يقدّم الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي أصدر الأربعاء مرسوما يعزّز صلاحياته، نفسه على أنه المستجيب لشعار "الشعب يريد"، ومصحح لمسار ثورة 2011، من دون أن يخفي رغبته بتغيير النظام السياسي في تونس لتركيز السلطات في يد الرئيس. ويدافع سعيّد منذ قراره خوض غمار الانتخابات في العام 2019 عن مشروع أساسه لامركزية القرار السياسي عبر انتخاب مجالس محلية. ولقيت قرارته الاستثنائية بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولي السلطات في البلاد ترحيبا شعبيا واسعا ليلة 25 تموز/يوليو وخرج عدد كبير من التونسيين للاحتفال في الشوارع. لكن حزب النهضة ذي المرجعية الاسلامية وأكبر الكتل البرلمانية (53 نائبا من أصل 217) اعتبر ما قام به سعيّد "انقلابا على الثورة والدستور". جمع كل السلطة في البلاد والأربعاء أصدر سعيد أمرا رئاسيا غيّر بموجبه الصلاحيات المتعلقة بالسلطة التنفيذية والتشريعية وجمع كل السلطة في البلاد بين يديه. في 11 أيلول/سبتمبر، رد على حزب النهضة وخصومه السياسيين قائلا إنهم "لا يدركون الفرق" بين الشرعية والمشروعية، مؤكدا على ضرورة "إدخال تعديلات على الدستور" استجابة لمطالب الشعب. وسعيّد، البالغ من العمر 63 عاما، أستاذ سابق في القانون الدستوري، ويقدّم نفسه منذ انتخابه بغالبية فاقت السبعين بالمئة من الأصوات نهاية العام 2019، على أنه المسؤول الأول عن تفسير الدستور، مستندا إلى معرفته الواسعة في هذا المجال. يصفه كثيرون "بالرجل النظيف"، فقد رفض مطلع العام 2021 استقبال وزراء عينهم المشيشي في إطار تعديل وزاري، لأداء اليمين بسبب شبهات فساد حول منهم. الرئيس التونسي يعلن أنه سيكلف رئيس حكومة جديد مع الإبقاء على الإجراءات الاستثنائية الرئيس التونسي يعزز من صلاحياته ويعلن إصداره تشريعات في شكل مراسيم رئاسية حركة النهضة تعتبر قرارات سعيّد الأخيرة تهديد"بتفكيك الدولة" التونسية بدأ نجم سعيد يسطع منذ ثورة 2011 حين كان دائم الظهور في البرامج التلفزيونية والإذاعية للحديث عن الإصلاحات الدستورية بعد الثورة، وخصوصا خلال وضع دستور 2014. وساهمت النقمة الشعبية على الطبقة السياسية التي لم تحقق شيئا من وعود الثورة والإصلاحات المنتظرة، في وصوله إلى السلطة. يرفض التنازلات السياسية والتوافقات، ويتهم أحزابا في البرلمان "بتمرير قوانين مقابل الأموال" ومن "أجل مصالحهم". يعتمد كثيرا في خطاباته على اللغة العربية الفصحى، لكن ومنذ 25 تموز/يوليو، بدأ يلجأ أحيانا إلى اللهجة العاميّة، خصوصا إذا تعلّق الأمر بمواضيع تهمّ المواطنين العاديين كغلاء الأسعار وتردي الخدمات الحكومية. الأستاذ لم يتغير هندامه كثيرا بعد توليه الرئاسة، فقد حافظ على هيئة الأستاذ من خلال ربطة العنق والبزة الرسمية، وحين يتحدث لا يقبل المقاطعة. حضوره سواء في الاجتماعات الرسمية مع المسؤولين أو في اللقاءات الشعبية، مرتبط بهيبة الأستاذ الذي يقدّم دروسا والنبيه الذي لا يمكن أن يرضخ للابتزاز وأن يقبل صفقات الفساد السياسي. لكن محللين يحذرون من نزعته إلى التفرد في اتخاذ القرار وعدم المساومة، ما قد يهدد الممارسة الديمقراطية. أحاطت به منذ دخوله قصر قرطاج مجموعة من المستشارين غالبيتهم غير معروفين ونادرا ما يظهرون في وسائل الإعلام تتقدمهم أستاذة القانون الدستوري ورئيسة الديوان نادية عكاشة. يحرص على زيارة الأحياء الشعبية بما فيها الحي الذي كان يقطنه في ضواحي العاصمة ويشرب أحيانا قهوته التي اعتاد عليها منذ سنوات ويسأل عن أحوال صديقه النادل وعن أفراد عائلته. يستقبل بين الحين والآخر شبابا من المحافظات الداخلية المهمشة ويناقش معهم مشاكل مناطقهم والحلول التي يرونها مجدية لتقليص نسبة البطالة وخلق فرص عمل. ليس من السهل تصنيفه ضمن توجه إيديولوجي واضح، فهو يعارض عدم تجريم المثلية الجنسية والمساواة في الإرث، ولكن في الوقت نفسه يعارض تماما حزب النهضة الإسلامي. يتحدّر سعيّد من عائلة متوسطة الدخل. تخرّج من المدرسة "الصادقية" التي درس فيها العديد من رؤساء تونس. درس ودرّس في جامعات القانون في تونس لمدة طويلة قبل التقاعد في العام 2018، ولا يزال أنصاره يلقبونه "بالأستاذ". يحب الموسيقى العربية الكلاسيكية، والخط العربي، ويكتب بعض مراسيمه ورسائله المهمة بالخط المغربي وبالحبر والريشة. متزوج من القاضية إشراف شبيل، وهو أب لبنتين وولد.
مشاركة :