يوضح تقرير على موقع بروبوبليكا للتحقيقات الاستقصائية أعده بيتر إلكند وجاك غيلوم وكريغ سيلفرمان، كيف يخاطر فيسبوك بخصوصية مستخدمي تطبيق واتساب للمراسلة عبر الاستعانة بشركات متعاقدة خارجية لمراقبة المحتوى. وبالرغم من تأكيد شركة فيسبوك للمستخدمين أنه لا يمكن لأحد رؤية رسائلهم، فإن الشركة لديها عملية مراقبة واسعة، وتشارك المعلومات الشخصية مع المدعين العموميين على نحو معتاد. يعود التقرير إلى الوقت الذي كشف فيه مارك زوكربيرغ عن «الرؤية المرتكزة على الخصوصية» لفيسبوك في مارس 2019، وأشار إلى أن خدمة واتساب للرسائل العالمية المملوكة للشركة نموذج، وأقر بأنه «ليست لدينا حاليًا سمعة قوية في إنشاء خدمات تحمي الخصوصية»، كما كتب المدير التنفيذي لفيسبوك أنه يعتقد أن «مستقبل التواصل سيتحول باطراد إلى الخدمات الخاصة المشفرة، إذ يستطيع الأشخاص أن يثقوا أن ما يقولوه لبعضهم يظل آمنا، وأن رسائلهم ومحتواهم لن يبقى للأبد. هذا هو المستقبل الذي أتمنى أن نساعد في تحقيقه. نحن نخطط لبناء هذا بالطريقة التي نطور بها واتساب». هل يستطيع أحد قراءة رسائلك على واتساب؟ ارتكزت رؤية زوكربيرغ على سمة واتساب المميزة، التي قال إن الشركة كانت تخطط لتطبيقها على إنستغرام وفيسبوك ماسنجر : التشفير الطرفي (end-to-end encryption)، الذي يحول كل الرسائل إلى صيغة غير مقروءة تُفتح فقط لدى وصولها إلى وجهتها المقصودة. رسائل واتساب آمنة للغاية، كما قال زوكربيرغ، وليس هناك أي أحد آخر، ولا حتى الشركة، يمكنه قراءة كلمة. وكما صاغ زوكربيرغ الأمر في وقت سابق، في شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في 2018: «نحن لا نرى أي محتوى على واتساب». «مراقبة المستخدمين مع طمأنتهم أن خصوصيتهم مقدسة تبدو مهمة غريبة في واتساب». ويشدد واتساب على هذه النقطة كثيرًا، حتى أنه يُظهر إشعارًا تلقائيًا على الشاشة قبل إرسال المستخدمين للرسائل: «لا أحد خارج هذه المحادثة، ولا حتى واتساب، يمكنه قراءتها أو الاستماع إليها». لكن وفقًا للتقرير فإن هذه التطمينات غير حقيقية، إذ أن واتساب لديه أكثر من ألف موظف يملأون طوابق البنايات الإدارية في أوستن بولاية تكساس ودبلن وسنغافورة، حيث يفحصون مئات الملايين من أجزاء المحتوى الخاص بالمستخدمين، ويستخدمون برنامج فيسبوك خاص لغربلة تدفق الرسائل والصور ومقاطع الفيديو الخاصة التي أبلغ مستخدمو واتساب أنها غير لائقة، ثم رصدتها أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة. يذكر التقرير أن هؤلاء الموظفين يحكمون على أي شيء يظهر على شاشاتهم، وهي مزاعم تشمل كل شيء من الاحتيال إلى مواد إباحية للأطفال ومخططات إرهابية محتملة، وذلك في أقل من دقيقة. ويقول إن مراقبة المستخدمين مع طمأنتهم بأن خصوصيتهم مقدسة تبدو مهمة غريبة في واتساب. وفي عرض تقديمي تسويقي داخلي للشركة مكون من 49 شريحة في شهر ديسمبر الماضي حصلت عليه بروبوبليكا، جرى التشديد على الترويج «الضاري» لـ«سردية الخصوصية» الخاصة بواتساب. ولا يأتي العرض التقديمي على ذكر جهود الشركة في مراقبة المحتوى. ويضيف أن كارل ووغ مدير التواصل في واتساب، أقر بأن فِرق الموظفين في أوستن والأماكن الأخرى تراجع رسائل واتساب لرصد وحذف «أسوأ» المخالفين. غير أن ووغ أخبر بروبوبليكا أن الشركة لا تعتبر أن هذا العمل مراقبة للمحتوى، قائلا: «في