الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الإسلامي: سياستي «العودة للأساسيات» وخلق مستقبل واعد للبنك

  • 10/27/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال الرئيس التنفيذي الجديد لبنك البحرين الإسلامي حسان جرار إن سياسته هي العودة لأساسيات عمل البنوك، والتخلص من الأصول التي ليست من الأعمال الأساسية. ورأى جرار، في مقابلة مع الصحافة، أن سبب خسائر البنك في السنوات الماضية يعود إلى الاستثمار في أصول ليست من الأعمال الأساسية للبنك، منها الاستثمار في العقارات والأسهم، التي رفعت من حجم المخاطر وحبس رأس المال من دون عوائد مناسبة. وأعرب عن ثقته بأن مستقبل بنك البحرين الإسلامي واعد، وهو الآن يسير في النهج الصحيح بالعمل على إعادة التوازن إلى محفظته، والعمل على إعادة الهيكلة باستحداث دوائر جديدة، والعمل على إطلاق منتجات جديدة لم تكن موجودة في البحرين، والعمل على تقوية المركز المالي للبنك عبر شطب الخسائر المتراكمة وزيادة رأس المال، وخلق ثقافة جديدة. وأكد أن البنك لن يدخل المنافسة على الودائع الاستثمارية قصيرة الأجل، معتبراً ذلك بمثابة حرب خاسرة ومدمرة للبنوك نتيجة تكلفتها العالية، والتي لا يستفيد منها إلا أصحاب الأموال الساخنة. وعن الموظفين وخيار تقليص النفقات، شدد جرار، على أن الحديث عن تقليص النفقات، لن يمس رواتب ومزايا الموظفين، فنحن نرى الموظفين هم الركيزة المهمة والأساسية في تحقيق النجاح الذي نطمح إليه. وهذا نصل المقابلة: تحمل خبرة مصرفية طويلة في المصارف التقليدية، واليوم تترأس بنك البحرين الإسلامي، فما هي توجهاتك؟ - أرى أن العمل على دفع بنك البحرين الإسلامي لتحقيق النجاح شيء ممتع ومحل فخر؛ لأن البنك يحمل اسم البحرين، وأنا أحب اسم البحرين، وهو أول بنك إسلامي في البحرين، والرابع على مستوى الخليج العربي والعاشر على مستوى العالم. وقيادة هذا البنك أراها فرصة لتحقيق معانٍ واسعة للنجاح، فأجمل الأشياء عندما تمر بظروف صعبة جدّاً، وفي نهاية المطاف تحقق النجاح. وبنك البحرين الإسلامي خلال السنوات الماضية مرَّ بظروف صعبة جدا، وتكبد بعض الخسائر مع زيادة ملحوظة في التمويلات المتعثرة، ما انعكس سلبا على المساهمين الذين تحملوا الكثير ولم يحصلوا على أرباح طوال السنوات الماضية، كما تأثر سعر سهم البنك في البورصة، وتأثر الموظفين بسبب عدم معرفتهم عن مستقبل عمل البنك. لماذا تكبد البنك خسائر طوال الفترة الماضية؟ - ابتعاد البنك عن «أساسيات عمل البنوك» هو السبب، إذ توجه نحو الاستثمار المباشر في شراء العقارات والأسهم، وهي ليست من الوظائف الأساسية للبنك. والسبب الآخر، هوعدم توازن محفظة البنك فقد كان هناك تركيز كبير على التمويل العقاري، وبالتالي تقيدت موازنة البنك بتمويلات طويلة الأجل، وكلما زادت فترة السداد لتصل إلى 20 سنة، زادت نسبة المخاطر وتكون عالية، هذا شيء خطر؛ لأن أموال البنك تكون محبوسة، وتقلل مرونة البنك في اقتناص الفرص. وكان البنك يركز على شريحة واحدة من الزبائن، وهم المسلمون، ولم يفكر في تقديم تسهيلات للجزء الآخر من المجتمع وفق الشريعة الإسلامية. كما أن هناك مآخذ بخصوص قوة الحوكمة المناسبة والالتزام، ونقص في الإدارات التي تجعل البنك أكثر قدرة على امتصاص الصدمات. ما هي التطورات في البنك؟ - قبل 18 شهراً، تكون مجلس إدارة جديد، مع دخول مساهمين رئيسيين جدد، مثل بنك البحرين الوطني، والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، كما أن في البنك مساهمين مرموقين كبنك التنمية الإسلامي بجدة، شركة أصول، والأوقاف الكويتية وغيرها. وقررت الإدارة، إعادة البنك إلى أمجاده. واتخاذ الإجراءات التي تثبت أنها في مصلحة البنك. كما أن مجلس الإدارة اختارني لشغل منصب الرئيس التنفيذي. ما هي سياستك لوضع البنك في الطريق الصحيح والعودة إلى أمجاده؟ - السياسة التي معي هي «العودة للأساسيات»، وظيفة البنك الأساسية هي استقبال الودائع الاستثمارية والمساهمات من المساهمين، وإدارتها بكل حكمة وأمانة، بإعادة تدويرها في الاقتصاد من خلال تمويل الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في خلق فرص العمل، والتخلص من كل ما لا يمت بصلة إلى عمل البنوك الأساسي، مثل محافظ الاستثمار المباشر في العقارات والأسهم والحصص في الشركات، وإعادة التوازن إلى محفظة البنك عبر التخلص من التمويلات طويلة الأجل والتي تمتد إلى فترات طويلة قد تصل إلى 20 سنة، نتيجة تركزها على التمويل العقاري. أخذ الودائع من أساسيات عمل البنوك، هل ستخوضون منافسة مع المصارف الأخرى على الودائع الاستثمارية قصيرة الأجل؟ - منافسة البنوك الإسلامية على الودائع الاستثمارية قصيرة الأجل على التسعيرة، هي طريق للدمار، وبهذا يعاب على المصارف الإسلامية، صحيح أن المودعين يشعرون بالارتياح حينما يحصلون على ربح أعلى، لكن هذا يضر بالبنك. الأموال الساخنة ترفع الأسعار بين البنوك وتضرها، فكلما أصبح حجم الودائع ضخماً ارتفعت التكلفة، مع رفع نسبة الأرباح لأصحاب الودائع عبر تنازل المساهمين عن جزء من أرباحهم. وسياستنا في بنك البحرين الإسلامي ستتمثل في عدم الخوض في حرب أسعار الأرباح على الودائع؛ لأن هذه الحرب لن تفيد البنك، ويستفيد منها من يملك المال الساخن. قاعدة الودائع الاستثمارية، ليست حربًا عليها، فنحن كبنك لدينا مئات الآلاف من حسابات التوفير، ومئات الآلاف من حسابات الودائع. كيف ستتخلص من الأصول التي ليست من أساسيات عمل البنك؟ - نريد التخلص من محفظة الاستثمارات المباشرة في الأراضي والأسهم، وحصص في شركات عدة في البحرين وخارجها، وحجمها كبير. وقد عزلنا كل هذه الأصول التي لا تمت إلى أساسيات عمل البنوك، وتم تعيين مدير مسئول للتخلص منها، وقد يحتاج التخلص منها إلى فترة قد لا تقل عن سنتين، والتخلص منها، يعني تحرير رأس المال، وإعادة التوازن إلى محفظة البنك، وزيادة قدرة البنك على إيجاد فرص أفضل تعود بالربح على المساهمين. تحرير رأس المال والتخلص من الأصول التي لا تمت بصلة إلى عمل البنوك يحتاجان إلى وقت طويل، فماذا ستفعل؟ - تقوية موازنة البنك، فقد وافق مجلس إدارة البنك على زيادة رأس المال، وننتظر الحصول على موافقة الجمعية العمومية بتاريخ (27 أكتوبر/ تشرين ألأول 2015)، بإصدار 200 مليون سهم بقيمة إجمالية تبلغ نحو 20 مليون دينار، بهذه الزيادة، نلبي متطلبات مصرف البحرين المركزي، تقوية قدرات البنك على تحمل الصدمات، إذا ما حدثت في المستقبل، وعزل الأصول الخاصة والتخلص منها من أراضٍ وعقارات وأسهم، وبالتالي تحرير رأس مال يقدر بعشرات الملايين من الدنانير، وإنشاء دائرة التحصيل، لمعالجة الديون المتعثرة للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا سيساعد في تحصيل ديون البنك، وبدأنا حملة السيطرة على المصاريف، وترشيد الإنفاق، وستطول الفروع والمعدات والآلات والمباني والمصاريف الإدارية والسيطرة عليها، ونؤكد أن رواتب ومميزات الموظفين لن تمس. مع ضخ زيادة رأس المال، كيف سيدار المال؟ - أكثر ما يضر البنك هي التمويلات طويلة الأمد، ولا بد من تنويع التسهيلات التجارية والاعتمادات والكفالات. البنوك الإسلامية يمكن أن تقدم منتجات تمويل في عمليات تجارية وهي من الأشياء التي نتخدها لتقوية موازنة البنك، التركيز على وثائق وأدوات التمويل، وإصدار منتجات جديدة منها «وسائل إدارة شركة، «الاعتمادات»، «الكفالات»، وإيصالات المستودعات، وهي منتجات تتوافق مع الشريعة الإسلامية وهي غير موجودة في البحرين. كما يجب عدم الاقتصار على المسلمين في تقديم خدمات التمويل، فمعظم البنوك الإسلامية تركز على شريحة واحدة من المجتمع، تركز على المسلمين، وأنا كبنك إسلامي يسعدني أن أثبت جدارة البنك الإسلامي في التعامل مع النصف الآخر من المجتمع، بتقديمي خدمات تمويلية وفق الشريعة الإسلامية تساعدهم على تلبية احتياجاتهم وبناء حياتهم. ما هي أهم الإصلاحات في سياسات الائتمان للبنك؟ - إعادة سياسات الائتمان للبنك، بالتركيز على إدارة المحفظة بمعايير عالمية، مع إعادة النظر في نوع التسهيلات، ونوع المنتج المقدم إلى الزبائن، وطريقة التمويل، بحيث تكون لدينا محفظة متوازنة، تعطي البنك مرونة كبيرة في التعامل مع متغيرات السوق، وامتصاص أية صدمة غير متوقعة. فإذا كان لديك محفظة منها 70 في المئة عقارات، فهذه محفظة غير رشيدة؛ لأنها ستعرض البنك لمشاكل مع حدوث أية صدمة في السوق. ولذلك لابد من التوازن فهو مهم جدّاً لأي بنك يريد الاستمرار في تحقيق النجاح. كما لدينا تطوير ملموس في انخفاض التمويلات المتعثرة هذا العام، وهذا قد نشهده في بيانات الربع الثالث والرابع. ماذا عن هيكلة إدارة البنك؟ - من المهم إعادة بنى الإدارة التنفيذية في البنك، ووضع الكوادر في المكان المناسب؛ لأنها تساعد في إعطاء الثقة للموظفين، وتمنحهم الأمل في حفظ مستقبلهم، هناك إعادة هيكلة للبنك، ستشمل دائرة للائتمان، دائرة المخاطر، دائرة العمليات المركزية، دائرة الخدمات المصرفية للشركات، دائرة الالتزام، دائرة الخزينة وغيرها. وقد تم توظيف مديرين، لهذه الدوائر، وبعضهم أجانب ليسوا من البحرين، لعدم وجود المؤهلين لشغل رئاسة الدائرة. ألا تعتقد أن استحداث دوائر وتوظيف مديرين جدد، يزيد من تكاليف البنك؟ - بالعكس تماماً، نحن ندرك أن هناك أشياء مكلفة، لكنها ضرورية لصحة البنك ونجاحه، فإذا كانت تعود عليه بالأرباح، فلا يمكن أن نعتبرها مكلفة، نعم تكون مكلفة إذا لم تحقق نتائج جيدة للبنك. وكل ما يصنع قيمة للبنك أكبر من تكاليفه فهو مطلوب. ما هي سياستكم فيما يتعلق بالموارد البشرية؟ - نريد تخريج كوادر بحرينية، وتأهيل مديرين أكفاء قادرين على إدارة البنك بنجاح، أريد عندما أغادر البنك أن أرى كفاءة بحرينية تكون جاهزة وبديلة لتحل مكاني. لدينا نظرة واضحة لخلق صفٍّ ثانٍ من المديرين. عندما أردت توظيف رئيس لدائرة المخاطر، قالوا: لن تجده في البحرين. ولهذا فكرت باستقطاب لاعب أجنبي، لتطعيم البراعم البحرينية وتدريبهم وتأهيلهم، للعب هذا الدور في المستقبل، فمن المسئولية الاجتماعية هي صنع كفاءات بحرينية. وقد بدأنا في سياسات الإحلال الوظيفي، فهناك لاعب أساسي، ولا عب غير أساسي، وسنستثمر في اللاعبين غير الأساسيين وأقصد هنا طبعاً الموظفين، ليكونوا مهيأين وجاهزين في أي وقت للإحلال في مكان أي لاعب أساسي غاب عن مكانه. سنعمل على تطوير الكوادر التي لدينا، بطريقة التفكير، بالتعرف على دوائر احترافية، بالاحتكاك مع الرؤساء والمديرين، نريد تأهيل وبناء نخبة من الموظفين نعتقد أن لهم مستقبلاً في البنك بالتدريب والرعاية. وماذا عن دور المرأة؟ - نسبة المرأة العاملة في بنك البحرين الإسلامي تبلغ 30 في المئة من القوى العاملة، وسنحاول رفع النسبة إلى 40 في المئة، وقد بدأنا التركيز على استقطاب العنصر النسائي المؤهل، وأريد أن أرى عنصراً نسائيّاً في الإدارة العليا للبنك. ذكرت في سياق حديثك عن خدمة «موبايل بنك»، فهل توضح ماذا تقصد بذلك؟ - معظم البنوك في العالم بدأت تغير فكرتها عن الفروع؛ لأن الفروع هي الأكثر تكلفة، ففيها تكاليف الإيجار، الكهرباء، التأمين، الحراسات، وكل ما كان هناك فروع فهناك حاجة إلى إيجاد دعم وإدارة من المركز الرئيسي، والآن معظم البنوك توجهت إلى التوسع عبر الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل تكاليف الفروع. الزبون الجديد يريد التعامل مع البنوك من دون الذهاب للبنك، ولهذا نحن نريد تقديم خدمات عن طريق الهواتف الذكية لتقديم خدمات وتسهيلات أكثر سهولة للزبائن تتماشى مع متطلبات العصر. ونحن ندرك، أن البنك الصغير يمكنه أن ينافس بالتميز بالخدمة، وسرعة الأداء، ومقدرته على تقديم خدمات أسرع وأفضل من البنوك الأخرى. ولهذا فإن فكرة تقديم خدمات التمويلات في البنك عن طريق الموبايل أو الهواتف الذكية هي فكرة جديرة بالتأمل والتفكير والتطبيق. هل هناك نية للتوسع في دول الخليج؟ - تركيزنا حاليّاً لإعادة صحة البنك، وتقويته، وإعادته إلى أمجاده داخل البحرين، وعندما ننجح في ذلك، بعدها يمكن أن نفكر في التوسع خارجيّاً، لهذا في الوقت الحالي ليست هناك خطة للتوسع خارج البحرين، خطتنا الحالية إصلاح البيت أولاً، والإبحار في الاتجاه الصحيح، الفترة المقبلة عصيبة على المصارف، فأسعار البترول في انخفاض، وتؤثر على موازنة الدول، ودخل الدول نزل إلى النصف، وهناك تقشف أدى إلى توقف مشاريع أو تأجيلها أو إلغائها، إلى جانب الوضع السياسي والاقتصادي للمنطقة. يؤخذ على البنوك الإسلامية أنها غير شفافة، فكيف ترى ذلك؟ - هناك مآخذ، لكن هذه المآخذ سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة، لا بد من الالتزام بالحوكمة، وقوانين مصرف البحرين المركزي، وقوانين محاربة الإرهاب وغيرها من القوانين، وهذا يحتاج إلى توعية وتغيير الثقافة في البنك. ومصاريف تقوية الالتزام مكلفة، لكن تؤثر على نوع عمل البنك، وقد تبطئ عملية القرار وهذا الأمر ليس بسهل، لكنه مهم ولا بد من تقويته. فكل بنك يعيد سياسة الائتمان بين فترة وأخرى، ومن الخطأ البقاء عليها مع تجاهل المخاطر والظروف السياسية المتغيرة. فإذا رأيت فرصة تتجه لها، وإذا رأيت فقاعة، كن حذراً.

مشاركة :