الخرطوم - في تطور ملفت، وجه رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) انتقادات لاذعة للسياسيين في البلاد، حيث اتهمهم حميدتي بالتسبب في وقوع محاولات انقلابية خلال الفترة الانتقالية لانشغالهم بالكراسي عن مصالح المواطنين، في وقت عبّر فيه حزب المؤتمر السوداني عن رفضه وجود وصاية على السودان من جهة بعينها. ويحكم "مجلس السيادة" السودان بموجب اتفاق هش لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، لكن العلاقات بين الطرفين ظلت متوترة منذ ذلك الحين. واتهم البرهان في كلمة له خلال حفل تخريج قوات عسكرية غربي العاصمة الخرطوم غداة الإعلان عن محاولة الانقلاب الفاشلة، "قوى سياسية" بأن "كل همها هو القتال من أجل الكراسي". وقال "بعض القوى السياسية تتجاهل معاناة المواطن وتركز على الإساءة للقوات المسلحة". وأضاف "لن نقبل بأن تتسلط علينا أي قوى سياسية وتوجه لنا الإساءات". وصرح البرهان بأن شعارات الثورة ضاعت في ما أسماه "الصراع على الكراسي والسلطة"، معلنا أن السلطة ستعمل على بناء الوطن مع "القوى الوطنية المؤمنة بالانتقال الديمقراطي". وشدد على أنه لا توجد حكومة منتخبة في البلاد، مؤكدا أن القوات المسلحة هي الوصية على أمن السودان ووحدته، وتحدث عن وجود "من يسعى لبث الفرقة في صفوف القوات المسلحة". وقال المسؤول السوداني "تم إقصاؤنا من مبادرة رئيس الوزراء ولا يمكن لأي جهة أن تقود البلاد وحدها"، كاشفا أن "الإساءة للعسكريين أصبحت وسيلة للحصول على المناصب والكراسي". وفي الثاني والعشرين من يونيو الماضي، كشف حمدوك تفاصيل مبادرته لإيجاد مخرج للأزمة الوطنية وقضايا الانتقال الديمقراطي في بلاده. وتتضمن المبادرة 7 محاور، هي: إصلاح القطاع الأمني والعسكري، وتحقيق العدالة، والاقتصاد، والسلام، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو (نظام عمر البشير) ومحاربة الفساد، والسياسة الخارجية والسيادة الوطنية، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي. وأعلن البرهان أنه مصر على إنهاء الفترة الانتقالية، مؤكدا رغبته في إنشاء "دولة مدنية تقدّر دور العسكريين". وخاطب البرهان السياسيين بقوله "نجدد قولنا للسياسيين إن قواتنا هي من أجهضت المحاولة الانقلابية"، موضحا أنه لا رغبة للجيش "في الاستيلاء على السلطة". وأضاف البرهان "نريد الدولة المدنية والديمقراطية التي يختارها الشعب السوداني عبر الانتخابات". واتهم حميدتي "السياسيين" بالتسبب في وقوع محاولات انقلابية في البلاد "لانشغالهم بالصراع على الكراسي وتقسيم السلطة"، موضحا أنهم أهملوا المواطنين وحاجاتهم الأساسية. وأضاف أن المحاولة الانقلابية الأخيرة ليست الأولى، وكشف عن تصدي السلطات لعدد من المحاولات الانقلابية خلال الفترة الانتقالية. وأكد حميدتي أن القوات المسلحة أفشلت المحاولة الانقلابية التي وقعت الثلاثاء، وقبضت على مدبريها دون خسائر. ويأتي حديث البرهان وحميدتي غداة الإعلان عن محاولة الانقلاب الفاشلة بحسب ما ذكرت قيادة الجيش، لكن يبدو اللافت فيه هو الهجوم العنيف الذي شنه البرهان وحميدتي اللذان يمثلان الجانب العسكري في معادلة الحكم بالسودان، على القوى السياسية السودانية والتي تمثل الجانب المدني من الحكومة. وأثارت تصريحات البرهان غضبا واسعا في صفوف القوى السياسية في السودان، التي أعربت عن رفضها لها واعتبرتها "خطيرة وغير مقبولة". وقال حزب الأمة السوداني إن تصريحات رئيس مجلس السيادة للقوى السياسية "خطيرة وغير مقبولة"، مشيرا إلى وجود اتصالات قد بدأت للجلوس مع المكون العسكري لبحث الأزمة. وأعرب حزب "المؤتمر السوداني" كذلك عن رفضه اتهامات البرهان، وقال إنه "ليست هناك جهة بعينها تعتبر وصية على السودان، والشعب وحده هو من يملك قراره".
مشاركة :