الحقيقة نحن لا نستخدم هذا المصطلح بالنسبة لواتساب». وامتنعت الشركة عن جعل مدرائها متاحين للمقابلة ﻷجل التقرير، لكنها استجابت لأسئلة في تعليقات كتابية. «واتساب هو حبل حياة لملايين الأشخاص حول العالم»، كما قالت الشركة. «القرارات التي نتخذها بشأن كيفية بنائنا التطبيق ترتكز حول خصوصية مستخدمينا، والحفاظ على درجة عالية من المصداقية ومنع الإساءة». واتساب تنكر مراقبة المحتوى الصورة: pxhere أفعال الشركة جعلت واتساب أقل خصوصية كثيرًا مما يفهم أو يتوقع مستخدموه غالبًا. يلاحظ التقرير أن إنكار واتساب مراقبة المحتوى مختلف على نحو بارز عما تقوله شركة فيسبوك عن الشركات الشقيقة الأخرى لواتساب، إنستغرام وفيسبوك. فيذكر أن الشركة قالت إن هناك نحو 15 ألف موظف يفحصون المحتوى على فيسبوك وإنستغرام، وكلاهما ليس مشفرًا. ويقول التقرير إنه في حين أن الشركة تطلق تقارير شفافية ربع سنوية تُفصل كم من حسابات فيسبوك وإنستغرام جرى اتخاذ إجراءات ضدها لفئات مختلفة من المحتوى المسيء، وليس هناك ثمة تقارير لواتساب. ويكشف تحقيق بروبوبليكا، معتمدًا على بيانات ووثائق وعشرات المقابلات مع موظفين حاليين وسابقين، كيف أن فيسبوك منذ شراء واتساب في 2014 بدأ في هدوء تقويض ضمانته الأمنية الواسعة بعدد من الطرق. وهذا الصيف لفتت مقالتان إلى وجود مراقبين في واتساب، لكنهما ركزتا على ظروف عملهم وأجرهم وليس تأثيرهم على خصوصية المستخدمين. ويرى التقرير أن شركة فيسبوك تقلل من كم البيانات التي تجمعها من مستخدمي واتساب، وما تفعله بها، والكم الذي تشاركه مع سلطات إنفاذ القانون. ويذكر مثالًا أن واتساب يشارك بيانات وصفية (metadata) وسجلات غير مشفرة يمكنها كشف الكثير عن نشاط المستخدم، مع وكالات إنفاذ القانون مثل وزارة العدل. بينما يذكر أن بعض المنافسين، مثل سيغنال، تجمع عن قصد بيانات وصفية أقل كثيرًا لتجنب خرق خصوصية مستخدميها، ومن ثم تشارك أقل كثيرًا مع جهات إنفاذ القانون. المعضلة بين المستخدمين وجهات إنفاذ القانون منذ أن دفع 22 مليار لشراء واتساب في 2014، وفيسبوك يحاول معرفة كيف يولد أرباحًا من خدمة لا تكلف مستخدميها فلسًا. كما علمت بروبوبليكا، فإن بيانات واتساب قد ساعدت الادعاء على بناء قضية كبرى ضد موظف بوزارة الخزانة سرب وثائق سرية إلى موقع BuzzFeed News ، كشفت كيفية تدفق الأموال القذرة عبر البنوك الأمريكية. ويقول التقرير إنه مثل منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، يقع واتساب بين مستخدمين يتوقعون الخصوصية وكيانات إنفاذ قانون تطلب العكس تمامًا، فتسليم واتساب المعلومات سيساعد على مكافحة الجريمة والإيذاء عبر الإنترنت. أما عن استجابة واتساب لهذه المعضلة، فيقول التقرير إن التطبيق استجاب عبر تأكيده أنها ليست معضلة بالمرة. «أظن أننا بالقطع يمكننا أن نحوز أمن وسلامة اﻷشخاص عبر التشفير الطرفي والعمل مع جهات إنفاذ القانون لحل الجرائم»، كما قال ويل كاثكارت رئيس واتساب في مقابلة على يوتيوب مع مركز بحثي أسترالي. يتفاقم التوتر بين الخصوصية وتسليم المعلومات إلى جهات إنفاذ القانون بعامل ضغط ثانٍ: فيسبوك يحتاج إلى جني أموال من واتساب. فمنذ أن دفع 22 مليار لشراء واتساب في 2014، وفيسبوك يحاول معرفة كيف يولد أرباحًا من خدمة لا تكلف مستخدميها فلسًا. هذه المعضلة، كما يقول التقرير، أدت على نحو دوري إلى