الملك عبد العزيز.. تأسيس مملكة وشموخ وطن

  • 9/23/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تقاس عظمة الإنسان بما قدمه لمجتمعه وأمته من إنجازات ومآثر يجعلها قادرة على تغيير واقعها وارتقاءها في سلم المجد تنافس الحضارات الأخرى، وحينما يكون ذلك الإنسان قائدًا يقدم حلولًا ثقافية، واجتماعية، واقتصادية، وسياسية تستشرف المستقبل حتماً تتحقق الرؤى والمعجزات.. هكذا هو عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي امتشق رؤيته السامية لتأسيس كيان يعيد فيه مجد آباءه وأجداده ويستنهض قيم ومبادئ أمته الإسلامية.. فحمل لواء العزم والإصرار بأربعين رجلًا دخلوا الرياض لتكون المعركة الفاصلة في التاريخ مترجمة لعراقة الانتماء وصدق العقيدة.. من أسرة عُرفت بالتدين والعدل وهما قاعدتان للحكم في بلاد المسلمين. دخل عبد العزيز الرياض ليلًا فأشرقت شمس الإصلاح على أرجائها.. ويعلن والده الإمام عبد الرحمن ابنه حاكمًا للرياض، ويأتي الناس من كل حدب وصوب لمبايعته.. وتتوالى الإنجازات لأن الصحراء قد أكسبته عزيمةً وإصراراً لخوض بحورها مع مثابرة، وتأنٍ، وحكمة، واقتدار، وشخصية استثنائية أبهرت كل من قابلها من زعماء العالم ومفكريه وإعلامييه. لقد حقق عبد العزيز أحلام الناس بحياة مستقرة ينعم فيها المجتمع بالعدل والرخاء والازدهار. لقد دانت له الجزيرة العربية كلها من وسطها وشرقها إلى غربها وشمالها وجنوبها. وفي تلك الرحلة الحضارية للتأسيس أذهل عبد العزيز العالم وخاصة الغربي الذي كان يعسكر في أطراف الجزيرة العربية بمطامع توقفت رهبة واحترامًا لهذه الشخصية العبقرية الفذة. ولعل أكثر الزعماء الذين أبهرهم الملك عبد العزيز الزعيم الأمريكي فرانكلين روزفلت الذي قدم لتوقيع اتفاقية التنقيب عن النفط عام 1933هـ للشركة الأمريكية لتبدأ رحلة الذهب الأسود ولتكون أساس انطلاق مشاريع تنموية ضخمة. وتهافت المفكرون، والعلماء، والإعلاميون يستقصون أخبار هذه الشخصية ويأخذون دروسًا وعبرًا في مدرسة عبد العزيز الذي كان بصفات أخلاقية أهلته لثقة الناس والمجتمع الدولي؛ نزاهته، وأمانته، وكرمه، وتواضعه وعطفه واحترامه لإنسانية الناس. ولعل من أجمل القصص التي رويت عنه – كما في كتاب الملك عبد العزيز رؤية عالمية – د. ساعد العرابي الحارثي: إن إعلامي كبير ورئيس تحرير مجلة أمريكية قد سافر مع وفد من أمريكا للقاهرة ومن ثم إلى جدة- حيث كان أول مطار في المملكة - ورتب الملك عبد العزيز للبعثة موكباً لكي تقل الوفد إلى الرياض العاصمة.. وحدث أن كان الملك عبد العزيز في سيارته الصالون التي انفجر إطارها فجلس على الرمال وإذا بأحد الرعاة يمر ممتطيًا جمله ويسأل عن عبد العزيز فهو لم يعرفه فقال له: وماذا تريد منه؟ قال كنت سأطلب منه بعض النقود.. وهنا تناول عبد العزيز قطع ذهبية من كيس وأعطاها للراعي فحملق الراعي في القطع الذهبية وقال: «عرفتك يا عبد العزيز» نعم عرفه من كرمه وتواضعه فكيف بملك يجلس على الرمال مع خدمه وهذا يدل على سماحة نفسه وطيب معشره.. لم يكن سهلًا توحيد شتات أكبر مملكة في الجزيرة العربية منذ عهد النبي صل الله عليه وسلم، ولكن فتح الرياض هو نصر من الله أضاف بعدًا استراتيجيًا لواقع المملكة ومفتاحًا للانتصارات التالية، التي بدأها عبد العزيز بمحاربة ثالوث الخطر( الجهل، والفقر، والمرض ) فبدأ ببسط الأمن، وضرب على أيدي قطاع الطرق، وعمل على توطين البدو الرحل؛ فالبدوي المرتحل لا يمكن تعليمه ما لم يستقر في حياته، فأعطى البدو أسباب الحضارة، ومنحهم حرفة الزارعة حول الواحات ليستوطنوا فيها ويقيموا حضارة الاستقرار والاستكفاء.. بل أوصل لهم الدعاة والمعلمين يعلمونهم أمور الدين، وكانت رحلة توطين البدو ذات أهداف سياسية، وعسكرية، واجتماعية؛ فهؤلاء عضده في قهر خصومه، فاتخذ الشريعة الإسلامية دستورًا للأمة والقرآن منهج حياة وعمل على تحويل التطرف الكامن في بعض عناصره إلى برنامج إصلاحي ليكون الناس (بنعمة الله إخوانًا) وقضى على كافة أشكال العنصرية القبلية والأخذ بالثأر وغيرها من المظاهر التي كانت تراق فيها دماء بريئة..!! وتتوالى الإنجازات وتتحول أكواخ القش التي سكنها العمال في المنطقة الشرقية إلى مساكن ومشاريع على أعلى مستويات الحضارة... ويدخل مكة فاتحًا فيستقبله أهلها بالتهليل والتكبير ويعطيهم العهد بالأمن والأمان وتبايعه كل دول العالم الإسلامي ودول الشرق والغرب. وفي مدرسة عبد العزيز نشأ أبناؤه البررة، فكان لهم القدوة والأنموذج علمًا وخلقًا وأدبًا.. تحلو بفضائل الدين، وحفظ القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة وطبقوها في قيادة الدولة فبايعهم الناس على السمع والطاعة واحدًا تلو الآخر: الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله.. لتصل الدولة السعودية لعهد سلمان الحزم والعزم وتنافس أعتى الحضارات تقدمًا، فتقدم للمواطن الصحة والتعليم المجاني والأمن الاجتماعي والاقتصادي.. وتُنشأ مشاريع اقتصادية أوصلتها لتكون عضوًا في مجموعة العشرين.. بل تساهم في حل مشكلات وتحديات العالم وتتزعم قمة العشرين في 2020م. نعم المملكة بدأت برؤية عبد العزيز ووصلت إلى رؤية 2030م يقودها سلمان بن عبد العزيز وعرابها ومهندسها محمد بن سلمان.. فهنيئًا لنا بمملكة ستبقى بإذن الله لنا دارًا.

مشاركة :