لم تقنع النواب»، وشدد على أن سحب الثقة «إجراء أصيل للمجلس»، قبل أن يصف تصريحات الدبيبة بأنها «تحريض ولغط». في السياق ذاته، اعتبر 24 نائبا أن ما حدث «لا يعبر عن إرادة مجلس النواب، ويقود لأزمة دستورية في البلاد»، وجادلوا بأن العدد الحقيقي للمصوتين على قرار سحب الثقة من الحكومة لا يتجاوز 73 نائبا، وأنه غير كاف لسحب الثقة، وفق المادة 194 من النظام الداخلي، الذي يشترط الأغلبية المطلقة، المحددة في 87 نائبا يصوتون بنعم، وهو ما لم يحدث. كما رفض عمداء 65 بلدية سحب الثقة من الحكومة، معتبرين أن قرار مجلس النواب «تزوير وتدليس، يهدف إلى إثارة الفوضى، ويمثل خروجا عن مسار خريطة الطريق». بدوره، أعرب تنظيم الإخوان على لسان ذراعه السياسية، حزب «العدالة والبناء»، عن رفضه اتخاذ مثل هذه القرارات، وقال إن «خطوات التصعيد والتوتر هذه تمثل حالة خطيرة، لا يمكن أن تُجرى في ظلها انتخابات ديمقراطية نزيهة، وفي موعدها المحدد». من جانبه أكد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن الحكومة مستمرة في مهامها تحضيرا للانتخابات، وقال عقب لقائه وزير الخارجية المغربي في الرباط، ناصر بوريطة، إن «أي عمل يشوش على الانتخابات لا نريد منحه أكبر من حجمه، فهذه الحكومة يجب أن تحضر للانتخابات في موعدها، وهي مستمرة في عملها، ويجب توفير المناخ لها لإجراء الانتخابات». من جانبها، رفضت بعثة الأمم المتحدة القرار، واعتبرت أن حكومة الدبيبة «شرعية، حتى يتم استبدالها من خلال أخرى من خلال عملية منتظمة تعقب الانتخابات». وقال يان كوبيش، رئيس البعثة، إنها «كانت تتوقع أن تتركز جهود مجلس النواب على وضع اللمسات الأخيرة على قانون الانتخابات البرلمانية، وأن تعمل قيادة المجلس على تعزيز جهودها نحو بناء توافق واسع النطاق، بشأن الإطار التشريعي للانتخابات، الذي يجري العمل عليه». مشددا على أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها «يجب أن يبقى هو الهدف الأسمى، وأي جهود لتحويل الانتباه إلى أهداف أخرى هي ضد إجراء الانتخابات في موعدها». في المقابل، اكتفت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بالإعراب عن تأييدها لما وصفته بـ«البيان المهم» للبعثة الأممية، وأكدت أنه «مهم جدا، ويجب أن يظل التركيز على الانتخابات المقبلة». في غضون ذلك، أشاد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، بمواقف المملكة العربية السعودية تجاه الأزمة الليبية، وترحيبها بالحوار السياسي الليبي، بهدف الوصول إلى حل يعيد الاستقرار والسلام إلى البلاد. ونقل المنفي عن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، الذي التقاه مساء أول من أمس في نيويورك على هامش الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيده حرص المملكة على عودة الاستقرار إلى ليبيا، معرباً عن أمله في نجاح جميع مراحل الاتفاق السياسي بين كل الأطراف. كما التقى المنفي الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وذلك على هامش مشاركتهما في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة إن أبو الغيط أكد دعم الجامعة لجهود المجلس الرئاسي، والمؤسسات الوطنية الموحدة لتنفيذ خريطة الطريق، مجددا التزامها بمواصلة دورها الداعم للتوصل إلى تسوية سلمية وتوافقية للوضع في ليبيا. من جهة ثانية، قالت وسائل إعلام محلية إن القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، كلف عبد الرازق الناظوري رئيس الأركان بمنصب «القائد العام» لمدة ثلاثة أشهر حتى موعد الانتخابات المقبلة.
مشاركة :