خطوات تغضب المستخدمين أو المشرعين أو كليهما. هدف الربح من التطبيق كان جزءًا من قرار الشركة في 2016 ببدء مشاركة بيانات المستخدمين الخاصة بواتساب مع فيسبوك، وهو أمر كانت الشركة أخبرت مشرعي الاتحاد الأوروبي أنه مستحيل تقنيًا. ونفس النزعة أدت إلى خطة إشكالية، تخلت الشركة عنها في نهاية 2019، لبيع إعلانات على واتساب. والتوجه الساعي إلى الربح كان وراء مبادرة أخرى أخفقت في يناير: تقديم سياسة خصوصية جديدة لتفاعل المستخدمين مع الأعمال على واتساب، تتيح للأعمال استخدام بيانات العملاء بطرق جديدة. وقد دفع هذا الإعلان إلى خروج جماعي كبير إلى التطبيقات المنافسة. «شركاء مراقبة المحتوى» الصورة: Getty يقول التقرير إنه على كثير من المناحي، كونك مشرفًا على المحتوى لدى واتساب في أوستن مماثل لأن تكون مشرفًا لفيسبوك أو إنستغرام، حسب مقابلات مع 29 موظفًا حاليًا وسابقًا، أكثرهم في العشرينات والثلاثينات، وكثير منهم لديهم خبرة سابقة كمحاسبين وبائعين في المحلات وسقاة. الشركة المسؤولة عن توظيف المراقبين هي Accenture ، وهي شركة تعاقدات عملاقة تعمل لصالح فيسبوك و500 شركة كبرى أخرى. الإعلانات الخاصة بالوظيفة تكون في صيغة «مراجعي محتوى»، دون ذكر فيسبوك أو واتساب. وتدرج وثائق التوظيف عنوان الوظيفة كـ«مساعد إشراف محتوى». ويبدأ الأجر بنحو 16.5 دولار في الساعة. ويضيف التقرير أن الموظفين تلقوا تعليمات بأنهم يعملون لصالح Accenture، وطُلب منهم توقيع اتفاقيات عدم إفصاح موسعة. ولذلك تقريبًا كل المشرفين الذين التقتهم بروبوبليكا أصروا على عدم الإفصاح عن هويتهم. وامتنع متحدث باسم Accenture عن التعليق، محيلًا كل الأسئلة بشأن إشراف المحتوى إلى واتساب. أحد المراجعين يتذكر مقطع فيديو يصور رجلًا يلوح بنصل يحمل ما يبدو أنه رأس مقطوع: «علينا أن نشاهد ونقول، "هل هذه جثة حقيقية أم مزيفة؟"». يوضح التقرير أن البيانات غير المشفرة المتاحة للتدقيق واسعة، وتتضمن الأسماء وصور الحسابات لمجموعات واتساب، وكذلك أرقام الهواتف وصورة الحساب ورسالة الحالة ومستوى بطارية الهاتف واللغة ونطاق التوقيت، بالإضافة إلى رقم تعريف الهاتف وعنوان بروتوكول الإنترنت وقوة الإشارة اللاسلكية ونظام تشغيل الهاتف، وأي حسابات فيسبوك وإنستغرام متصلة، وآخر مرة جرى فيها استخدام التطبيق وأي تاريخ سابق لمخالفات. ينبغي على مشرفي واتساب إصدار أحكام موضوعية وحساسة ودقيقة، كما تظهر المقابلات والوثائق التي اطلعت عليها بروبوبليكا. فهم ينفذون فحصًا لنطاق واسع من الفئات، يتضمن «إبلاغ سخام»، و«خطاب كراهية سياسي وتضليل»، و«تهديد إرهابي عالمي محتمل»، و«صور استغلال أطفال» و«مواد إباحية تحتوي على أطفال». وهناك مجموعة أخرى من التصنيفات تعنى بتراسل ومسلك ملايين من الأعمال الصغيرة والكبيرة، التي تستخدم واتساب للمحادثة مع العملاء وبيع سلعها لهم. يقول المشرفون إن الإرشاد الذي يحصلون عليه من واتساب وشركة Accenture يعتمد على معايير يمكن أن تكون ملغزة ومؤذية بصريًا. فالقرارات بشأن الصورة الإباحية المسيئة مثلًا، يمكن أن تعتمد على تقدير ما إذا كان الطفل العاري في الصورة يبدو مراهقًا أم غير بالغ، بناء على مقارنة عظام الحوض وشعر العانة مع فهرس طبي. أحد المراجعين يتذكر مقطع فيديو يصور رجلًا يلوح بنصل يحمل ما يبدو أنه رأس مقطوع: «علينا أن نشاهد ونقول، "هل هذه