كفانــــــا عــــــــبثًا

  • 9/24/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بصفتي مواطنا بحرينيا أكن الولاء الخالص لأرض المملكة التي تضمني بين حناياها ولملكها ذي المقام العالي وذي الصفات الجليلة والقدرات القيادية الفذة التي تؤمن للمجتمع الأمن والاستقرار بمعناهما الشامل، وأهيم بشعب المملكة عشقا، وأفخر بانتمائه للجسد الخليجي الموحد في مجلس التعاون، وعلى تماس حار بالحاضنة العربية أتوجع لوجعها وأفرح لفرحها، فإني أندهش وأعجب من أولئك الذين يسعدون لخبر كاذب يذاع هنا أو هناك بقصد النيل من سياسة المملكة ومن النجاحات المتحققة على مختلف الصعد فيها، وأستغرب استبشارهم وابتهاجهم للحوادث الخطيرة المهددة لأمن المنطقة العربية في العموم والخليجية على وجه أخص، وأتعجب من وقاحتهم في إظهار فرحتهم هذه ومجاهرتهم بها دون أدنى حياء، ومن تعبيرهم عن رغبتهم المحمومة بناء على أشد المؤشرات تفاهة في أن يعودوا بنا إلى ما ألمَّ بالعرب قبل عشر سنوات عجاف عندما التقت مصالح أحزاب الإسلام السياسي، السني والشيعي، واليسار الراديكالي مع مصالح دول الجوار الطامعة في مقدراتنا والساعية إلى فرض نفوذها في تمثل لأدوار تاريخية تأنف دول كبرى من القيام بها في وقتنا هذا لتنامي وعي الشعوب وتبدل الظروف وتغير الأحوال.  حكومات دول كثيرة انخدعت بمقولات الإخوان المسلمين الإعلامية، وبمزاعم نواياهم في البناء الديمقراطي وتحديث المجتمعات بما يتفق مع قيم الحداثة في المجتمعات الأوروبية، وبكذبة المظلومية التاريخية لقوى الإسلام السياسي الشيعي ومن تحالف معهم من اليسار الراديكالي المشوش والواقع تحت تأثير الخطابات الشعبوية لزعيم مافيا تهريب الكبتاغون حسن نصرالله، التي راكمت في السابق مواقف سلبية ضد الحكومات القائمة بسبب ملامسة هذه الأكاذيب عواطف البسطاء وأصحاب القرار في الدول الأوروبية، في ظل إعلام خليجي وعربي رسمي غافل ومشغول بمحاكاة أناته المتضخمة عما يحاك ضده في سراديب وأقبية التآمر الإيراني والتركي المدعوم إعلاميا من منظمات حقوقية عوراء.  صحيح أن ضغوطات الإعلام الغربي الموجه ضد دول مجلس التعاون قد تؤثر وتنال شيئا مما يصبو إليه ويخطط، وصحيح أن جماعات معروفة بولاءاتها الإيديولوجية والمذهبية تقذف ببعض المصطلحات في الأوساط الاجتماعية بهدف إرباك المشهد السياسي المحلي والإقليمي أو بهدف الفتك بتلاحم النسيج الاجتماعي عبر اللعب بمصطلحات مثل التمييز على أساس العرق والدين والهوية أو التهميش بتجاهل فئة أو شريحة اجتماعية، وهو مصطلح جديد فهمته مما قاله رئيس تحرير جريدة موقوفة في ندوة ليعاود العمل السياسي من خلاله حين قال «من يتصور أن الاستغناء عن نصف أو ربع أو أي جزء من المجتمع، وأنه يمكن أن يعيش دونه، فعليه أن يراجع نفسه بإنصاف ومع نفسه، فلن يهنأ بذلك»، كل هذا صحيح، ولكنه يدفعنا إلى ضرورة طرح سؤال مهم لا بد من التفكير عميقا في تقديم إجابة عملية عنه، هذا السؤال هو: متى يكون ذلك مؤثرا؟ إجابتي الفورية عن هذا السؤال أن ذلك التأثير السلبي قد يكون متاحا عندما يكون الإعلام الرسمي غافلا عما يدور من حوله، وعندما يتمكن هذا الإعلام المناوئ من اختراق العقليات، وأن ذلك التأثير يضعف حتى يتلاشى إذا ما كانت المجتمعات محصنة بمشاريع تنموية شاملة تعود بالنفع على المجتمعات، وبمعدلات بطالة تتدني نسبها وتتراجع، وإذا ما كانت قوات الأمن يقظة، وإذا كان الإعلام الرسمي متيقظا وذكيا اتصاليا، وإذا كانت مؤسسات المجتمع المدني فاعلة في ترسيخ ثقافة المواطنة وتعزيز قيم الانتماء والولاء، عندها فحسب أستطيع أن أجزم بأن كل المحاولات القادمة من داخل الحدود ومن خارجة ستتحطم حتما على صخرة الواقع الصلب.  المجتمع البحريني الواحد الذي لا يتجزأ إلى أنصاف وأرباع وأعشار مثلما أشرنا إلى قول بعضهم آنفا، وهو في خضم ما تتعرض له المجتمعات الخليجية والعربية، لم يعد يتحمل صبيانيات وشطحات مراهقين سياسيين أكثر مما تحمل، وبات الأمن والاستقرار هو ما يرنو إلى تثبيته ركنا أساسيا في العملية التنموية، ويعمل على توفيره بمعية قوات أمنه الوطنية ومؤسساته الدستورية، وأسمى ما يصبو إليه هو تحقيق طموح أفراده في الرفاه والرخاء ومقوماتهما متوافران في الأرض البحرينية وعليها. يكفي ما ضاع من الوقت ومن عمر الأجيال. ويكفي عبثا بمصائر المجتمعات الخليجية والعربية. وعلى من يريد فاعلا في الساحة السياسية البحرينية أن يدرك أن أحلام المواطن البحريني وطموحاته تتحول إلى واقع بالانخراط الواعي والمسؤول في ما اختاره هذا المجتمع عندما صوت لميثاقه الوطني بنسبة قياسية كادت تبلغ حد الإجماع، وأن يدرك أن الولاء لا يكون إلا للوطن دون سواه شرقا أو شمالا، وأن يعلم أنه إذا ما واظب على الصراخ والنعيب خارج السرب سيضيف إلى عزلته عزلة أكبر، وأنه سيلقى به عاجلا أم آجلا في مزبلة التاريخ، وعندها لن ينفعه الندم.

مشاركة :