جثة حقيقية أم مزيفة؟"». «خداع المستخدم» بشأن الخصوصية الشخصية الصورة: pixabay أصبح زوكربيرغ أحد أثرى الأشخاص على الكوكب باستخدام ما يصفه التقرير أنه توجُّه «رأسمالية المراقبة»، ويعرفها بأنها جمع واستغلال رزم من بيانات المستخدمين لبيع إعلانات رقمية موجهة. ويضيف التقرير أن سعي فيسبوك الحثيث للنمو والربح قد نجم عنه سلسلة من فضائح الخصوصية، والتي اتُّهم فيها بخداع المستخدمين والمشرعين. وعلى العكس، كما يشير التقرير، كان واتساب يعلم القليل عن مستخدميه بعيدًا عن أرقام هواتفهم، ولم يشارك أيًا من تلك المعلومات مع أطراف خارجية. لم يكن واتساب ينشر إعلانات، وكان مؤسساه جان كوم وبريان أكتون، وكلاهما من مهندسي ياهو، عدائيان نحوها. فكتبا في 2012: «في كل شركة تبيع إعلانات، هناك قدر معتبر من مهندسيها يقضون يومهم في تنقيب البيانات، ويكتبون أكوادًا أفضل لجمع بياناتك الشخصية، ويحدثون الخوادم التي تحوي كل البيانات، ويتأكدون من جمعها كلها وتقسيمها وشحنها»، مضيفان: «تذكر، عندما تكون هناك إعلانات فأنت، المستخدم، المنتَج». يلفت التقرير إلى أن زوكربيرغ تعهد في خطاب في 2014 بأنه سيترك واتساب «كما هو تمامًا»، مضيفًا: «قطًا لن نغير الخطط بشأن واتساب والطريقة التي يستخدم بها بيانات المستخدمين، واتساب سيعمل بشكل مستقل تمامًا». في إبريل 2016، أتم واتساب خطته الطويلة لتبني التشفير الطرفي، التي ساعدت على تثبيت التطبيق كمنصة تواصل مرموقة في 180 دولة، بما في ذلك الأماكن التي تكون فيها الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية باهظة للغاية. كما تحول المعارضون وفاضحو الفساد والصحفيون حول العالم إلى واتساب أيضًا للهروب من تنصت الحكومة. ورغم ذلك، فبعد أربعة أشهر، كشف واتساب أنه سيبدأ مشاركة بيانات المستخدمين مع فيسبوك، وهذا تحديدًا ما قال زوكربيرغ إنه لن يحدث، في خطوة مهدت الطريق إلى مجموعة من الخطط لجني الأرباح. يقول التقرير إنه حتى مع ترويج زوكربيرغ للالتزام الجديد بالخصوصية في 2019، فإنه لم يذكر أن الشركة من الواضح أنها تشارك أكثر من البيانات الوصفية لمستخدمي واتساب مع الشركة الأم وجهات إنفاذ القانون. ويوضح أن مصطلح البيانات الوصفية ( metadata ) يمكن أن يبدو مجردًا، كلمة تستدعي تقاطعًا بين النقد الأدبي والإحصاء. وباستخدام مصطلحات قديمة ما قبل رقمية، فالبيانات الوصفية هي معادل ما هو مكتوب على المظروف، أسماء وعناوين المرسل والمستقبل، وختم البريد الدال على مكان ووقت الإرسال، أما «المحتوى» فهو مكتوب في الخطاب بداخل الظرف. كذلك الحال مع رسائل واتساب: المحتوى محمي، لكن المظروف يكشف عددًا من التفاصيل المهمة (مثل وقت الختم وأرقام الهواتف والكثير والكثير). يلفت التقرير إلى أن من يعملون في مجال المعلومات والاستخبارات يفهمون كم يمكن أن تكون هذه المعلومات مهمة. لقد كانت البيانات الوصفية التي جمعتها وكالة الأمن القومي عن ملايين الأمريكيين غير المشتبه بهم، هي ما أطلق ضجة عالمية عندما كشفه موظف وكالة الأمن القومي السابق إدوارد سنودن. «البيانات الوصفية قطعًا تقول لك كل شيء عن حياة أحدهم»، كما قال ستيوارت بيكر المستشار العام لوكالة الأمن القومي. إذا كانت لديك البيانات الوصفية، فأنت في الحقيقة لا تحتاج إلى المحتوى. وفي معرض في جامعة جون هوبكنز عام 2014، ذهب الجنرال مايكل هايدن المدير السابق لكل من السي آي إيه ووكالة الأمن القومي، إلى ما هو أبعد من ذلك ، قائلًا: «نحن نقتل الأشخاص بناء على البيانات الوصفية». يشير التقرير إلى أن جهات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة استخدمت البيانات الوصفية لواتساب للمساعدة في سجن بعض الأشخاص. ووجدت بروبوبليكا أكثر من عشر وقائع طلبت فيها وزارة العدل طلبات مُحكمة للبيانات الوصفية من واتساب منذ 2017، وهذا يشكل شريحة فقط من إجمالي الطلبات، والتي يبقى الكثير منها بعيدًا عن أعين العامة بقرار المحكمة. فتح طريق لجني الأرباح يقول التقرير إن التضارب بين الخصوصية والأمن على المنصة المشفرة يبدو أنه يزداد حدة، مشيرًا إلى أن جهات إنفاذ القانون ودعاة حماية الطفل حثوا زوكربيرغ على التخلي عن خطته لتشفير كل منصات تراسل فيسبوك. في يونيو 2020، قدم ثلاثة شيوخ جمهوريين « قانون النفاذ الشرعي للبيانات المشفرة »، والذي من شأنه أن يطلب من شركات التكنولوجيا المساعدة في توفير نفاذ للمحتوى حتى المشفر، استجابة لمذكرات قضائية من جهات إنفاذ القانون. ومن ناحيته، قاضى واتساب مؤخرًا الحكومة الهندية لمنع طلبها أن يقدم التطبيق «قابلية للتبع»، وهي طريقة لمعرفة مرسل أي رسالة تكون محل اهتمام جهات إنفاذ القانون. ويعارض واتساب مطالب مماثلة في دول أخرى. يفيد التقرير أن المنصات المشفرة الأخرى تتخذ توجهًا مختلفًا في مراقبة مستخدميها عن واتساب، إذ لا يوظف سيغنال أي مراقبين للمحتوى، ويجمع بيانات أقل كثيرًا عن المستخدمين والمجموعات، ولا يسمح بالاسترجاع عبر السحابة، ويرفض بشكل عام مبدأ مراقبة المستخدم، ولا يقدم أي تقارير عن استغلال الأطفال إلى المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين. أما آبل، فيقول التقرير إنها تروج لالتزامها بالخصوصية كأحد المميزات الدعائية التجارية، مشيرة إلى أن نظام iMessages يعرض زر «إبلاغ» فقط لينبه الشركة إلى السخام المحتمل. وقد قدمت الشركة فقط بضعة مئات من التقارير السنوية للمركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين، كلها عبر مسح بريد الصادر، غير المشفر. يؤكد لويد ريتشاردسون مدير القسم التكنولوجي في المركز الكندي لحماية الطفل ، أن فيسبوك هو أكثر طرف يواجه شكوكًا بين كبرى المنصات التكنولوجية. «فكرة أنهم يفعلون ذلك للحماية الشخصية للأفراد سخيفة تمامًا"، كما يقول ريتشاردسون، مضيفًا: «أنت تثق في تطبيق مملوك ومكتوب من قبل فيسبوك ليفعل تمامًا ما يقولون. هل تثق في هذا الكيان ليفعل ذلك؟». وفي 2 سبتمبر، أعلنت السلطات الأيرلندية أنها غرمت واتساب 225 مليون يورو (نحو 267 مليون دولار)، للإخفاق في الكشف بصورة مناسبة عن كيف تشارك الشركة المعلومات مع منصات فيسبوك، ما لاقى معارضة من واتساب. وغرد إيلون ماسك : «استخدموا سيغنال»، وثار مستخدمو واتساب. ونتيجة لذلك، يقول التقرير إن فيسبوك أرجأ الطلب من المستخدمين للموافقة على تحديث السياسة لمدة ثلاثة أشهر. وفي تلك الأثناء، صارع لإقناع المستخدمين بأن التغيير لن يكون من شأنه التأثير على حمايات الخصوصية في التواصل الشخصي، في نسخة معدلة من تأكيده المعتاد: «واتساب لا يمكنه أن يرى رسائلك الخاصة أو سماع محادثاتك، ولا فيسبوك يمكنه ذلك». تمامًا كما كانت الرسالة عندما اشترت الشركة واتساب منذ سنوات، الرسالة كانت: ثق بنا.
مشاركة :